كيف أنصح ولدي المراهق ليتخلص من تصرفاته السيئة؟
2009-04-13 05:41:55 | إسلام ويب
السؤال:
ابني عمره 12 عاماً، وأخته عمرها 8 أعوام، منذ صغره دائم النزاع معها ويعاملها بعند وقسوة، مع أنه يحبها ويخاف عليها، وهي حنونة جداً معه، كما أنه محترف في الكذب والتخلص من أي موقف بمهارة، وقد حاولت أن أواجهه بهذا فيعتذر ثم يعود ثانية، وحاولت أن أتغاضى وأتظاهر بالتصديق فأصبح يتمادى حتى أهمل دراسته وانخفض مستواه الدراسي، ويخفي عنا درجاته وامتحاناته.
علماً بأنه كان دائماً الأول على صفه، ولكنه منذ ثلاث سنوات تراجع مستواه، وكان أساتذته يشيدون بذكائه، وبأنه من الممكن أن يحصل على درجات أعلى بزيادة اهتمامه وتركيزه، كما أنه منذ صغره دائم السرحان، ويقوم بتحويل أي موضوع يعرض أمامها إلى قصة ومسلسل يسرح فيه، وهو مولع بكرة القدم ويحب أن يكون مثل اللاعبين، ويسرد لي قصصا عن أهدافه ومهاراته في لعب الكرة مع أصدقائه، وأنا أعلم بأن هذا غير صحيح.
بالإضافة إلى أنه متكاسل في الصلاة، وأعتقد أنه يمارس العادة السرية، واكتشفت أنه يشاهد صوراً سيئة على الموبايل، وعندما واجهته قال لي: إنها ظهرت له فجأة من الإنترنت، وأنا أعلم تماماً بأن هذا كذب، وعندما سألته عن أصدقائه قال بأن بعضهم يشاهد هذه الصور ولكنه يرفض أن يفعل مثلهم، وقد كنت أصدقه في البداية ولكني اكتشفت كذبه.
مع العلم بأن أي حوار يحدث بيننا يكون بمنتهى الهدوء والحب والحنان، وقد تكلمنا معه أنا ووالده بطريقة مباشرة وغير مباشرة عن طريق سرد القصص والأحاديث بأن الكذب سيء ويوقع صاحبه في مشاكل كثيرة، فيعدنا بالالتزام ولا يفعل، ويبكي ويقول لوالده أن يضربه حتى يبتعد عن عاداته وطباعه السيئة وإهماله ولكن والده يرفض ويقول له بأنه رجل والرجال لا تهان أبداً، وأنا ووالده ملتزمان، ووالده على خلق ودائم الصلاة في المسجد، فكيف نقضي على عادة الكذب ونمنعه من ممارسة العادة السرية والصور السيئة؟ علماً بأني لم أخبر والده عن موضوع صور الإنترنت، فماذا أفعل؟!
وشكراً لكم.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ لميس حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فلا شك أن هذه المكونات السلوكية التي ظهرت على هذا الابن هي إشارات من إشارات جنوح الصبية، ولا شك أنها ليست وليدة اللحظة، فهي خبرات متراكمة يكون اكتسبها من هنا ومن هنا، والحل يتطلب الجهد ويتطلب اليقظة والتركيز من جانبك ومن جانب والده، ولابد أن يقترب والده إليه، وقد شعرت أنه لا يوجد قصور لا من جانبك ولا من جانب والده – حسب ما ورد في الرسالة – ولكن لا شك أنه ما دام هناك اضطراب في المسلك فلابد لهذا الاضطراب أن يعالج.
واضطرابات المسلك لدى الصبية أسبابها: إما لمشكلة في شخصية الطفل أو المجتمع الذي يعيش فيه – أي البيئة - أو للأسرة مع احترامنا الشديد لكم.
وأغلب الظن تكون هذه الجزئيات الثلاثة متفاعلة مع بعضها البعض وتدعم بعضها البعض بنسب مختلفة، وينتج عن ذلك السلوك الانحرافي.
هذا الابن ذكرت أنه بالغ وعمره اثنا عشرة سنة، وهذا يعتبر بلوغا مبكرا، وتعتبر هذه حالة شاذة بعض الشيء؛ لأن الأولاد لا يبلغون في هذا العمر، إنما هي سن اليفاعة والطفولة المتأخرة، وعموماً يحتاج هذا الابن أن يوعّى توعية كبيرة، وتقوم هذه التوعية على أسس قوية، ولا شك أن مبدأ الترغيب ومبدأ عدم تحديه في أفكاره وتصرفاته وإنما توجيهه وإرشاده وتوبيخه بما هو معقول سوف يساعده، لا أعتقد أن الكلام وحده يفيد، نحن كثيراً ما نلقي محاضرات على أبنائنا ونعرف تماماً أن درجة الاستيعاب قد لا تكون جيدة، والأفعال والتطبيقات هي التي تفيد.
هذا الابن يمر بهذه المرحلة – مرحلة اليفاعة وبدايات المراهقة – يجب أن نشرح له أنه توجد تغيرات كثيرة بيولوجية ونفسية وسلوكية في هذه المرحلة، وهو في حاجة إلى مساعداتكم، ويجب أن نوضح له أن كلمة (المراهقة) ليست كلمة سيئة وليست وصمة كما يعتقد البعض، فكلمة المراهقة تعني الانتقال وليست أكثر من ذلك، أي الانتقال من فترة الطفولة إلى الرجولة، وهذا سوف يكون مشجعاً لهذا الابن حين نحدثه أنه الآن في مرحلة انتقال، وأن الرجولة لها متطلباتها، ولها ضوابطها ولها مسئولياتها، وإن شاء الله هو أهلٌ لذلك.
في هذه المرحلة أيضاً يكثر النوم وتتسع المعدة أيضاً لكميات كبيرة من الطعام، وهذا يزيد من طاقات الولد، وهذه الطاقات قد تؤدي إلى ممارسته للعادة السرية، والتنبيه اللطيف بخطورة هذه العادة – وهذا واجب والده – ويجب أن نعلمه مضارها النفسية والعضوية، وموقف الدين الإسلامي منها، ويجب أن نجعله يدرك سوء ما يمارسه، ولا نقول له فقط العادة السرية سيئة ونسكت على ذلك، بل يجب أن يكون هنالك شيء من التفصيل والتوجيه، وفي ذات الوقت يجب أن يستهلك طاقاته في رياضة ما، ولا نتركه ينام لفترات طويلة، ويرتب الطعام الذي يتناوله، وينخرط في بعض الأنشطة الرياضية وغيرها، ونعطيه مسئوليات داخل المنزل، ونشعره بأهمية وجوده وبأنه عضو فعال في الأسرة، هذا يعطيه إن شاء الله الشعور بالانتماء والشعور بالكينونة.
وأما موضوع الكذب لدى اليافعين والأطفال ربما تكون فترة مرحلية، لا نجري تحقيقاً مع أولادنا، وبالطبع لا نتهاون ولا نجمل لهم الكذب، ولكننا نحكي عن قيمة الصدق كقيمة أخلاقية وإسلامية رفيعة، ولا نقول له أنك تكذب، بل نقول له إنك في بعض الأحيان ربما لا تقول الحقيقة خوفاً من كذا وكذا، ولكن لا يوجد ما تخافه، ونوضح له بأن الإنسان الذي لا يكون دقيقاً في كلامه قد يتعلم الكذب، والكذب صفة ذميمة، نقول له هذا وإن كنا نعرف أنه يكذب، وبعد ذلك نضعه في مواقع ومواقف لابد أن يكون فيها صادقاً، فعلى سبيل المثال نعطيه مبلغاً من المال ونقول له اذهب وأحضر كذا وكذا من الدكان، ويكون المبلغ الذي أعطي له مطابقاً لسعر الأشياء التي طُلب منه إحضارها، وحين يحضرها نقول له ما شاء الله لقد أحضرت الأشياء كما هي.
هذا مثال بسيط، ولكن نكون قد أعطيناه الثقة وقد صدقناه ولم نكذبه؛ لأنه في الأصل ليست له فرصة أن يكذب في مثل هذا الموقف، ولابد لوالده أن يصطحبه معه ويتخذه صديقاً، يذهب به إلى المسجد لأداء الصلوات، ويحاول أن يتخير له الأصدقاء الجيدين، وما نسميه بضغط الزمالة يعتبر عاملاً مؤثراً وقوياً في تحديد سلوك الطفل؛ لأن الطفل والمراهق يتعلم ويتأثر بزملائه، ويكتسب خبرات ومهارات كثيرة منهم، يجب أن نكون على وعي في تخيرنا للأصدقاء، حتى تكون هذه المهارات مهارات إيجابية.
أما مشاهدته للصور الفاضحة فلا شك أنه سلوك مؤسف اكتسبه من شخص ما، وبكل أسف أصبحت الآن توجد الكثير من الوسائط التي تسهل هذا الأمر، لا نجعل هذا الأمر قضية كبيرة ومزعجة، نوضح له المخاطر والمساوئ، ولا نشعره أننا كأننا نتجسس عليه، ولا نعطي الموضوع أهمية كبيرة، فكما ذكرت نحاول تجاهله ونحاول إرشاده.
الرياضة أمر جيد ولكن يجب أن لا يكون ذلك لدرجة أن يؤثر على نشاطاته الحياتية الأخرى خاصة النشاطات الأكاديمية، ولكن ندفعه ليلعب كرة القدم لأن ذلك سوف يمتص طاقاته الجسدية مما يجعله يبتعد عن العادة السرية، كما أنه سوف يعطيه اتجاهات نفسية إيجابية، يعرف من خلالها روح الجماعة، ولا بأس أن نتخير بعض اللاعبين الملتزمين، فهناك الكثير من اللاعبين يعرف عن التزامهم وصدقهم، وهنالك اللاعب المالي الذي يلعب في أسبانيا والذي تبرع بمبلغ كبير جدّاً لبناء مسجد في بلده، وهنالك من هؤلاء اللاعبين من يقوم بإنشاء جمعيات خيرية، والذي يجب أن يعرف أن هؤلاء اللاعبين لم يصلوا إلى هذه المستويات إلا لأنهم لا يقولون إلا الصدق، ولأنهم ينظمون أوقاتهم، ينامون في وقت صحيح ويستيقظون في وقت محدد، يتناولون أطعمة جيدة.
ويمكن أن نعطيه أمثلة للاعبين تدهور مستواهم بعد أن انغمسوا في السهر وفي الشهوات.
إذن هوايته التي يستأنس بها يمكن أن نستفيد منها في أن يبني قدوة حسنة من هؤلاء اللاعبين.
وأما سرد قصصه عن أهدافه ومهاراته الكروية هي جزء من أحلام اليقظة التي تحدث كثيراً في هذه السن - وهذا يجب ألا يكون مزعجاً لك - فلا تعطيها صفة الكذب، إنما هي أحلام اليقظة، حاولي أن توجهيه في أثناء الكلام، أو تغيري الموضوع وتتحدثي عن أهداف أخرى، وأتمنى أن يصطحبه والده إلى المسجد لأن التطبيق العملي دائماً هو الأفضل، ويا حبذا لو أتيحت له الفرصة للانضمام إلى حلقات تحفيظ القرآن، سوف يجد فيها رفقة طيبة، وممارسته للأنشطة الرياضية بتوجيه أيضاً في نظري سوف تكون أمراً جيداً، واللجوء إلى تحفيزه وإثابته حين يقوم بأي عمل إيجابي، أرى أن ذلك أمراً ضرورياً لبناء شخصيته ومهاراته.
ورغم أني أعرف أن الأمر ليس بالسهل، ولكنه ليس بالمستحيل، حاولي أن تقربي ابنك إليك وكذلك والده، يجب ألا ينفر، ويجب أن يساعد في دراسته، ويجب أن يساعد في تنظيم وقته كما ذكرت. هذه كلها عوامل تؤدي إلى استبدال السلوك السلبي بسلوك إيجابي.
يوجد كتاب جيد للأخ الدكتور (مأمون مبيض) الكتاب بعنوان (أولادنا من الطفولة إلى الشباب)، أرجو الحصول على هذا الكتاب وقراءته جيداً، ففيه الكثير من التوجيه السلوكي لكيفية التعامل مع الأبناء في المراحل الارتقائية المختلفة.
الحمد لله أن التزامك والتزام والده بالصلاة وذهاب والده الدائم إلى المسجد سوف يكون فاتحة خير لهداية هذا الابن، وكما ذكرتُ الملاطفة وتشجيعه وتحفيزه هي الوسائل التي من خلالها سوف يتغير سلوكه بإذن الله، وعليك أن تكثري من الدعاء أن يصلح الله أمره، وختاماً نشكرك على تواصلك مع موقعك إسلام ويب.
وبالله التوفيق.