القولون العصبي والحالة النفسية وعلاقتهما بحالات الصداع
2009-02-01 12:41:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم أنا أعاني من صداع ألم بي منذ سنة، وعملت كل الفحوصات لكن الحمد لله سليم.
إلا أني عانيت قبله من القولون العصبي، وسبب لي حالة نفسية لا تطاق، والآن نسيت القولون من شدة الصداع الذي يأتيني! مع العلم أني أعاني حالة نفسية صعبة في بعض الأحيان من تقلب في المزاج والتفكير في كافة الأمراض، مرة يدي توجعني ومرة رجلي، مع العلم أني راجعت دكتوراً نفسياً، وتتحسن حالتي عند أخذ العلاج لكن لما أوقفه تسوء حالتي! وأحس بعدم توازن في الجسم، وخوف شديد بعض الأحيان.
لكن عندما أسافر تتغير حالتي ولا أشتكي أي شيء ولله الحمد، مع العلم أني أعمل خارج بلدي، ومن شدة العمل أتوتر، وإذا رجعت إلى بلدي أرتاح قليلاً، وبعده تعاودني الوساوس والهموم، أرجو أن ترشدوني إلى شيءٍ يخفف عني.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ الباسل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
إن حالتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة، وهي مثال واضح على ما نسميه بالحالات (النفسوجسدية)، وبهذا نعني أنه في الأصل توجد أعراض نفسية لدى الإنسان وهذه الأعراض هي في صورة قلق نفسي، وهذا النوع من القلق نسميه بالقلق المقنع أو الداخلي، ويتأتى من هذا القلق النفسي أعراض جسدية كثيرة، وأشارت الأبحاث أن أكثر أعضاء الجسم التي تتأثر هي العضلات الخارجية ومن أهم هذه العضلات عضلة فروة الرأس، فهي عضلة كبيرة جدّاً ممتدة من الرقبة وتغطي كل الرأس ويحدث فيها انشداد وانقباض، وهذا الانقباض يؤدي إلى ظهور الصداع، كما أن عضلات الجهاز الهضمي الداخلية تتأثر كثيراً، لذا نعرف ما يسمى بـ(القولون العصبي) شائع جدّاً بين الناس.
والبعض أيضاً قد يشتكي من آلام عضلية مختلفة، قد يكون الألم متمركزا في منطقة أسفل الظهر؛ لأن هذه العضلة أيضاً قابلة للانقباض بكثرة.
ولا شك أن القلق كمكون نفسي أساسي وبعد أن تظهر هذه الأعراض من آلام جسدية مختلفة تؤدي إلى أن يُصبح الإنسان أكثر انشغالاً بصحته، لا أود أن أستعمل كلمة (التوهم المرضي) لأنها غير صحيحة، إنما هو نوع من الانشغال العصابي أو الانشغال النفسي يؤدي إلى كثرة التردد على الأطباء وكثرة الشكاوى والعلل العضوية البسيطة....هذا هو التفسير لحالتك.
أما فيما يتعلق بتقلب حالتك واختلافها حسب الزمان والمكان، فهذا شيء معروف ومثبت في الطب النفسي، وهو أن الحالات النفسية قد تزداد وقد تنقص حسب الظروف التي تحيط بالشخص، فأنت من الواضح أنك تكون في حالة ارتياح وانشراح وهدوء نفسي حين تكون في بلدك، وهذا شيء طبيعي جدّاً، وكذلك تتغير أحوالك في أوقات السفر.
فهذه حقيقة علمية ثابتة، وفي نظري يجب أن يكون هذا مشجعاً ومطمئناً لك لأنه دليل قوي وقاطع على أن الحالة ليست حالة عضوية؛ لأن المرض العضوي لا يتقيد بالزمان والمكان والجغرافيا، بل يكون دائماً على نفس وضعه.
وهذا أيضاً يشير أن الإنسان حين يعاني من حالة نفسية يجب أن يهيئ لنفسه الظروف التي يحس فيها أنه أكثر ارتياحاً، ويعتمد هذا على الشخص نفسه؛ لأن الإنسان هنا فعلاً هو طبيب نفسه، يعرف ما يريحه نفسياً ويعرف ما يمكن أن يعكر مزاجه حتى يتجنبه.
بالنسبة للعلاج أولاً: أنت الحمد لله الآن من المفترض أن تكون قد تفهمت حالتك بعد هذا الشرح، فهي حالة بسيطة وهي أساساً نوع من القلق النفسي الذي أدى إلى الأعراض النفسوجسدية، وهو ليس مرضاً ذهانياً وليس مرضاً عقلياً، ولا أعتقد أنه حالة اكتئاب شديدة ومطبقة. نعم أنت تصاب أحياناً بنوع من الكدر والضيقة، ولكن هذا كجزء من القلق النفسي.
ثانياً: من المهم والضروري جدّاً ألا تتردد كثيراً على الأطباء، لا أنصحك أبداً بأن تتنقل من طبيب إلى طبيب؛ لأن هذا قد ينتقل بك إلى نوع من التوهم المرضي، لكن لا أقول لك مطلقاً أن تحرم نفسك من المتابعة الطبية فهذا ضروري، ولكن هذا يرتب عن طريق أن تذهب إلى طبيب الأسرة مرة واحدة كل ستة أشهر مثلاً ليقوم بإجراء الفحص العام للضغط والسكر ووظائف الكبد ووظائف الكلى، وهذه معروفة لدى الأطباء، وبهذا سوف تكون مطمئناً وفي نفس الوقت يجعلك لا تتردد على الأطباء.
ثالثاً: اجعل تفكيرك إيجابياً دائماً، كن متفائلاً، تذكر الأشياء الجميلة في حياتك، حين تقارن نفسك بكثير من الناس سوف تجد أنك الحمد لله بخير وأنك أفضل من الكثيرين. لا تدع للتشاؤم طريقاً إلى نفسك وإلى تفكيرك وإلى مزاجك.. هذا مهم.
رابعاً: ننصحك كثيراً بأن تمارس أي نوع ممكن من الرياضة، رياضة المشي أو الجري أو كرة القدم مفيدة جدّاً؛ لأنها تمتص كل الطاقات النفسية السلبية وتقلل من القلق وتؤدي إلى الراحة والاسترخاء النفسي، وإن شاء الله تؤدي تماماً إلى زوال هذه الأعراض الجسدية.
خامساً: أود أن أصف لك بعض الأدوية التي هي - بإذن الله تعالى – سوف تكون مفيدة جدّا لحالتك. الدواء الذي أود منك تناوله يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline)، ابدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك عدل الجرعة لتصبح حبة واحدة كل يومين لمدة شهرين، ثم توقف عن الدواء.
وبجانب الزولفت هنالك دواء آخر مضاد للقلق وهو يساعد في فعالية الزولفت، هذا العقار يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويعرف علمياً باسم (سلبرايد Sulipride)، والجرعة المطلوبة في حالتك هي أن تتناوله بجرعة خمسين مليجراماً في الصباح وخمسين مليجراماً ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً في اليوم لمدة ثلاثة أشهر أخرى، ثم تتوقف عن تتناوله.
أرجو أن تتبع الإرشادات التي ذكرتها لك، وأؤكد لك تماماً أن حالتك - إن شاء الله تعالى – بسيطة جدّاً، وبالتفاؤل والتفكير الإيجابي وممارسة الرياضة وعدم التردد على الأطباء وتناول العلاج بالصورة التي ذكرتها لك سوف تحس أن صحتك أصبحت جيدة وممتازة جدّاً، ولا تنس أن تُكثر من الدعاء وأن تسأل الله أن يشفيك ويعافيك، ونسأل الله تعالى لك ذلك.
وبالله التوفيق.