نصائح للكسل الخمول بالتعود من غير سبب عضوي أو نفسي
2009-08-27 09:32:50 | إسلام ويب
السؤال:
هل هنالك شيء يزيل الكسل والخمول من أغذية أو جلسات نفسية؟ وخاصة أنني متأكدة بأن مشكلة خمولي نفسية 90% وتليها جسدية 10% فما هي الأغذية المناسبة للنشاط والطاقة؟ وماذا عليّ أن أفعل لكي أصبح أكثر نشاطاً؟
وأريد أن أعرف عن أشياء تزيد من عزيمة المرء وحماسته على المواظبة على شيء ما، فما هو الحل لديكم؟
وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ جود حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمن المفترض أن تحدد أسباب الكسل والخمول، فلا نستطيع أن نقول: إن هنالك أسباباً نفسية للكسل والخمول، هنالك أمراض نفسية تسبب الكسل والخمول، وهنالك حالات جسدية أو عضوية أيضاً قد تسبب الخمول، أما الكسل في حد ذاته فنحن نعتبره ظاهرة ناتجة من عدم إحساس الإنسان بمسئوليته حيال نفسه، وهو حقيقة أمر شخصي جدّاً في نظري، وعدم استشعار أهمية الأمور الحياتية ربما يجعل الإنسان كسولاً وخاملاً.
كل شخص يعاني من خمول في مثل عمرك نحن ننصحه حقيقة أن يجري بعض الفحوصات الطبية، أنت ذكرت أنك متأكدة بنسبة عالية أن هذا الخمول نفسي، والجانب الجسدي فيه بسيط جدّاً، ولكن سيكون من الأفضل ومن الحكمة والأحوط أن تقومي بإجراء فحص الدم؛ لأن ضعف الدم -أو ما يعرف بالأنيميا- تسبب الكثير من الخمول خاصة لصغار السن من الفتيات، كما أن عجز الغدة الدرقية - وإن كان احتمال وجود هذه العلة في عمرك احتمالاً ضعيفاً - ولكنه من الضوابط الجيدة أن تقومي أيضاً بإجراء هذا الفحص، فأنا أنصحك أن تقومي بإجراء هذه الفحوصات كخطوة أولى.
من أسباب الخمول بعض الأمراض النفسية كالاكتئاب النفسي، فالاكتئاب النفسي قد يسبب الشعور بالخمول وفقدان الطاقات النفسية والجسدية، والاكتئاب له بالطبع مؤشرات وأعراض أخرى كثيرة لا نستطيع أن نحصرها، ولكن نقول: عسر المزاج، الشعور بالكدر، عدم الاستمتاع بمطالب الحياة المشروعة، ضعف التركيز، عدم وجود خطط مستقبلية، هذا كله من مؤشرات وعلامات الاكتئاب النفسي، كما أن اضطرابات النوم وضعف الشهية للطعام هي من الأعراض البيولوجية التي نشاهدها في الاكتئاب النفسي.
وإذا كان الاكتئاب هو سبب الكسل والخمول فلابد من أن نعالج الاكتئاب، وذلك بواسطة الأدوية المضادة للاكتئاب، إذا وُجد أي خلل عضوي كالأنيميا أو عجز الغدة الدرقية فهذا لابد أن يعالج.
يبقى بعد ذلك الحالات التي نعتبر أنه لا يوجد سبب نفسي ولا يوجد سبب عضوي، إنما هو نوع من التعود والممارسة الشخصية التي جعل الإنسان فيها نفسه كسولاً وخمولاً. هذا الشخص ننصحه بالآتي:
(1) لابد أن يستشعر قيمة الحياة ومسئوليته حيال نفسه وحيال الآخرين.
(2) الطاقات النفسية والجسدية تُولَّد عن طريق تقوية الإرادة، وتقوية الإرادة تأتي بالاهتمام وأخذ المبادرات والشعور بالمسئولية.
(3) الإنسان إذا كان يعيش في رغد من العيش وكل شيء متوافر له يجب أيضاً أن يستشعر مسئوليته حيال نفسه ولا يعتمد على ما يقدمه الآخرون له.
ثانياً: إدارة الوقت بصورة صحيحة مهمة جدّاً لتقوية عزيمة الإنسان وزيادة حماسه، والمواظبة على ذلك، كما أنها تزيل الخمول والكسل، ونقصد بإدارة الوقت أن يحدد الإنسان خارطة زمنية يومية، هذه الخارطة يمكن أن تُكتب أو يمكن فقط أن يستذكرها الإنسان في عقله وخياله، والوقت حين نديره بصورة صحيحة سوف نجد أن هذا أمر ممتع جدّاً، وأن الواحد منا أصبح يشعر بالرضا والسعادة والارتياح لأنه قد أنجز، وسوف يحس الإنسان بأن طاقاته النفسية والجسدية قد ارتفعت وأن همته قد ارتفعت.
فأنا أنصحك بإدارة الوقت، هذا أفضل بكثير مما يسمى بأغذية الطاقة والمنشطات، أنا حقيقة لا أقتنع بهذا ولا أنصح بهذه الأغذية والمنشطات، لأنها ليست طبيعية ومضارها كثيرة جدّاً خاصة مضارها البيولوجية في شخص ما زال في مرحلة النمو والتكوين الجسدي والهرموني مثل حالتك.
إدارة الوقت يجب أن تبدأ بالاستيقاظ المبكر، وأداء صلاة الفجر في وقته، وهذا حقيقة هو أطيب بداية؛ لأن الإنسان الذي يؤدي صلاة الفجر هو في ذمة الله ويصبح نشيط النفس، وسوف يجد أن أموره كلها أصبحت ميسرة، والذي لا يصلي صلاة الفجر في وقتها يصبح خبيث النفس كسلان.
فالطالب يستطيع أن يدرس بعد صلاة الفجر، وهنا يكون مزاجه وتركيزه في أفضل حالاتها، وقد وُجد أن الاستيعاب في هذه الفترة هو من أفضل الأوقات أيضاً، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (اللهم بارك لأمتي في بكورها)، وأحسن درجات الاستيعاب تكون في هذه الفترة، والذي يدرس نصف ساعة إلى ساعة في هذا الوقت خير له من أن يدرس ساعتين أو ثلاث في غيرها من الأوقات.
بعدها قطعاً الذهاب إلى المدرسة في مثل حالتك، وبعد ذلك العودة، ثم تناول الطعام، ثم أخذ قسط من راحة واستراحة واسترخاء لفترة نصف ساعة إلى ساعة، وبعد ذلك التوجه نحو حل الواجبات المدرسية، بعدها لا مانع من أن ترفهي على نفسك بشيء متاح ومباح وطيب، كمشاهدة برامج تليفزيونية هادفة لا مانع من ذلك أبداً، ويجب أن تكون هنالك أيضاً حصة لممارسة الرياضة، وهذه مهمة جدّاً.
المساعدة في أعمال المنزل هي من الواجبات المهمة والتي ترفع من كفاءة ومهارة الفتاة وتعدها أن تكون سيدة موفقة في بيتها، التواصل مع الصديقات، والقراءة بعد ذلك في مواضيع غير أكاديمية، والجلوس على الكومبيوتر لفترة... وهكذا.
إذن: إدارة الوقت من بواعث الطاقة والقضاء على الكسل والخمول.
الرياضة ذكرتها من ضمن النشاطات التي يجب أن يخصص لها وقت، وأريد أن أركز على ذلك كثيراً، فالرياضة -حقيقة- أثبتت التجارب العلمية والعملية أنها من أفضل الوسائل لمقاومة الكسل وكذلك الخمول، فالرياضة تؤدي إلى حرق الطاقات السلبية وتؤدي إلى إفراز بعض المواد الكيميائية منها مادة تعرف باسم (الإندرفين Endorphin) وجد أنها مريحة للنفس وتؤدي إلى الاسترخاء، للدرجة التي جعلت البعض يسمي هذه المادة باسم (المورفين Morphine) أو (الأفيونات الداخلية Endogenous opiates) التي يفرزها المخ تلقائياً، فيجب أن تخصصي وقتاً لذلك.
بالنسبة للأغذية فأنا أقول لك تناولي وجبة الإفطار والغداء والعشاء في وقتها وبانتظام، هذا في الأيام التي ليس بها صيام بالطبع، ويجب أن تحتوي وجبة الطعام على المكونات الأساسية وهي: البروتين، وقليل من السكريات، وقليل من الدهنيات، ولابد أن تشمل أيضاً شيئاً من الخضار والفاكهة والألبان؛ لأن هذه تحمل كل العناصر الغذائية الرئيسية.
إذن: الغذاء المتوازن هو الغذاء الصحي، وأرجو ألا تتناولي أبداً المركبات التي يروج لها تجارياً ويقال: إنها تفيد، ونحن نعرف أن ضررها أكثر من فائدتها، هذا هو الذي أنصحك به.
أما بالنسبة لزيادة العزيمة والحماسة والمواظبة على ذلك فكما ذكرت لك هذا يأتي من خلال إدارة الوقت، ويجب ألا تنسي أن الواجبات في الحياة أكثر من الأوقات، ويجب أن يكون لك هدف، يجب أن تكوني دائماً يداً عليا وتبحثي نحو التميز، اعرفي أن الإنسان يعيش الآن في عالم تنافسي جدّاً، والتزود بسلاح العلم والدين هو أفضل ما يساعد الإنسان على بناء شخصيته ومواجهة صعاب الحياة.
أيضاً من الأشياء التي ننصح بها لأن يستشعر الإنسان الراحة الداخلية والشعور بالرضا وتزيد من حماسته وقبوله لذاته هو الانخراط في النشاطات الشبابية والأعمال الخيرية، هذه وجدت ذات فائدة كبيرة جدّاً، العمل التطوعي، العمل الخيري، وحقيقة قد أفلح الناس في أوروبا وفي أمريكا وغيرها من الدول في ذلك كثيراً.
نحن الآن الحمد لله في عالمنا الإسلامي والعربي أيضاً توجد بوادر طيبة لنشر ثقافة العمل التطوعي والعمل الخيري، فاجعلي لنفسك نصيباً في هذا، وأنا على ثقة أن هذا سوف يساعد في بناء شخصيتك.
الأمر الأخير الذي أود أن أنصحك به هو أن تتخيري الرفقة والقدوة الحسنة الطيبة، فالإنسان يتعلم من أصدقائه ومن رفاقه، فلذا يجب أن يصادق الخيرين وأن يصاحب الطيبين الأتقياء النجباء، من يعينك على طاعة الله وعلى قضاء حوائج الدنيا هو الشخص الأمثل الذي يجب أن تتخذيه صديقاً أو رفيقاً أو زميلاً، هذا قطعاً يبني فيك الأمل، وتحسين أنك حقيقة لديك السند والباعث الإيجابي الذي يساعدك على القضاء على الكسل والخمول، ويرفع - إن شاء الله - من العزيمة والإصرار على الإنجاز والنجاح.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك كثيراً على تواصلك مع إسلام ويب.
وبالله التوفيق.