دعاء الزوجة على زوجها
2009-10-08 10:08:13 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أنا متزوج منذ سنة وبضعة أشهر وزوجتي لا تطيعني إلا فيما ترغب فقط، وأعاني من تدخلات أمها الرهيبة في حياتنا، لدرجة أنها طلبت مني الاعتذار لابنتها أمامها في إحدى مرات الخلاف.
المشكلة لدي أن زوجتي كلما اختلفنا تظل تدعو علي دعاء شديداً بالابتلاء في صحتي وفي حياتي وبألا يتقبل الله مني أعمالي! وتظل هكذا كثيراً بجانب صوتها المرتفع في ذلك .. لدرجة أنها تسمع الجيران ..
أفيدوني أفادكم الله، لأني قد سمعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أرجع زوجة قبل أن يبني بها لأنها استعاذت بالله منه .. وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أحمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله - العلي الأعلى - بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يصلح لك زوجتك وأن يصلح ما بينك وبينها، وأن يحسن أخلاقها، وأن يصرف عنكم سوء حماتك، وأن يعينك على التخلص من آثار تدخلها.
وبخصوص ما ورد برسالتك - أخي الكريم الفاضل – فإنه ومما لا شك فيه أن الخلافات الزوجية تعتبر من الأمور المزعجة في حياة أي رجل بل وأي امرأة، فإن الرجل أو المرأة عندما يفكران في قضية الزواج إنما يريدان أن يؤسسا أسرة متفاهمة متحابة مترابطة، وأما الرجل يخرج من بيته الكبير الذي وُجد فيه مع إخوته وأخواته لكي يؤسس بيتاً يكون هو قائده وهو إمامه وهو المسئول عنه، وكذلك الفتاة عندما تتزوج تنتقل من بيت والديها حيث كانت واحدة من مجموعة لتؤسس أسرة تكون هي ملكة هذه المملكة وهي صاحبة القرار فيها وهي التي تقدم وتؤخر فيما يتعلق على الأقل بالسياسة الداخلية للأسرة، فتشعر بأن هناك من يهتم بها ومن يحرص عليها ومن يحنو عليها ومن يراعي مشاعرها ومن يكون خاصاً بها وحدها دون أي أحد من الناس، هذا كله كانت أحلام تراود كل إنسان يرغب في الزواج سواء كان رجلاً أو امرأة.
ولكن أحياناً قد يحدث هناك سوء اختيار أو عدم توفيق في الاختيار، بمعنى أني قد أختار فتاة مثلاً لشهادتها ومؤهلاتها أو لجمالها أو لحسبها أو لنسبها أو للباقتها أو لظرفها، وقد أستبعد قضية الدين إلى حد ما أو أن تكون الأخت قليلة البضاعة فيما يتعلق بالحقوق الشرعية الزوجية فيترتب على ذلك حدوث هذه الخلافات وانتشار هذه المشاكل وتفاقمها إلى الدرجة التي تجعل الحياة كالصورة التي ذكرتها في رسالتك.
وأنا أتصور فيما يبدو لي أن هناك خطأ في الاختيار أنت تدفع الآن ثمنه، حيث إن هذه الأخت -غفر الله لنا ولها- كما ذكرت لا تعرف معنى الطاعة الحقيقية إلا بناء على هواها ورغبتها، وأيضاً تدعمها أمها دعماً غير مشروع، إذ أن المفروض أن دور الأم قد انتهى نهائياً بخروج ابنتها من بيتها وذهابها إلى بيت زوجها، فهي تصبح في تلك الحالة عبارة عن مستشارة تشير بالخير وتدعو إلى استقرار الأسرة وتصبر ابنتها على أي خلاف يحدث بينها وبين زوجها، أما أن تكون هي سبب الخلافات وتتدخل تدخلاً صارخاً في حياة ابنتها فإنه مما لا شك فيه أن ذلك سيدعم اختلاف وجهات النظر دائماً ويجعل المشاكل تدب باستمرار.
ولذلك العلاج الأفضل إنما هو وضع آلية للتخلص من سيطرة الأم عليكما ولو بالابتعاد عن سكنها، إذا كنتم قريبين مثلاً من سكنها فما المانع أن تبحث عن سكن بعيد حتى لا تستطيع أن تأتيك إلا بمشقة، لأنك تعلم أن المواصلات ليست بالأمر الهين وأن خروج المرأة وحدها - خاصة إذا كنت تعيش في حي بعيد عنها بُعداً كبيراً – هذا قد يقلل حقيقة من خطرها ومن تدخلاتها، ومن الممكن أن تمنع حتى التواصل بين زوجتك وبين أمها إلا وُفق معايير معينة وفي وجودك مثلاً وفي أوقات معينة، حتى تضمن أنها لا تُفسد عليك حياتك؛ لأنه فيما يبدو لي أنها سبب من أسباب عدم الاستقرار في داخل أسرتك.
أما فيما يتعلق بموضوع الدعاء بالابتلاء في الصحة وفي الحياة وألا يقبل الله منك عملاً إلى غير ذلك، فهذا كله لا قيمة له؛ لأن الله تبارك وتعالى لا يحب المعتدين، ومن الاعتداء في الدعاء أنها تدعو بغير وجه حق، فإنه يجوز للإنسان أن يدعو على من ظلمه، أما لو أن إنساناً تصور أنه مظلوم وظل يدعو على من ظلمه، هو لم يظلمه حقيقة فلا اعتبار لدعائه، فإن الكفار دعوا على النبي عليه الصلاة والسلام والمشركون عبر التاريخ كانوا يدعون على الرسل والأنبياء ورغم ذلك لم يصبهم شيء، كل ذلك بسبب أنهم كانوا ليسوا على الحق، وأي إنسان يدعو بغير وجه حق فإن الله لن يستجيب له؛ لأن الله حرم الظلم على نفسه وأنه لا يحب الظالمين ولا يحب المعتدين.
فأنا عندما أدعو على إنسان بدون وجه حق فإن الله لن يستجيب لي، وعندما كذلك تدعو والدة زوجتك أو أي أحد عليك فإن الله تبارك وتعالى لن يستجيب أبداً بمجرد الدعاء.
أما فيما يتعلق أن النبي عليه الصلاة والسلام قد طلق امرأة أو ردها قبل أن يدخل بها عندما قالت: (أعوذ بالله منك)، نعم هذا حدث، ولكن هذا لا علاقة له بموضوعك لا من قريب ولا من بعيد، حتى وإن قالت امرأتك ألف مرة (أعوذ بالله منك) فهي لا تعلم ما معنى (أعوذ بالله) ولا تفقه هذا الأمر، ولا تستطيع أن تستدل أبداً بما حدث مع النبي عليه الصلاة والسلام لتبرر لنفسك أنها أصبحت بائنا أو أنها لم تصبح لك زوجة، لأنها قد تقول كلاماً في ظاهره موافقاً للشرع ولكن في الحقيقة هي لا تعرف عنه شيئاً، والدليل على ذلك أن هذه المعاملة السيئة إن دلت فإنما تدل على عدم معرفتها بأبسط حقوق الزوج على زوجته، فإذن من أين لها أن تعرف أن كلمة الاستعاذة بمعناها التبرئة، وأن أي رجل لو قالت امرأته: (أعوذ بالله منك) لا يُطلقها بهذا الكلام؛ لأن هذه خصوصية للنبي عليه الصلاة والسلام أما ما سوى ذلك (من استعاذ بالله منك فأعيذوه) قال العلماء: هذا إذا كان معنى مفهوماً وواضحاً، وإذا كان الشخص الذي يتكلم يعرف ما معنى الاستعاذة، وأن الأمر يقتضي ذلك فعلاً، أما أن تقول امرأة تريد أن تتخلص من زوجها (أعوذ بالله منك) فنقول لها: أنت طالق، هذا الكلام ما قال به أحد من أهل العلم، ولذلك أنا أود أن تصبر على زوجتك، وأن تُكثر من الدعاء لها بالصلاح والاستقامة والهداية، وأن تحاول أن تجعلها تختلط مع بعض الصالحات من الملتزمات أو تأخذها معك إلى بعض الندوات والمحاضرات لعل مستواها الإيماني أن يزيد ومستواها الثقافي أن يتحسن، وتجتهد قدر الاستطاعة أن تفصل ما بينها وبين أمها ولو بأن تترك المكان القريب منها وتذهب إلى مكان بعيد إن استطعت ذلك حتى تسلم من شر أمها، وإذا لم يتيسر لك ذلك فلابد أن تواجه أمها وأن تقول لها (إن تدخلك هذا من أسباب المشاكل بيني وبين زوجتي) وتحاول أن تظهر لها عدم استعدادك لقبول هذا التدخل.
أنا أعلم أن المرأة قد تقف مع أمها ضدك وهذا وارد، ولذلك لا أتمنى أن تبالغ في الأمر أو أن تتوسع في الإنكار مخافة أن تترك البيت بالكلية وأن تذهب إلى أمها، وإنما حاول أن تكون وسطاً في مواقفك، والدعوة والدعاء والهدية، وكما ذكرت خذها معك إلى مجالس العلم ومجالس الذكر، وعرفها بالأخوات الصالحات، لعل ذلك أن يساعدك في استقرارها وفي القضاء على تلك التصرفات الغير شرعية التي تعاني منها.
أسأل الله لكما التوفيق والسداد، إنه جواد كريم.