الخوف من الوقوف في الأماكن المرتفعة والسبيل إلى التخلص منه
2009-07-08 10:28:49 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا مهندس مدني، أعاني من مشكلة تؤرقني منذ تخرجي لم أستطع التخلص منها، وهي أني أخاف من الوقوف في الأماكن المرتفعة والصعود على الدرج قيد التنفيذ، وهذا الأمر يحد من تطوري المهني وتطوري المادي، الأمر الذي أثار أسئلة من حولي، فما الحلول العملية التي تجعلني أتخلص من ذلك الخوف؟!
وجزيتم خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ MUNTHER حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذه الحالة التي تعاني منها تعرف بالمخاوف البسيطة، وهي غالباً تكون مكتسبة، بمعنى أنك ربما تكون مررت بتجربة أو خبرة سابقة تعرضت فيها للخوف وأنت في أحد الأماكن المرتفعة، ومما يؤكده علم النفس السلوكي أن كل شيء مكتسب أو متعلم يمكن أن يُفقد، وذلك عن طريق التعلم المضاد أو عن طريق التجاهل، وهذا المبدأ يقوم أيضاً على ما يعرف بالتعريض مع منع الاستجابة، أي أن يعرض الإنسان نفسه لمصدر خوفه ولا يستجيب استجابة سلبية.
وتأكد أن هذا ليس ضعفاً في شخصيتك وليس قلة في إيمانك، وإنما هو نوع من القلق الخاص مرتبط بظرف معين وأحوال معينة، ويسمى بالمخاوف البسيطة، وهي كثيرة جدّاً، فهناك المخاوف من المرتفعات، المخاوف من الأماكن الضيقة، الأماكن المظلمة، الخوف من الحيوانات، من الحشرات، نشاهد ذلك كثيراً.
والعلاج يتمثل في أنك قد تفهمت الحالة، وبعد ذلك عليك بالتطبيق والذي يقوم على المواجهة، فحاول أن تقنع نفسك ذاتياً كيف يستطيع هؤلاء العمال الذي نشاهدهم وهم يعملون في المباني الشاهقة ونشاهد أيضاً في كثير من الدول عمال النظافة الذين يقومون بتنظيف زجاج المباني من الخارج، وهذه المباني تكون شاهقة، فعليك أن تتأمل ذلك، وتُرجع نفسك أن هؤلاء شركاء معك في الإنسانية، بمعنى أنت يمكنك أن تقوم بنفس العمل الذي يقومون به. تأمل هذا الموقف بتفكير وتمعن وتدبر.
وعليك أيضاً أن تعيش نوعا من التفكير الخيالي الآخر، وهذا نسميه بالتعريض في الخيال: أجلس في مكان هادئ وتصور نفسك أنك في بناية شاهقة، وتقف على حافة هذه البناية وتنظر إلى الأرض، وأنت الشخص الوحيد في ذاك المكان ولا توجد رفقة معك.. عش هذا الخيال بكل تمعن وبكل تدبر، ويجب أن يستغرق الخيال عشرة دقائق على الأقل.
وبنفس الشيء طبق نفس التمرين على الصعود على الدرج، تصور هذا الدرج المكشوف وأنها قيد التنفيذ، وتذكر أن عملك يتطلب الصعود عليها، وتذكر أنها آمنة إن شاء الله وأنت مثل الناس الآخرين الذين يقومون بالصعود والنزول منها، وبعد ذلك أنصحك أن تقوم بالتطبيق الفعلي بمحاولتك الصعود للبنايات الشاهقة، ابدأ بالطابق الأول، قف على حافة هذا المبنى، أي قف في الشرفة أو البلكون من الداخل، وانظر إلى الأرض لمدة خمسة دقائق على الأقل، بعد ذلك انتقل إلى الطابق الثاني وانظر إلى الأرض لمدة عشرة دقائق، وبعد ذلك الطابق الثالث وتنظر إلى الأرض لمدة ربع ساعة، وهكذا.. أي أنك تنتقل بالتدرج من طابق إلى آخر. هذا التمرين يجب أن يُطبق يومياً وبكل تركيز وبكل التزام، ونفس الشيء تطبقه أيضاً على صعود الأدراج.. يجب أن تعرض نفسك ويجب أن تقتنع قناعة كاملة أنه لن يحدث لك أي مكروه بإذن الله.
ورغم علمي أن المخاوف في بعض الأحيان لا يستطيع الشخص أن يقاومها لوحده، ولابد أن يكون له مرافق، ونحن في بعض الأحيان نبعث المعالجين ليذهبوا مع الناس ويساعدوهم في علاج مثل هذه المخاوف، ولكن هذا قد لا مؤثرا في مثل حالتك، فلا بأس إذا كان لك صديق أو حتى أحد الموظفين أو الفنيين الذين يعلمون معك وتثق به، لا مانع أن تشرح له مشكلتك هذه وأنك تحتاج لرفقة وتحتاج لقدوة حتى تتخلص من هذه المخاوف، وهذا نسميه بالمعالج المساعد، يمكن أن يصعد معك إلى هذه المرتفعات وينظر في الأرض مثل ما أنت تنظر بنفس الطريقة التي ذكرتها لك، وحينما يكون بالقرب منك سوف يطمئنك من هذا الموقف، ولكن بعد ذلك يجب أن تطبق التمرين وحدك.
هناك أيضاً تمارين للتنفس وأنت تصعد هذه المرتفعات، حاول أن تأخذ نفساً عميقاً تملأ صدرك بالهواء، ثم تخرج الهواء بعد ذلك.. كرر هذا مرتين أو ثلاثة، والإنسان أيضاً عليه أن يستغفر وأن يسبح وأن يصلي على الرسول صلى الله عليه وسلم في مثل هذه المواقف؛ لأن هذا يعطي الإنسان الكثير من القدوة والشجاعة والطمأنينة إن شاء الله.
بقي أن أصف لك أحد الأدوية التي نراها لعلاج هذا النوع من المخاوف، الدواء يساعد وليس هو الحل النهائي، ولكن تطبيق التمارين السلوكية مع استعمال الدواء يعتبر هو العلاج الممتاز. من أفضل الأدوية التي توصف في هذه الحالات عقار يعرف تجارياً باسم (زيروكسات SEROXAT) أو (باكسيل PAXIL) ويعرف علمياً باسم (باروكستين PAROXETINE)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة نصف حبة – أي عشرة مليجرام – تناولها ليلاً بعد تناول الأكل لمدة أسبوعين، ثم ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة شهر، ثم ارفع الجرعة إلى حبتين ليلاً – أي أربعين مليجراماً – استمر على هذه الجرعة لمدة ستة أشهر، ثم بعد ذلك خفض الجرعة بمعدل نصف حبة كل ثلاثة أشهر حتى تتوقف من تناول الدواء.
هنالك عقار آخر ليس هو الدواء الرئيسي ولكنه الدواء المساعد، حيث إن الدواء الرئيسي هو الباروكستين، يعرف هذا الدواء تجارياً باسم (إندرال IINDERAL) ويعرف علمياً باسم (بروبرانلول PROPRANLOL) يمكنك أيضاً أن تتناوله بجرعة عشرة مليجرام صباحاً ومساءً لمدة شهرين، ثم عشرة مليجرام صباحاً لمدة شهر، ثم توقف عن تناول هذا الدواء.
وختاما أرجو أن لا تتجنب ما يتعلق بالمرتفعات، اقرأ عنها، ارسم رسومات هندسية لمباني شاهقة، وهكذا، الهدف هو أن تعرض نفسك لمصدر خوفك بكل السبل وبكل الطرق، وهذا من أهم وسائل تعديل السلوك، ولا شك أن الدواء أيضاً سوف يكون له أثر ووقع إيجابي بالنسبة لك، نسأل الله لك الشفاء والعافية، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.