تشتت الأفكار والخوف من المستقبل.
2009-09-09 12:49:37 | إسلام ويب
السؤال:
لم أعد أعرف نفسي، ولا كيف أفسر حالتي، لم أعد أعرف هل أنا أعيش أم لا، فأفكاري مشتتة، أقول أفعل هذا ثم لا أفعل، أقول سأعيش وحيداً طوال حياتي، ثم أقول سأجلس في المنزل طوال حياتي، أخاف أن أقوم بشيء دون إرادتي، لم تعد لي رغبة في الحياة، أريد البكاء ولا أستطيع، لا أعرف كيف ستكون الأيام القادمة، أصلي لكن لم يعد لي شغف الصلاة، رغم أني أصلي معظم الأوقات في المسجد، وأقرأ القرآن، أنا خائف من القيام بشيء جنوني، خائف رغم أن هذا لا يظهر على وجهي، فهل ممكن أن أعيش حياتي كما كنت محبا للحياة لا أفكر في الموت وأفكر في المستقبل؟
ساعدوني فأنا لا أعرف ماذا سيقع لي عندما أستيقظ، أستيقظ ورأسي ثقيل ومملوء، وأشعر بألم في رأسي، أريد العلاج وتفسيراً لمرضي، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Othman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإن الأعراض التي ذكرتها تدل على أنك تعاني مما يعرف بالقلق الاكتئابي، فهذا التشتت في أفكارك وتداخلها، والشعور بالخوف والقلق العام، والتشاؤم حيال المستقبل، وفقدان لذة الأشياء المحببة إليك، كله دليل على وجود نوع من القلق الاكتئابي.
لا أعرف إن كنتَ قد مررت بأي ظروف سلبية أو لديك ضغوط حياتية في الآونة الأخيرة أم لا؛ لأنه في بعض الأحيان الضغوط الحياتية قد تكون سبباً مباشراً لمثل هذه الأعراض، وفي بعض الأحيان لا نجد أي سبب، ولكن يعرف أن بعض الناس لديهم ما يمكن أن نسميه بالعوامل المهيأة، أي أن الإنسان في الأصل لديه الاستعداد للقلق والتوتر، والقلق والتوتر أصبح الآن يعاني منه الكثير من الشباب، وقضية الانتماء وقضية الهوية والمنظومة القيمية أصبحت مشكلة كبيرة بالنسبة لشبابنا، ولكن بالرغم من هذه الأعراض التي تسيطر عليك أراك -إن شاء الله- بخير، فأنت متمسك بالصلاة وأنت تقرأ القرآن، وإن كنت فقدت طعمها ولذتها، فأقول لك أن هذا -إن شاء الله- وضع عارض ومؤقت جدّاً، -وإن شاء الله- سوف تجد راحتك في الصلاة وفي تلاوتك للقرآن، فبه تطمئن القلوب.
نحن من جانبنا نقول لك: أنه سيكون من الأفضل والأحسن أن تتناول أحد الأدوية المضادة للاكتئاب، ومن الأدوية التي أراها جيدة ومفيدة في علاج مثل حالتك، دواء يعرف يعرف باسم (فافرين Faverin) ويعرف علمياً باسم (فلوفكسمين Fluvoxamine)، أرجو أن تبدأ في تناوله بجرعة خمسين مليجراماً ليلاً، تستمر على هذه الجرعة لمدة شهر، ثم ترفع الجرعة إلى مائة مليجرام ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفض الجرعة إلى خمسين مليجراماً ليلاً لمدة ثلاثة أشهر، ثم توقف عن تناول الدواء.
هذا الدواء هو واحد من الأدوية الجيدة والسليمة، فهو يعالج القلق والتوتر وكذلك المخاوف والوساوس، والجرعة التي وصفناها لك هي جرعة تعتبر جرعة بسيطة، كما أن الدواء سليم جدّاً وغير إدماني.
من الآثار الجانبية لهذا الدواء أنك ربما تحس بشيء من الاسترخاء العام في بداية تناول العلاج، كما أن النوم ربما يزيد عندك قليلاً، ولكن هذه الأعراض تتلاشى إن شاء الله بالاستمرار في الدواء.
نصيحتي الأخرى لك هي أن تمارس الرياضة، الرياضة الآن ذات قيمة ممتازة للقضاء على الأعراض النفسية وكذلك الأعراض الجسدية، فهي -إن شاء الله- تحسن المزاج وتزيل القلق، وتجعل الإنسان متفائلاً ومتفاعلاً بصورة إيجابية.
أريدك أيضاً أن تتذكر أنك شاب من شباب هذه الأمة الإسلامية، وأنت في بدايات الحياة وفي بدايات فترة الشباب، -وإن شاء الله- المستقبل لك، فحاول أن تستفيد من طاقاتك وأن توجهها التوجيه الصحيح، فإذا كنت لازلت في مرحلة الدراسة فعليك بالاجتهاد وعليك بالمثابرة، واستغلال وقتك بصورة جيدة، ولا تدع للفراغ أي مجال حتى لا يسيطر عليك ويجعلك في حالة من القلق والشعور بالخواء الداخلي.
أنصحك أيضاً أن تتواصل اجتماعياً مع أصدقائك وأرحامك وجيرانك، وأنت -الحمد لله- من أهل المسجد، ورفقة المسجد دائماً هي رفقة طيبة ورفقة صالحة، فعليك بالتمسك بمثل هذه العلاقات الطيبة.
أؤكد لك أن هذه الحالة حالة عارضة جدّاً وإن شاء الله سوف تزول منك، تناول الدواء الذي وصفناه لك، وكن إيجابياً في تفكيرك، ولا تدع للتشاؤم أي مجال ليسيطر عليك، وحتى ألم الرأس قد يرتبط بأعراض القلق؛ لأن القلق يؤدي إلى انشداد وإلى انقباض في بعض عضلات الجسم، ومن هذه العضلات عضلة فروة الرأس، وهذا يستشعره الإنسان في شكل ألم.
أنصحك أيضاً بأن تنام على وسادة خفيفة؛ لأن المخدة إذا كانت مرتفعة هذا يؤدي إلى زيادة في الانشداد العضلي في منطقة الرقبة والرأس، وهذا يؤدي في كثير من الحالات إلى ألم بالرأس قد لا يلحظه الكثير من الناس.
نسأل الله لك العافية والشفاء، ونحن في هذه الأيام الطيبة من شهر رمضان ونفحات الله فإن لله نفحات فتعرضوا لها، فعليك بالإكثار من الدعاء لعل الله أن يجعلنا وإياك وسائر المسلمين والمؤمنين من عتقائه من النار.
وبالله التوفيق.