أعيش مع أم زوجي ولا أحب خدمتها، ما الحل؟
2009-01-22 08:50:19 | إسلام ويب
السؤال:
أنا امرأة متزوجة، وعندي طفلان، وأعيش أنا وأختي عند حماتي، ولا أحب أن أخدم حماتي؛ لأن طلباتها بإلحاح، وأنا أكره هذا الأسلوب؛ لذلك أنفر منها.
أنا عصبية، وزوجي يعرف أنني لا أتحملها، وعندها شيء يضايقني، أن عندها لا مبالاة، وأختي تخدمها وتعطيها ما تريده، وإذا غلطت معها بشيء تعمل لها مشكلة مع زوجها على أتفه الأسباب! ولا أعرف ما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ غيداء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - تبارك وتعالى - أن يبارك فيك وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم، وأن يوسع صدرك وأن ييسر أمرك، وأن يرزقك الحلم والأناة، وأن يجعلك بارة بزوجك وبأمه، وأن يبارك فيكم أجمعين.
بخصوص ما ورد برسالتك - أختي الكريمة الفاضلة – أنك مع أختك تعيشان في بيت واحد، حيث إنه يبدو أنكما قد تزوجتما معاً بأخوين، ولا تحبين خدمة حماتك لأن طلباتها – كما ذكرت – بإلحاح وأنت تكرهين هذا الأسلوب ولذلك تنفرين منها، وأنت عصبية وزوجك يعرف ذلك، وأنت لا تتحملينها – كما ورد برسالتك - .
أحب أن أقول لك - أختي الكريمة الفاضلة -: إن تغيير سلوك حماتك قد يكون من الأمر الصعب جدّاً، لأنها قطعاً أكبر منك سنّاً، وبالتالي لقد نشأت حياتها كلها وهي على هذا الحال، ومن الصعب علينا أن نقول لها تغيري أنت، في حين أنت شخصياً - أختي – لست على استعداد أن تغيري من أسلوبك.
المنطق والعقل يقتضي أن الصغير هو الذي يحترم الكبير وأن الصغير هو الذي يصبر على الكبير؛ لأن الكبير قطعاً مضت عليه فترة أطول وهو يسلك هذا المسلك ويتصرف هذه الطريقة وقد يكون من الصعوبة بمكان أن يغيرها حتى يُرضي مزاج أو رغبة الإنسان الذي هو أصغر منه، ولذلك حقيقة إذا أردنا أن نحل المشكلة فإن الحل عندك شخصياً، في المقام الأول لو أننا أردنا أن نحل تبدأ النقطة الأولى:
ما رأيك لو كانت والدتك – حفظها الله تعالى – تملك نفس الصفات التي تملكها حماتك، كيف كنتِ ستعاملينها إذا كانت بهذه الطريقة؟ هل يا تُرى كنتِ ستنفرين منها؟ وكنتِ ستكونين عصبية معها؟ وكنت لم تلبي لها طلباتها؟ قطعاً أنت ستقولين لا، فلماذا لم تجعلي حماتك في مقام أمك، لو أنك فعلت ذلك - أختي الكريمة غيداء – لهان الأمر عليك جدّاً، لو اعتبرت أن هذه أمك وصبرت عليها كما كنت ستصبرين على أمك وتواضعت لها كما كنت ستتواضعين لأمك – حفظها الله – أعتقد أننا سنحل هذه المشكلة - بإذن الله تعالى -.
ثانياً: فيما يتعلق بقضية الإلحاح، فمن الممكن أن تُنصح في ذلك، وأنا أعتقد أنها كبيرة السن حتى إن قضية النصح لن تُجدي معها كثيراً، ولكن أقول من الممكن أن تبينوا لها بأن هذا الإلحاح الشديد قد يسبب إزعاجاً، ولذلك قولي لها: (أتمنى - بارك الله فيك – إذا كانت لك رغبة في حاجة ألا تلحي وأنا سوف ألبيها لك فوراً)، ويتعين عليك في هذه الحالة أنها إن طلبت شيئاً أن تلبيه لها بسرعة، أو تردي عليها أيضاً بسرعة، حتى لا تكرر الطلب مرة أخرى.
أنت الآن تقولين بأنك تنزعجين من تكرار الطلب، إذن المطلوب حلاً لهذا الموضوع أنها إن طلبت شيئاً أن تردي عليها بسرعة، حتى لا تطلبين الطلب أكثر من مرة، تتفقون معها – بارك الله فيك – على أن تطلب الطلب مرة واحدة فقط، وأنت أيضاً يلزمك ويلزم أختك ومن يتعامل مع حماتك أنه يبين لها الأمر، إذا كانت إجابة الطلب ممكنة أن تُحضروا لها الطلب في أسرع وقت.
إذا كان الطلب غير موجود فلا بد أن تبينوا لها بأن هذا الطلب سوف يتم - إن شاء الله تعالى – الاستجابة له بعد مثلاً ساعة أو بعد ساعتين، أو أنه لا يمكن الاستجابة له للظروف أو كذا، المهم أن تبينوا لها أولاً بأول، لأني أعتقد أنها لعلها تلح وتكثر الإلحاح وذلك نتيجة أنكم لا تلبون طلبها بمجرد ما تطلب، وهي تعتبر أن من حقها عليكم إجابة طلبها فوراً؛ لأنها الآن هي صاحبة المنزل وهي الكبيرة في السن وهي المسئولة عن هذا البيت كله.
أنت وأختك في مقام بناتها، وزوجك وزوج أختك إنما هم أبناؤها، فهي تتصرف في بيتها كما لو كانت صاحبة البيت، وهذا شرعاً حقها، وهذا أيضاً هدية منزلتها، فأنتم جميعاً أبناؤها وعلى الأبناء أن يحسنوا إلى أمهم وإلى أبيهم قدر الاستطاعة، ولذلك أنا أقول:
أتمنى أن تنزليها منزلة والدتك وأن تنظري كيف كنتِ ستتعاملين مع أمك إذا كانت تحمل هذه الصفات.
أما فيما يتعلق بأنك تنزعجين من الإلحاح فكما ذكرتُ أيضاً عليك أن تلبي الطلبات أولاً بأول، وأن تتفقوا معها على أن تطلب الطلب مرة واحدة، وأن تقوموا أنتم بالتلبية في أسرع وقت أو بيان الحقيقة حتى لا تكرر الطلب مرة ثانية، بما أنك تكرهين هذا الأسلوب ولذلك تنفرين منها.
أما كونك عصبية وزوجك يعرف ذلك فهذا حقيقة أمر من الممكن التخلص منه، لماذا أنت عصبية؟ قد تكون هذه أيضاً عوامل وراثية، قد تكون ظروفا نفسية قديمة، ولكن أيضاً من الممكن أن يتم تغييرها، وهناك مهارات وتدريبات من الممكن أن تتدربي عليها حتى تتخلصي من هذه العصبية؛ لأن العصبية عادة هي التي تؤدي إلى المشاكل التي قد لا تنتهي، فقد تكون مشاكل مع الزوج وقد تأتي مشاكل مع الأولاد مستقبلاً، وبالتالي ستكون المشاكل مع حماتك وقد تكون مع غير ذلك، وقد تخرج منك عبارات أنت لا تقصدينها ولا تريدين معناها ولكنها تخرج بنفسها من فمك؛ لأن الشيطان يُخرج هذه الكلمات حتى يُفسد ما بينك وما بين زوجك أو ما بين حماتك أو غير ذلك، ولذلك أنا أوصيك – بارك الله فيك – بوصية النبي - عليه الصلاة والسلام - : (لا تغضب، لا تغضب، لا تغضب)، ويمكنك أن تجتهدي قدر الاستطاعة إذا ما شعرت بأنك ستغضبين وأنه سترتفع عندك نبرة الصوت وقد تتعرضي لضغط نفسي يؤدي إلى التعصب أن تتركي مثلاً الغرفة التي أنت بها وتخرجي إلى غرفة أخرى.
إذا كان زوجك مثلاً يتكلم استأذنيه وانصرفي بعيداً في مكان آخر، وإذا كان أحد يتكلم معك غير زوجك تحاولي أن تنسحبي من المكان بهدوء ولا تتكلمي، وتكثري فقط من (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أعوذ بالله من الشيطان الرجيم)، ومع تكرار هذا الأمر سوف تتخلصين من هذه العصبية - بإذن الله تعالى - .
أيضاً من الممكن إذا كان بمقدورك أن تتوضئي في نفس الوقت قبل أن تنفعلي هذا الانفعال الشديد فإن النبي عليه الصلاة والسلام أخبر أن هذه العصبية من الشيطان وأن الذي يطفئها إنما هو ماء الوضوء.
أختك جزاها الله خيراً تحرص على أن تقدم لحماتها ما تريد وتعمل لها أي شيء، وقطعاً بلا شك هذا أيضاً تعويض لك أنت، فإن خدمة أختك لحماتك معناه أن العبء كله عليها وأنت ليس عليك عبء كبير، لذا أقول: الحمد لله أن الله أكرمك بذلك، وهذه نعمة عظيمة أسأل الله تعالى أن يبارك فيكم جميعاً وأن يجعل ذلك - إن شاء الله تعالى – في موازين حسناتكم أجمعين.
أقول أيضاً: أتمنى أن تحاولي أن تخففي من هذه الحدة وأن تكوني أنت البادئة بالتنازل، لأننا لا نستطيع حقيقة أن نقول لحماتك تنازلي أو نقول لها غيري وأنت لا تغيرين، وإنما نقول لك أنت التي تستطيعين أن تغري، وعليك بالدعاء بارك الله فيك وحاولي التلطف معها قدر الاستطاعة وأن تنزليها منزلة والدتك، وأنا واثق أنك ستنجحين - بإذن الله تعالى - .
أسأل الله لكم التوفيق والسداد، وأسأله تبارك وتعالى أن يشرح صدرك للذي هو خير، وأن يجعل زوجك أيضاً عوناً لك على طاعته، وأن يجعلك أنت كذلك عوناً لحماتك على طاعة الله تعالى، وأوصيك الصبر الصبر الصبر، والدعاء والدعاء والدعاء، وأن تنزلي حماتك منزلة أمك وأن تعامليها كذلك، وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – أنك سوف تتخلصين من هذه السلبية وسوف تكون حياتك مستقرة - بإذن الله تعالى – خصوصاً وأن أختك تحمل عنك عبئاً ثقيلاً في خدمة حماتك.
هذا وبالله التوفيق.