مخالفات فترة الخطوبة والتفكير بعقد القران دون علم الأب

2009-05-16 19:53:44 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا فتاة عمري (26 سنة)، خطبني شاب متدين وخلوق يكبرني بأربع سنوات، وذلك منذ حوالي شهرين، وسيكون زفافي بعد أربعة أشهر تقريباً -بإذن الله-، ووالدي مصر على عدم كتب الكتاب حتى الزفاف، ولكننا -أنا وخطيبي- نحب بعضنا كثيراً، ونحاول أن نتقي الله في علاقتنا، إلا أننا في أحايين كثيرة نخرج عن نطاق السيطرة، ونعيش بعدها بصراع الضمير والخوف من الله -عز وجل- وأننا هكذا نبدأ حياتنا بالغلط والحرام.

ويخطر على بالي كثيراً أن أقترح على خطيبي كتب الكتاب عند أحد الشيوخ دون إخبار أهلي أو أي أحد، حتى إذا حصل بيننا أي شيء لا يكون حراماً في هذه الفترة الحرجة، علماً بأننا حاولنا إقناع والدي بكتب الكتاب إلا أنه يصر على الرفض بحجة أنه لا يريد أن يزيد الرباط الذي بيننا حتى يوم الزفاف خوفاً عليّ، ولم نستطع إقناعه بأي طريقة، فهل تنصحون بذلك؟ وهل يصح كتب الكتاب بهذه الطريقة دون علم الولي؟

وجهوني لما يحب ربي ويرضى، فعذاب الضمير يؤرقني وخوفي من الله عز وجل يزداد كل يوم، وجزاكم الله عنا خيراً.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ ج.ي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأل الله العلي الأعلى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى أن يغفر ذنبك وأن يستر عيبك، وأن يوفقك لطاعته ورضاه، وأن يجنبك الفواحش والفتن ما ظهر منها وما بطن، وأن يجمعك بخطيبك هذا على خير، إنه جواد كريم.

وبخصوص ما ورد برسالتك، فإنكم تريدون معالجة الخطأ بخطأ أفدح منه، وتعالجين المعصية بمعصية أكبر منها؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليِّها فنكاحها باطل باطل باطل). وأمنا عائشة -رضي الله تعالى عنها- تقول: (لا تزوِّج نفسها إلا بَغي)، وفي رواية: (أيما امرأة أنكحت نفسها بغير إذن وليِّها فهي زانية). نسأل الله السلامة والعافية، وما فعله والدك -مع الأسف الشديد- إنما هو عُرف تعارف عليه معظم الناس، على اعتبار أنه يثق فيك، وهذا أرجو أن تنتبهي له، حيث يرى أنك فاضلة وأنك عفيفة وأنك لا يمكن أن تفرطي في عرضك، ومن أجل ذلك يرى أنه لا داعي لكتب الكتاب إلا يوم الزفاف، وهو لا يدري أنك تقعين في المعاصي ولا يدري أنك تخالفين شرع الله، ولذلك فإن هذه مسئولية كبيرة ملقاة على عاتقك.

مع الأسف الشديد هذا الموقف من والدك ليس هو موقفه وحده، وإنما معظم العوام إلا ما ندر يفعلون هذا الشيء، خوفاً منهم أن يحدث خلاف، ولا ينتبهون إلى أن هذا الكلام غير واقعي، وأن هذا الكلام غير صحيح، وأنه من الممكن أن يلتقي الخطيب بخطيبته ويحدث بينهما ما هو أعظم مما يتصورون.

ومع الأسف الشديد فإن هذا موقف خطأ من الوالدين، وفي نفس الوقت أيضاً أنت وقعت في خطأ أفدح من خطأ أبيك، ولا يوجد لك عذر في ذلك؛ لأن هذا الخطيب بالنسبة لك رجل أجنبي عنك، شأنه شأن أي إنسان آخر، وكل الذي بينك وبينه مجرد وعد بالزواج، وقد يتخلى عنك في لحظة؛ لأنه ليس زوجاً لك حتى الآن، فأنصحك أن تتقي الله تعالى، لأنك بهذه التنازلات التي تقدمينها لخطيبك تثبتين له أنك لست فاضلة، وأنك لست عفيفة، ومهما قلت بأنك تحبينه وأنك كذا فهو لن يصدق هذا في الواقع.

أنت تحرقين نفسك بالنار، وتجعلين الشك يسكن قلب الرجل حتى وإن قال لك (لا، وأقسم بالله أني ...)، والله مهما قال، الرجل الذي يرى البساطة ويرى التساهل من قبل خطيبته إلى أن تسلمه كل شيء فهو يقول بأنها ليست عفيفة.

وعليك أن تقرئي عن الضوابط التي تضبط علاقة الخطيب بخطيبته قبل أن تفعلي شيئاً إذا كنت تذكرين التقوى والخوف من الله، ولذلك أتمنى منك – إذا كنت تخافين الله حقّاً وإذا كنت تريدين أن تحافظي على كرامتك – أن تتوقفي الآن من أجل الله، وحتى لا تخوني والدك؛ لأن الذي تفعلينه خيانة لأسرتك، أسرتك تثق فيك وأنت بعت هذه الثقة بثمن بخس تحت رغبة الشهوة وتحت كيد الشيطان.

فاتقي الله تعالى، وتوقفي نهائياً عن أي لقاء مع هذا الخاطب، حتى ولو أن أهلك وافقوا على ذلك فهو لا يوافق الشرع، وأربعة أشهر ليست طويلة ولله الحمد، فتوقفي حفاظاً على دين الله، وصيانة للثقة التي أولاك إياها والدك لأنه يثق فيك على أنك فاضلة، ثم بعد ذلك أيضاً حماية لنفسك من سوء الظن مستقبلاً، وإذا زاركم في البيت فلا بد أن يكون في وجود محارمك جميعاً؛ لأن الخطبة مجرد رؤية مرة واحدة فقط، وأما نحن نتكلم مع بعض ونقعد ننسق لون الفراش وعرض السرير وطول الدولاب... هذا كله لا علاقة له أبداً، هذا كله خطأ أختي الكريمة لا علاقة له بالخطبة، هذا رجل أجنبي عنك، فأنت تصبرين وتحتسبين، وتبينين الأمر للأخ وتقولين له: (نحن نتوقف الآن من أجل الشرع، من أجل دين الله، نحن مسلمون وهذا الأمر لا يجوز شرعاً، فنتوقف من أجل الله حتى يبارك الله لنا)، حتى لا يشعر بأنك تخليت عنه ولا يشعر بأنك بدأت تكرهينه، فقولي له: (والله ما منعني من ذلك إلا مخافة الله لأن الله تبارك وتعالى قد يعاقبنا بعدم التوفيق بسبب هذه الأشياء التي نفعلها الآن وهي لا ترضي الله تعالى)، نسأل الله لك التوفيق والسداد، وأن يمنَّ عليك بزواج مبارك، وأن يبارك لك في هذا الأخ الفاضل، وأن يطيل في أعماركم على طاعته، وأن يوفقكما لالتزام شرعه، وأن يجعلكما من سعداء الدنيا والآخرة.

وبالله التوفيق.

www.islamweb.net