الرجوع إلى الذنب بعد التوبة
2002-06-08 04:44:57 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الإخوة الأعزاء! السلام عليكم ورحمة الله.
وبعد:
أسألكم لأني أعاني مما في قلبي، لقد كنت ممن لا يرضى عنهم الله، حيث إني كنت مذنباً، ولكني تبت والحمد لله رب العالمين علي يد أشرطة الأستاذ عمرو خالد (إصلاح القلوب)، ولكن هناك شيئا في نفسي، حيث إني دائماً أخاف من الرجوع إلى الذنب الذي كنت عليه، والخوف يولد الهزيمه كما يقولون، لذلك أرجع دائماً إلى الذنب، وأخاف أن أعود إليه مرة أخرى ثم أعود، وهكذا.
أرجوكم أنا مذنب خائف دائماً، ماذا أفعل في رأيكم يا أعزائي؟ ما السبب في الخوف، وما الحل؟ هل الذنوب الكبيرة التي فعلتها أم ماذا؟
أرجو الرد في أقرب وقت.
وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بلال حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أسأل الله تعالى أن يثبتنا وإياك على الحق، وأن يغفر لنا ولجميع المسلمين، وأن يتجاوز عنا برحمته وعفوه وفضله وبره وإحسانه، إنه جواد كريم.
واعلم أخي أن ما أنت فيه نوع من الضعف الذي لا يليق بمسلم مثلك أن يكون عليه، لأنك بذلك تدفع بنفسك إلى حبائل الشيطان، وتحوِّلها إلى ألعوبة يلعب بها، وهو لا يريد لك الهداية أبداً، فعليك أخي! بترك الخوف، والإصرار على الاستقامة، وأن تحذر نفسك من غضب الله وعقابه، وهب أن الموت جاءك الآن وأنت ما زالت على المعصية، فما هو حالك يا ترى في قبرك وعند لقاء ربك؟ وإلى متى ستسوِّف أيها الحبيب الغالي؟
من الآن أعقد العزم على عدم العودة إلى المعاصي مهما كانت الدوافع.
وعليك أولاً: بالدعاء والإلحاح أن يقبلك الله في عباده التائبين.
وعليك ثانياً: بتغيير الصحبة إن كانت لها علاقة بتلك المعاصي.
وعليك ثالثاً: بمجالسة الصالحين الذين بهم يزداد الإيمان في قلبك.
وعليك رابعاً: بترك الأماكن أو الأشخاص الذين تتذكر بهم معصيتك، أو يعينوك عليها، وتذكر دائماً أن الله حليم لا يعجل، وأنه يملى للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، والله الله في صلاة الجماعة وورد القرآن، وأذكار الصباح والمساء، ومجالس العلم، وحلق الذكر، فأصحابها هم القوم لا يشقى بهم جليسهم.
مع دعواتي لك بالتوفيق والثبات وقبول التوبة، إنه جواد كريم.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------انتهت إجابة الشيخ: موافي عزب، وتليها إجابة المستشار النفسي محمد عبد العليم.
----------------------------------------------------------------------------------------------------------------------------
نشكرك أيها الاخ العزيز على رسالتك، والتي حملت فيها كثيراً على ذاتك، ونعت نفسك بأنك ممن لا يرضى عنهم الله، حيث كنت مذنباً.
من الواضح أنك قصدت أنك تقوم بأعمال لا يرضى عنها الله، حيث إن رحمة الله ورضائه يشمل به من يشاء، وفي هذا السياق أنصحك بالالتقاء بأحد الإخوة الفقهاء؛ ليفيدك أكثر في هذا الأمر، ويطلعك بتمعن ودقة على شروط التوبة والتي أرجو أن يكون شعورك بالذنب تعني به الندم على ما اقترفته من ذنوب وخطايا، حيث ان ذلك من شروط التوبة الصحيحة.
أما فيما ذكرته بأنك ترجع دائماً إلى الذنب فهذا بلا شك يتناقض مع خوفك من الوقوع في الذنوب كما ذكرت، وعليه لابد أن تراجع نفسك في هذه الجزئية الهامة، أما فيما يخص ماذا يمكن أن تفعله وما السبب في الخوف وما هو الحل فأقول لك: إن المخاوف بصفة عامة منتشرة جداً بين الناس، وهي تتفاوت في حدتها وشدتها من شخص لآخر، وإذا كانت المخاوف بنسبة معقولة فلا بأس بها؛ لأنها تعتبر من متطلبات الصحة النفسية السليمة، ولكن إذا زادت عن الحد أو كانت لا تتناسب مع الموقف فإنها تصبح مخاوف مرضية، وفي حالة المخاوف المرضية يبتعد الإنسان دائماً عن مصدر الخوف، ما عدا الخوف من الله تعالى فإنه يقربنا إليه، وعليه أرى أن خوفك لا يعتبر أمراً مرضياً، وعليك أن تقرنه بالأمل والرجاء، بشرط أن لا ترجع إلى ما ذكرته من رجوعك إلى الذنب.
ربما ألاحظ أنه ربما يكون لديك بعض عدم القدرة على التعبير عن وجدانك ومشاعرك، مما يترتب عليه تراكمات تشعرك بالذنب في وقت لاحق، وعليه من الضروري أن تعبر عن انفعالاتك في وقتها، كما أني أنصحك بأن تحاول توجيه طاقاتك النفسية بصورة صحيحة، وذلك بعدم الرجوع إلى الماضي كثيراً، إلا بغرض الاستفادة منه، وأن تعيش حاضرك بقوة وعزيمة، ومستقبلك بأمل ورجاء. وما تشعر به من خوف ربما يكون أيضاً مرده إلى نوع من الاستعداد الفطري في شخصيتك، يتمثل في تضخيم وتجسيم الأمور، خاصة ذات الطابع الوجداني.
كنت أتمنى ان أعرف المكان الذي تقيم فيه؛ حتى أوجهك لمقابلة أحد الاخوة الأطباء النفسيين الموثوق بهم؛ ليعمل لك بعض الجلسات النفسية، والتي سوف تساعدك كثيراً بإذن الله، كما أوصيك أيضاً بمجالسة العلماء والفقهاء، ومحاولة تفريغ ما في ذاتك، خاصة مشاعرك المتعلقة بالشعور بالذنب.
وأخيراً لك تحياتنا، ولا تنس أن كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون.