عصبيات الطفولة وبعض أعراضها وعلاجها
2009-08-16 22:56:39 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
ابني عمره 7 سنوات ونصف، وهو البكر، وهو الآن في الصف الثاني، لمّاح جداً وذكي جداً، كان معدله في الصف الأول 99.3، وكثير الاستفسار والأسئلة، لكن مشكلته أنه لا توجد لشخصيته ملامح، يفعل مثلما يفعل الآخرون، كل ما يسمع يصدق، بدأت أعاني عندما دخل الروضة وبداية المدرسة عندما يتشاجر مع أحد الأطفال يبدأ بالصراخ والدعاء على نفسه، ومن ثم الانهزام أمامه حتى لو كان طفلاً أصغر منه لا يستطيع أن يدافع عن نفسه، عندما كان يرجع إلى البيت باكياً من أحد الأولاد كنت أعنفه وأفهمه بأنك ستصبح رجلاً، ويجب أن تستطيع الدفاع عن نفسك، ولا يجب أن تخاف من أحد؛ بدأ يرجع إلى البيت ويخلق الروايات بأنه ذهب اليوم إلى المدرسة وضرب فلاناً وكسر فلاناً وفي الواقع العكس صحيح.
أدخلته نادي لتعليم التايكواندو بناء على رغبته، وتقدم بصورة ملحوظة، لكن الآن ومع العطلة الصيفية رفض الاستمرار، في بعض الأحيان يتبول على نفسه ليلاً، عرضناه على طبيب وقال: إنه سليم، بدأ بأكل أظافره عندما يطلب شيئاً وأرفض تلبيته، يقول: حاضر، ولا يأتي بأي فعل، انفعالي، يشعرنا بأنه يستطيع التعبير عن غضبه مثل باقي الأطفال، صراحة عندما أنجبته كنت أعاني من اكتئاب ما بعد الولادة ولم يعلم بالموضوع أحد، وطال معي، وكنت عنيفة جداً معه، ولكن - الحمد لله - بعد إنجاب طفلتي الثانية بدأت الأمور بالتحسن، أما الآن والله إنه عندما يتصرف خطأ إذا لم يكن الأمر كبيراً وخطيراً ويمكن التغاضي عنه فإني أحاول قدر المستطاع أن لا أضربه، مع أنه عندما يخطئ وأود عقابه مثلاً أقول له: ما في لعب على الكمبيوتر أو أضربك، اختر عقابك، يقول لي: اضربيني عادي لا أحس، صراحة أنا خائفة من تدهور حالته النفسية، وأن يصبح الأمر ضعف شخصية، وأنا والله أحاول قدر المستطاع أن أربيهم تربية سليمة.
أرجو الإفادة!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم ليث حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد،،،
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونشكرك على التواصل مع إسلام ويب، وأذكر أنه قد أتتني رسالة مطابقة تماماً لرسالتك منذ فترة، ونسأل الله تعالى لابنك العافية.
فإن الطفل لديه بوادر كثيرة تدل على أنه مصاب بعصاب الطفولة، حيث إنه يعاني من حالة من النكوص واضحة جدّاً وهذا يتمثل في التبول على نفسه، وكذلك قيامه بقضم أظافره، هذه كلها تسمى بعصبيات الطفولة، هي حقيقة ليست مزعجة ولكنها مؤشرات لا يمكن أن نتجاهلها أبداً، أنا لا أريد أن أسبب لك أي إزعاج، ولكني أقول لك: أن الصعوبات النفسية في الأطفال ينظر إليها كالآتي:
(1) هل المشكلة في البيت؟
(2) هل المشكلة لدى الطفل؟
(3) هل المشكلة في المدرسة أو في المجتمع الطفولي الذي يعيش فيه الطفل؟
في أغلب العوامل قد تتضافر مع بعضها البعض لتؤدي إلى اضطراب المسلك الوجداني الذي يعاني منه الطفل، ولكن في بعض الحالات قد يكون البيت هو الأساس، وفي بعض الأحيان يكون الطفل هو الأساس، وفي حالة طفلك لا أعتقد أبداً أن المشكلة الرئيسية لدى الطفل؛ لأن الطفل يتمتع بمقدرات عالية وذكاء كبير، ولا يوجد أبداً ما يشير أنه يعاني من أي محدودية أو وجدانية، ربما يكون محيطه الدراسي، لا أريد أن أضع أي لوم عليكم كأسرة؛ لأن هذا ليس من حقي مطلقاً، ولكن الذي أود أن أقوله أن المحددات الرئيسية لاضطرابات المسلك أو ما يمكن أن نسميه باضطراب الوجداني أو الاضطراب العصابي لدى الأطفال يكون سببه إما البيت أو الطفل أو المدرسة أو هذه العوامل الثلاثة المتفاعلة مع بعضها البعض.
عموماً العلاج يتمثل في:
(1) أن يرغب الطفل نحو ما هو إيجابي.
(2) أن نتجاهل ما هو سلبي بقدر المستطاع.
(3) أن يوبخ في حالات السلبيات الكبيرة.
مبدأ الترغيب هو المبدأ الأساسي، وطريقة النجوم هي من الطرق المعروفة جدّاً، فأرجو أن تمارسيها وتطبقيها على طفلك، طريقة اكتساب النجوم طريقة جيدة جدّاً، وتفيد كثيراً الأطفال، فأرجو أن تطبقيها وأن تطلعي على كيفية تطبيق هذه الطريقة.
الأمر الثاني: هذا النوع من الأطفال يستفيد كثيراً مما يسمى بـ (السيكودراما Psychodrama) أو (الدراما النفسية)، وهو أن يُلعب دوراً تمثيلياً يُشارك فيه الطفل، فعلى سبيل المثال يمكن أنت ووالده أو أي شخص آخر أن تقوموا بدور تمثيلي، يمثل فيه الطفل شخصية معينة وأنت شخصية أخرى ووالده شخصية ثالثة، وهكذا، يُقصد بذلك أن يتعلم الطفل كيفية التصرف في مواقف معينة، وهذا أيضاً يساعدها كثيراً في بناء شخصيته، ويمكن أن تضعيه في بعض الأحيان في دور البطل وفي أحيان أخرى في دور المدافع عن نفسه، وهكذا.
إذن السيكودراما وكذلك العلاج عن طريق الألعاب يعتبر من الأمور المفيدة والتي أرى أن الطفل سوف يستفيد منها كثيراً.
أرجو أن تتجنبي العقاب البدني، أنا أحتم وأركز كثيراً على قضية التشجيع، وأرجو أن تعرفي أن مسلك الطفل السلبي كان مكتسباً بالتدريج وسوف يأتي أيضاً تعدي السلوك بالتدريج.
أرجو أن تتيحي لطفلك فرصة كافية للعب مع الأطفال، ولا تفرضي حماية مطلقة على طفلك؛ لأن الأطفال يتعلمون من بعضهم البعض، وتنمية شخصية الطفل أيضاً تكون بإتاحة الفرصة له لمشاركة الأطفال الآخرين.
اكتئاب ما بعد الولادة الذي أصابك لا أعتقد أنه قد أثر مباشرة على الطفل، ولكنه أيضاً مؤشر لا يمكن أن نتجاهله، بمعنى أنك ربما تكوني أنت عرضة للاكتئاب النفسي، وهذا جعلك لا تتحملي تصرفات طفلك أو تنظرين إلى طفلك دائماً نظرة سلبية.
إذا كان لديك الآن أي أعراض للاكتئاب فيجب أن تقدمي نفسك للعلاج، وتعرفين أن علاج الاكتئاب الآن أصبح سهلاً وبسيطاً.
أود أيضاً أن أرشدك بأن تتحصلي على أحد الكتب التربوية، والكتاب الذي كتبه الأخ الصديق الدكتور مأمون مبيض والذي هو من فلسطين المحتلة ويعمل في أيرلندا منذ سنوات طويلة، وهو طبيب نفسي، الكتاب الذي كتبه تحت مسمى (أولادنا من الطفولة إلى الشباب) أعتقد أنه كتاب تربوي جيد ومنهجه وأسلوبه بسيط جدّاً، فيمكنك الحصول عليه، وهذا هو الذي أود أن أنصحك به، وأسأل الله تعالى لابنك العافية والصحة.
وبالله التوفيق.