الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا النوع من التأتأة الذي يعاني منه هذا الابن – حفظه الله – غالباً ما يكون مرتبطاً بشيء من القلق والرهبة في المواقف الاجتماعية التي تتطلب التواصل الكلامي، والتأتأة بصفة عامة تكثر لدى الأولاد، كما أنها في بعض الأحيان تجري في أسرٍ معينة، والقلق يلعب دوراً في تسبيبها أيضاً.
هذا الابن -حفظه الله- يجب أن لا يُنتقد، يجب أن نعطيه الثقة في نفسه، ويجب أن نشعره دائماً أن أداءه الكلامي والتخاطبي أفضل مما يتصور، ويجب أن نعلمه كيفية التنفس الصحيح، وهذا يعتبر جزءاً مما نسميه بتمارين الاسترخاء التدرجي.
والذي أفضله أن يقابل هذا الابن أخصائي النطق، وأخصائيي التخاطب لديهم مقدرات كبيرة في مساعدة هذه الحالات ولله الحمد، وذلك من خلال التدريب على مخارج الحروف والاسترخاء والربط ما بين التنفس والنطق.
فستكون هذه هي الإجراءات الطبية والنفسية الصحيحة بأن تأخذ ابنك إلى أخصائي التخاطب، ومن جانبنا نقول لك أن تمرين التنفس الاسترخائي هي كثيرة منها تمرين بسيط يمكن أن نذكره لك.
من خلال هذا التمرين يمكن لهذا الابن – حفظه الله – أن يجلس في مكان هادئ داخل الغرفة، ويجب ألا يكون هناك أي نوع من الضوضاء أو الإزعاج حوله، ثم يتأمل ويركز في شيء أو حدث سعيد حدث له، ثم بعد ذلك يغمض عينيه ويفتح فمه قليلاً، ثم يأخذ نفساً عميقاً وبطيئاً عن طريق الأنف ويجعل صدره يمتلأ بالهواء حتى ترتفع البطن قليلاً، ثم بعد ذلك يمسك الهواء قليلاً في صدره، ومن ثم يبدأ في إخراجه عن طريق الفم، ويجب أن يكون إخراجه بكل قوة وتدرج وببطء. دعه يكرر هذا التمرين خمس مرات متوالية صباحاً ومساءً لمدة أسبوعين، ثم مرة واحدة يومياً لمدة شهر.
سيكون أيضاً من التمارين الجيدة لهذا الابن أن يتعلم أن يتحدث ببطء، وأن يتعلم بأن يأخذ نفساً استنشاقياً -أي الشهيق- قبل بداية الكلام، وهذا التمرين يعتقده البعض صعباً، ولكنه من التمارين السهلة جدّاً، فقط يتطلب بعض المراس في الأيام الأولى.
أنصح هذا الابن أيضاً بأن يقرأ بصوت عالٍ وببطء وأن يخصص لنفسه يومياً مدة خمسة عشر دقيقة يقوم خلالها بتسجيل قطعة نصية يقرأها بصوتٍ وببطء، وبعد ذلك يقوم بالاستماع لما قام بتسجيله، والقصد من هذا التمرين هو أن يُشعره بالثقة في نفسه، وأنه سوف يكتشف أن أخطاءه أقل مما يتصور، وحتى إن اكتشف أخطاء في المرة الأولى فقطعاً هذه الأخطاء سوف تختفي المرة الثانية أو الثالثة أو هكذا.
قراءة القرآن بصوتٍ عالٍ وبروية وبتؤدة لا شك أنها تساعد في إزالة التأتأة، ويا حبذا لو التحق بأحد حلقات التحفيظ في المساجد، وسوف يقوم الشيخ الذي يدير الحلقة بمساعدته على إخراج الحروف؛ لأن أساس قراءة القرآن تقوم على التعلم على يد المشايخ وحفظة القرآن، لأنهم تعلموا مخارج الحروف وكيفية نطق الكلمة صحيحة من مخرجها، ومعنى التجويد (إخراج كل حرف من مخرجه مع إعطائه حقه ومستحقه، وحق الحرف صفاته الذاتية اللازمة له)، وسوف يتعلم ذلك بالصورة الصحيحة.
بقي أن أقول لك أنه توجد أدوية تساعد أيضاً في علاج التأتأة، لا نقول أنها تساعد مساعدة مباشرة، ولكن من خلال إزالة القلق والاسترخاء والرهبة والخوف تساعد إن شاء الله، والذي أنصح بأن يتناوله هذا الابن هو عقار يعرف تجارياً باسم (سبرالكس Cipralex) ويعرف علمياً باسم (استالوبرام Escitalopram)، والجرعة التي يحتاجها هي خمسة مليجرامات -أي نصف حبة من فئة الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرامات – دعه يستعملها يومياً، ويفضل أن يتناولها في المساء بعد تناول الأكل، ويستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم يرفع الجرعة إلى عشرة مليجرامات ليلاً لمدة شهرين، ثم يخفضها إلى خمسة مليجرامات ليلاً لمدة ستة أشهر، ثم يمكنه أن يتوقف عن هذا الدواء.
الدواء من الأدوية الفاعلة والسليمة، وإن شاء لتناوله للدواء وتطبيق ما أرشدنا به وعدم انتقاده هذا سوف يساعده كثيراً، ولابد أن يعلم أن الآخرين لا يقومون بمراقبته أو الاستهزاء أو السخرية منه، فليس هنالك شيء من هذا القبيل، ودعه يعيش حياته بصورة طبيعية، ويجب أن يطور أيضاً من مهاراته المختلفة، وأن يجتهد في دراسته وأن يكون متميزاً، وأن يمارس الرياضة، خاصة رياضة كرة القدم وجد أنها تساعد أيضاً في تخفيف أي نوع من القلق والتوتر.
وأنت من جانبك أرجو أن تشعره بأهميته وباعتباره وحاول أن تستشيره حتى في الأمور الأسرية التي تكون أنت متخذاً فيها القرار، هذا يساعده في تكوين وبناء شخصيته مما يجعله أكثر طلاقة، نسأل الله تعالى أن يحل هذه العقدة من لسانه، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب.
ويمكنك الاستفادة من الاستشارات التالية حول علاج التأتأه سلوكياً : (
267560 -
267075 -
257722).
وبالله التوفيق.