سوء مزاج الزوجة وقلة احترامها لزوجها وكيفية التعامل معها
2009-10-21 12:10:00 | إسلام ويب
السؤال:
أنا متزوج من زوجتي منذ عقد من الزمن، غرني جمال وجهها وحلاوة كلامها فتزوجتها، ومن اللحظة الأولى فوجئت بأنها عدوانية المزاج بذيئة اللسان جداً، لا تعرف معنى الزوجية والاحترام الذي كان من المفروض أن يكون بيننا، اكتشفت -قدراً- اتصالاتها بأخواتها وهي تغتابني وتهينني.
قررت الطلاق ولكن الله قدر أن يكون بيننا أولاد أربعة، ومن أجلهم تركت الطلاق وبنيت لها بيتاً، ووفرت كل إمكانيتي لها ولأولادي ولكنها ما زالت كما هي، وصبري عليها من أجل أولادي تعتبره ضعفاً ربما في شخصيتي، وفعلاً قررت الابتعاد عنها من البيت لأقضي أكثر أوقاتي في المكتب ثم قررت الابتعاد عنها جنسياً لأن جسمي يرفض الاقتراب منها، وذكري لا ينتصب لها بسبب كراهيتي المدفونة وأزمة سكوتي المطبق في البيت يقلق أولادي، وأنا خائف من أن ينعكس هذا على نفسيتهم، فماذا أفعل؟!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا الترحيب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله جل جلاله بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يفرج كربتك، وأن يقضي حاجتك، وأن يصلح لك زوجك، وأن يصلح ما بينك وبينها، وأن يعينك على تربية أولادك تربية طيبة مباركة، وأن يُذهب عنكم كيد شياطين الإنس والجن.
بخصوص ما ورد برسالتك، فإنه ومما لا شك فيه أن مثل هذه الصفات صفات مزعجة، وأن الرجل قد يتأذى من مثل هذه الصفات البذيئة التي تجعل الحياة الزوجية في مهب الريح، وتعصف بكل القيم الأخرى إن وُجدت كقيمة الجمال أو عذوبة الكلام وغير ذلك، وأعتقد أن امرأتك هذه ضحية تربية قاصرة منذ نعومة أظفارها، ولذلك عجزت أن تحقق الدور المطلوب أو أن تقوم بما ينبغي أن تكون عليه المرأة المسلمة الفاضلة، مما ترتب عليه أنك قررت الطلاق، ولكن شاء الله تعالى أن يكون أبناؤك مانعاً من تحقيق هذه الرغبة، إلا أنك بدأت في نوع من الهجر الشديد، حيث قررت الابتعاد عن البيت لتقضي أكثر الأوقات بعيداً عنه، ثم قررت الابتعاد الجنسي، وقررت السكوت المطبق أيضاً في البيت، وهذه كلها أرى أنها عقوبات صارمة وعقوبات شديدة، وكأنك لم تدع باباً للتفاهم أو الحوار بينكما، وبالتالي فإن هذا ليس بالعلاج الحازم أو الجازم أو النافع أو المفيد.
نعم هو علاج مريح ولكنه كالقنبلة الموقوتة؛ لأن الضحايا لن تكون أنت ولن تكون هي بينما أبناؤكما هم الذين سيكونون الضحايا.
أتمنى أن تحاول أن تتحدث مع أبنائك، ولو أن تأخذهم مثلاً بعيداً عن البيت مرة كل أسبوع أو مرتين في الأسبوع لتخرج معهم إلى مكان عام تتكلم معهم وتتحدث إليهم، فإذا ما سألوك عن هذا الصمت المطبق في البيت تقول لهم: (هناك مشكلة بيني وبين الوالدة وعمّا قريب ستحل إن شاء الله تعالى) ولا تجعل الأولاد يشعرون بأن هناك اضطراباً، يقولون: ما هي المشكلة؟ قل لهم: (مشكلة بسيطة تحدث في معظم البيوت، ولذلك نحن نعالجها، هذا السكوت الذي ترونه هو نوع من العلاج، وإن شاء الله تعالى ستستقيم الأمور بعد ذلك).
قد يكون هذا هو الطريق؛ لأن الأبناء سيدفعون ثمن هذه الأشياء شئت أنت أم أبيت، ونحن لا نريد أن نجعل أبناءنا ضحايا كما أن أمهم ضحية أيضاً لتربية لم تكن موفقة، فلا نريد أن نزيد الضحايا ضحية، وإنما نريد أن نخرج من هذه بأقل قدر ممكن من الخسائر، ولن يكون ذلك إلا بالتواصل مع الأبناء حتى لا يشعروا الأبناء ببعدك عنهم. هذه مسألة مهمة جدّاً.
اجتهد في هذا الأمر وتواصل مع الأولاد، وأشعرهم بأن المسألة مسألة وقت، وأنه عما قريب ستحل المشكلة، وإذا ما سألوك عن أمهم فقل لهم بأنها سيدة فاضلة، ولا تحاول أن تشوه صورة أمهم أمامهم من باب الانتقام منها، لأنك بذلك ستفقدهم وتفقدها معهم، ولذلك أتمنى أن لا يكون الخلاف بينك وبينها على حساب أبنائك، وإنما قل لهم (خلاف بيني وبين أمكم وأمكم امرأة فيها خير، ولكن نحن نعالج الأمر بهدوء وبروية، وأنا ما آثرت الصمت والابتعاد عن البيت إلا لكي نعالج الأمر).
ثم بعد ذلك أتمنى إذا فتحت امرأتك أي باب للحوار ألا تغلقه؛ لأنه في جميع الأحوال قد لا يكون هناك لقاء جنسي وقد لا يكون هناك فراش مشترك، ولكن على الأقل هناك مصالح مشتركة، فأبناؤك الآن في حاجة إليك وإلى أمهم، ولا يمكن أن يتم الاستغناء أبداً لا عنك ولا أمهم بالنسبة لهم، فأنا أتمنى إذا ما فتحت زوجتك باباً من باب الحوار ألا تغلقه؛ لأن صلاحها صلاح لك ولأولادك، ولأن الصلح خير كما قال الله تبارك وتعالى في قوله: ((وَالصُّلْحُ خَيْرٌ وَأُحْضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ وَإِنْ تُحْسِنُوا وَتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرًا))[النساء:128].
بما أنك في قطر فإني أنصحك بارك الله فيك بقراءة كتاب (ويبقى الحب ما بقي الحوار) وكتاب (افتحوا نوافذ الحب للحوار) لمؤلفه (محمد عبد الجواد) يُباع في مكتبة جرير، وكذلك أيضاً كتاب (كيف نحول المشاجرة بين الزوجين إلى لغة تفاهم)، وهذا كتاب مترجم إلى العربية، ترجمه رجل يسمى (عبد الحميد سلطاني)، وهو إصدار مكتبة العبيكان.
اقرأ هذه الكتب الثلاثة، هي كتيبات بسيطة لن يستغرق الكتاب منك يوماً أو يومين، ومن خلاله ستتعلم مهارات رائعة نحن في حاجة أن نتعلمها حتى نستطيع أن نتواصل معاً، وحتى نستطيع أن نكسر هذه الحواجز، وأن تحتوي زوجتك، لأنها ضحية تربية غير مرشّدة وغير موفّقة، ولن يستطيع أن يصلحها إلا بتوفيق الله جل وعلا.
اقرأ هذه الكتب، وهي كتب سهلة ومتوفرة في مكتبة جرير بالدوحة، تستطيع إن قرأتها إن شاء الله تعالى أن تفتح نوافذ للحوار بينك وبينها، وأن تكون طبيبها الخاص الذي ينتشلها من هذه الأمراض السيئة، ويجعلها امرأة فاضلة وامرأة صالحة وامرأة موفقة بمعنى الكلمة، وتكون بذلك هذه حسنة من حسناتك، ثم بعد ذلك ستسعد أنت بهذا التغير ويسعد أبناؤك معكم، وتعود المياه إلى مجاريها، وترفرف السعادة على حياتكم إلى أن تلقوا الله تبارك وتعالى.
أوصيك بالدعاء لها والاجتهاد في الدعاء أن يصلحها الله؛ لأن صلاحها إنما هو صلاح لك ولأبنائك، وأكثر من الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام، بنية أن يُصلحها الله، وأنا واثق إن شاء الله أنك ستنجح في هذه المهمة؛ لأن عرضك للمشكلة يدل على رجاحة عقلك، وكونك تركت الطلاق حفاظاً على أولادك هذا يدل أيضاً على رجاحة عقلك وعلى تركيزك الواضح البين وعلى حرصك على تحمل مسئولياتك التاريخية أمام أبنائك، نسأل الله تبارك وتعالى أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يصلح ما بينك وبين زوجك، وأن يعينك وإياها على تربية أبنائكما تربية طيبة مباركة، وأن يصلح ذات بينكم وأن يؤلف بين قلوبكم.
وبالله التوفيق.