طفلتي الكبيرة تغار من أختها الصغيرة وتقسو عليها
2009-11-08 09:56:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
لدي ابنة عمرها خمس سنين، لديها غيرة عمياء من أختها التي تبلغ ثلاث سنين، وهي قاسية جداً مع أختها، وتعاملها بعنف وتضربها بسبب وبدون سبب، مع أننا لا نرفض لها طلبا ونعاملها معاملة جيدة.
ومعاملتها معي ومع أبيها أسوأ، فهي عنيدة ودائماً تضربنا إذا قلنا لها: هذا الشيء عيب، ولا تعتذر أبداً عن خطأ فعلته عكس أختها، وفيها حالة ثانية دائماً صامتة بالبيت ولا تتكلم، دائماً نحاول أن نعرف ماذا حصل معها بالمدرسة فلا تتكلم، وحتى متى تريد شيئاً نفضل الإشارة مع أنها ـ الحمد لله ـ ليس فيها شيء، وأنا لاحظت أن حالة الصمت فقط بالبيت معي ومع أبوها مع أصدقائها بالمدرسة شيء عادي، وتتكلم بشكل طبيعي.
وهناك شيء آخر فيها عندما تريد شيئاً تبعث أختها لكي تطلبه مني، لا تأتي هي لإخباري ماذا تريد، وأحس أن شخصيتها ضعيفة وتخاف من الأطفال حتى وإن كانوا يصغرونها بالسن.
بارك الله فيكم أرشدوني ماذا أفعل وكيف أتعامل معها؟
أتمنى الإجابة على سؤالي ولا تحيلوني لاستشارة أخرى.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ا.ع.ج حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن هذا السلوك السلبي أو بدايات العنف لدى الأطفال تكون دائماً ناتجة من تجارب وخبرات سلبية تعلمها الطفل من محيطه، وأقصد بمحيطه (البيت، المدرسة، المجتمع عامة).
نحن لا نريد أن نضع أي لوم على أي أحد، ونعرف تماماً أن المناهج التربوية تختلف، ونعرف تماماً أن لا أحد حقيقة يريد أن يُوقع الضرر بأبنائه، ولكن في كثير من الأحيان ربما تكون مناهجنا التربوية خاطئة جدّاً.
هذه الطفلة تحتج، فإن هذا العنف وهذا الذي ذكرته وما نسميه بـ (الصمت الانتقائي)، هذه علة نعرف في الطب النفسي أنها ناتجة من عدم استقرار نفسي يعاني منه الطفل، وهي أيضاً نوع من الاحتجاج.
الذي أريد أن أقوله لك أن السلوك يمكن أن يعدّل ولا شك في ذلك، ولكن تعديل السلوك يحتاج إلى ضوابط، يحتاج إلى ممارسات، من الضروري أن نطبقها ولابد أن نصبر عليها ولابد أن تكون نمط حياة.
كثير من الآباء حينما يقوم بتعزيز السلوك الإيجابي وإضعاف (ضعف) السلوك السلبي قد يمارس هذا الأمر ليومين أو ثلاثة أو شيء من هذا القبيل، لا، هذا ليس أمراً جيداً ولا يؤدي إلى أي نتائج، فمثل ما اكتسبت الطفلة هذه السلوكيات السلبية خلال فترة من الزمن فإن التغيير الإيجابي أيضاً يجب أن يكون خلال فترة من الزمن، وهذا يكون أوثق ويكون أنفع ويكون أدوم بإذن الله تعالى.
هنالك نقطة أساسية جدّاً قد تكون أثرت على هذه الطفلة، وهي المفاضلة ما بينها وبين أختها.
بالطبع سوف تقولين لي: (لا، نحن نعاملهم معاملة واحدة وشيء من هذا القبيل)، ولكن التجارب العلمية أثبتت أن المفاضلة تحصل في البيوت، والطفل الأكبر دائماً يغار ممن أصغر منه؛ لأنه يشعر أن هذا الأصغر منه قد قاسمه أو قد استحوذ على اهتمام الوالدين أكثر منه مما يجب، وهذه حقيقة علمية ثابتة ولا شك في ذلك.
نحن لا نرفض درجة معقولة من الغيرة بين الأبناء، وحتى الغيرة التي حصلت ما بين قابيل وهابيل كانت في أمر حسن، ولكن هي طبيعة الإنسان أنه يغار، ولا شك أن في قصة هابيل وقابيل حكماً أخرى ودروساً كبيرة جدّاً للإنسان.
إذن الذي أقوله لك: حاولي أن تظهري لابنتك أنها مميزة، لا أقول لك عاملي الأصغر منها بقسوة أو بأسلوب سلبي، لا، أشعريها أنها هي الأفضل، وهذا مهم جدّاً. وحاولي مثلاً أن تقسمي مهاما معينة في المنزل، أعطيها هي بعض المهام، أعطيها مثلاً مهاماً تتعلق بخدمة أختها الصغرى، كأن تكون هي مسئولة عن اللُّعب، وتعطي اللعبة لأختها في وقت معين، وتأخذه هذه اللعبة في وقت معين. دعيها مثلاً تساهم في ترتيب ملابس أختها، وشيء من هذا القبيل.
إذن إعطاؤها مهمة معينة سوف يُشعرها بكينونتها، وسوف يشعرها أنها لها اعتبارها في البيت، هذا هو المبدأ الأول والمبدأ الأساسي لعلاج مثل هذه الحالات.
ثانياً: حاولي دائماً أن تظهري إعجابك بما تقوم به، لا أقول طبعاً الإعجاب بالسلبيات، ولكن أي عمل إيجابي إذا مثلاً كانت تحمل أحد ألعابها، انظري إليها بتبسم وتشوق وانتباه واذكري لها شيئاً عن هذه اللعبة ودعيها تحكي لك قصة ولو كانت قصة بسيطة جدّاً، وشدي انتباهك وتفاعلي؛ لأن الطفل يرتاح لذلك كثيراً.. هذه مناهج بسيطة جدّاً ولكنها مفيدة للأطفال.
النقطة الثالثة: هي أن تطبقي ما يعرف بطريقة النجوم للتحفيز، وهي بأن تتفقي معها أنك سوف تضعين لوحة بالقرب من سريرها أو فوق سريرها مثلاً أو على باب غرفتها مثلاً، وحينما تقوم بأي عمل إيجابي سوف تلصق نجمتين على هذه اللوحة كمكافأة، وإذا قامت بأي عمل سلبي سوف تُسحب منها نجمة، ويكون الاتفاق أن لكل نجمة قيمة معينة، مثلاً يمكن أن تقولي لها: (كل نجمة تساوي درهم واحد) وفي نهاية الأسبوع اشتري لها هدية بسيطة بعدد النجوم التي كسبتها.
هذه طريقة وتمرين رائع ورائع جدّاً إذا طُبق بصورة جيدة وكان يجد اهتماماً من قبلك.
بعد ذلك حاولي أيتها الفاضلة الكريمة أن توسعي من الشبكة الاجتماعية بالنسبة لها، خاصة الأطفال الذين في عمرها، فأنت ذكرت أنها تحس بالسعادة في داخل المدرسة، وتكون مرتاحة جدّاً وهذا أمر طيب.
والصمت الانتقائي الذي تعاني منه، أي أنها لا تتكلم شيئاً ولا تتفاعل شيئاً، هو نوع من الاحتجاج، وهذه الأمور بسيطة جدّاً، ويجب أن تعامل الابنة بنفس المستوى أيضاً من جانب والدها.
فيما ذكرته أن شخصيتها ضعيفة، فما ذكرته لك أيضاً ينمي شخصيتها، التهميش هو الذي يضعف الشخصية، تجاهل الطفل واعتقادنا أنه لا يفهم ولا يُدرك هذا يؤدي إلى ما يسمى بضعف الشخصية. طبقي الإرشادات السلوكية السابقة، وهذا حقيقة أمراً جيداً.
حينما تلعب مع الأطفال صفي لها دور القيادة، فمثلاً تبدأ هي بأن تحكي قصة بسيطة، علميها قصة وقولي لها (أريدك أن تحكي هذه القصة للأطفال)، هذا سوف يعطيها الموقف القيادي وسوف يقلل من الخوف وينمي شخصيتها.
أنت ذكرت أن ابنتك تتمتع بذكاء طبيعي، هذا أمر جيد؛ لأن ما يسمى بضعف الشخصية والخوف من الأطفال الآخرين كثيراً ما نراه عند الأطفال الذين يقل ذكاؤهم عن المعدل الطبيعي.
هنالك نقطة أخيرة لابد أن أذكرها وهي أن بعض الأمهات نسبة لظروف نفسية معينة أو ضغوط نفسية معينة أو حتى الإصابة بالاكتئاب النفسي تحدث لهنَّ حالة من عدم القدرة على التحكم، أي أنه لا تكون العلة في الطفل وإنما العلة في الأم أو في شخص آخر.
أنا -طبعاً- لا أتسرع وأقول لك أنك تعاني من علة نفسية، هذا ليس صحيحاً ولا يمكن أن أقول ذلك، ولكن وددت أن ألفت نظرك إلى هذا، فانظري إلى نفسك هل العلة في الطفلة مائة بالمائة، أو أنه قد قلَّ تحملك لتصرفات الطفلة؟.. هذا أيضاً يجب أن يصحح كمسار تربوي إذا كانت هنالك أي علة أو شيء من هذا القبيل.
نحن نشكرك كثيراً على تواصلك معنا في إسلام ويب، وأقول لك أن ابنتك ليست في حاجة لأي علاج دوائي، أسأل الله تعالى لها الحفظ والعافية، وأرجو أن تطبيقي هذه الإرشادات، وإن شاء الله سوف تؤدي إلى نتائج طيبة جدّاً.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله أن يجعلها قرة عين لكما، وبالله التوفيق والسداد.