تذكر الزوجة للمواقف السابقة وتأثيرها على نفسيتها
2009-10-25 09:52:37 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أود أن أستشيركم في هذه المشكلة التي تعاني منها زوجتي، وأخشى على الحياة الزوجية منها وتأثيرها على أبناء المستقبل.
فقد مضى على زواجنا ستة أشهر، وقد أخبرتني تلك الزوجة منذ عقد قراننا أنها تعاني من (توقف المشاعر) تجاه الشخص الذي يسيء لها، أو تحصل بينها وبينه خصومة، فهي ليست من الناس الذين يعيدون المياه لمجاريها بعد الحدث، بل لا تنسى الموقف لسنوات، وبالتالي تصبح نظرتها شبه سلبية للطرف الآخر مهما حاول الإحسان لها، فهي تنظر له كحقير أو منافق، وفي صدرها شيء من البغض والقسوة والجفاء عليه، ولا تحبه ولا تهتم له.
وقد لاحظت عليها أن لها صديقات حميمات تغيرت عليهن بسبب بعض المواقف، ولها أقارب وقريبات تفعل معهم نفس الشيء، وحتى لو هجروها أو هجرتهم فلديها القسوة وقلبها لا يرق أبداً بسهولة، وقد نشأت يتيمة في أسرة بسيطة بينهم بعض المشاكل والتقاطع بين الأرحام، وربما الحسد كحال كثير من الأسر هذه الأيام، لذا أشعر أنها اعتادت على ذلك، فلا يؤلمها هجر صديقة حميمة لها، ولا تخلي قريب أو قريبة عنها، وهذه الصفات فيها خاصة تجاه أقاربها من الرجال، فقد صارحتني أنها لا تحب من الرجال إلا إخوانها، أما بعض أقاربها الرجال فهي لا تريدهم ربما لظلمهم أو خطئهم في يوم من الأيام، فمن صفاتها التمسك بالرأي والعناد والحساسية الزائدة والغيرة، لكنها أنثوية جداً، وأريد أن أرتقي بها، وأجعلها تتخلص من هذه السلبية، فهي في هذه الحالة لا تفرق بين زوجها ولا عمها ولا صديقتها، بل تحمل وتحمل في قلبها كالمغراف الذي يحمل الماء.
والله إنها مسكينة وأحزن عليها، مع أني أتعوذ بالله من شرها وشر قلبها، وهي في هذه المشاعر وهذه الجفوة، أتمنى إعطائي التوجيه الشامل وبعض التجارب المفيدة مع مثل هذه الحالة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حبيب الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن الوصف الذي سردته أعتقد أنك تصف لنا سمة من سمات شخصية الفاضلة زوجتك، فهذا الذي وصفته بالقسوة حيال الآخرين ربما يكون سمة من سمات شخصيتها، أي أن البناء النفسي التكويني لها قائم على أن شخصيتها لا تقبل الآخرين، وهناك نوع من الصدود، وهناك نوع من الجسور التي تبنيها بينها بين الآخرين، وكما تفضلت وذكرت فهي غير متسامحة، ونحن نشاهد مثل هذه الشخصيات، وربما تكون تجاربها السابقة والتنشئة قد لعبت دوراً في ذلك، وإن كنتُ شخصياً لا أميل أن نحمل التنشئة كل شيء.
الاحتمال الآخر: هو أنها لديها درجة عالية من الشك في مقاصد الآخرين، وهذا الشك جعلها تتخذ هذه المواقف درءاً لأي مشاكل قد تنتج من التفاعل مع بعض الناس، ونعرف أن الشخصيات الظنانية الشخصيات الشكاكة ربما تتخذ مثل هذه المواقف.
لا أعتقد أنها تعاني من اكتئاب نفسي، نعرف أن المصابين بالاكتئاب النفسي أيضاً قد يكون لديهم شيء من القسوة وربما الجفاء في التعامل مع الآخرين، ولكن لا يكون هنالك تخير أو يكون هذا التفاعل السلبي موجها نحو أشخاص معينين، بينما يكون على النطاق العام، إذن فاحتمال الاكتئاب غير موجود.
الاحتمال الآخر: والذي لا أود أن أخوض فيه كثيراً لأنه ربما يكون استنتاجاً غير سليم، وهي أن المنظومة القيمية لديها قائمة على عدم التسامح، وكثير من الناس لديهم مثل هذه المنظومات السالبة، وحقيقة الإنسان إذا عرف واستشعر واقتنع بالقيم الإنسانية الفاضلة، مثل قيم التسامح والتواصل، وقيم أن الإنسان في كثير من المواقف من الأفضل له أن يكون مظلوماً وليس ظالماً، وهكذا، فهذه كلها احتمالات.
مثل هذه الحالات تحتاج إلى القيام ببعض المقاسات والاختبارات النفسية، اختبارات الشخصية الذي يقوم بها الأخصائي النفسي ربما تكون أداءات تشخيصية تساعد كثيراً، ولا شك أن وصفك وصف طيب وجيد، ولكن الشخص المحترف بالطبع لديه تقييمات أخرى.
وينبغي أن تحاول أن ترسخ فيها قيم التسامح، وقيم التسامح تأتي من الدين، فالإنسان حين يكون قوياً في إيمانه وملتزماً في دينه وملماً بفقه المعاملات، فأعتقد أن ذلك يجعل الإنسان في وضع أفضل كثيراً، فيمكن لهذه الأخت الفاضلة أن تقوم أنت بنصيحتها، وأن تقوم أنت بتوجيهها، أو إذا كان هنالك من صديقاتها من يساعدها في هذا الأمر؛ خاصة من المتدينات والملتزمات، أعتقد أن ذلك سوف يكون أيضاً أمراً يساعدها.
هنالك أيضاً طريقة جيدة وفعالة، وهي أن تنضم إلى الأعمال التطوعية والأعمال الخيرية؛ لأن العمل التطوعي والخيري يعود بفائدة نفسية عظيمة على النفس، وهو يقضي على الكثير من الطاقات النفسية السلبية، ولا شك أن هذه الأخت الفاضلة تعاني من طاقات نفسية سلبية، والعمل التطوعي والانضمام إلى جمعيات البر والإحسان لا شك أن فيه خيراً كثيراً لأن يغير الإنسان من مفاهيمه، وحتى إن شاء الله تعاد تشكيل الخارطة الذهنية والفكرية والمعرفية بالنسبة لها، وهذا بالطبع يساعد على بناء منظومة جديدة من القيم.
هناك علاج نفسي يسمى بالسيكودراما، وهو تمثيل الأدوار، فمثلاً يمكنك أنت بالاستعانة بشخص ثالث - أعرف أن ذلك قد لا يكون سهلاً - ولكن يمكن أن تمثل أنت دور أحد الأقرباء والذي أخطأ في حقها، ثم بعد ذلك تفاعلت معه هذا التفاعل السلبي، وبعد ذلك وُضع سيناريو آخر لتصحيح هذه العلاقة، وهكذا، السيكودراما علاج يمارس وهو علاج جيد، ولكنه يتطلب الصبر والاقتناع بفعاليته.
هذا الذي أستطيع أن أدلي به، وأسأل الله أن يجعل في قلبها وقلوبنا جميعاً الرحمة، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق والسداد.