الرغبة المستمرة في الذهاب إلى الحمام وعلاقتها بحالات القلق النفسي
2009-03-20 19:26:42 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
السادة الأفاضل إليكم معاناتي المرة، وأنا قد عزمت النية على ألا أرسل لكم مرة أخرى .. -أرجو منكم ألا تسيئوا الظن-.
أرسلت لكم كثيراً من الرسائل منها عن قلة النوم، وأخرى عن قلة الثقة، وكذلك عن ضياع الطموح وعن الماضي السيء الذي لا يفارق مخيلتي، أنا لا أنام جيداً لأني أشعر بالرغبة بالذهاب إلى الحمام، ووصفتم لي أدوية ولكن لا فائدة.
أرجو منكم ألا تنسوا ابنكم لأني محتاج لكم وأنتم غير محتاجين لي، وشكراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد الدوسري حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فبارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، وأقول لك - أخي الكريم الفاضل - أنك مرحب بك جدّاً في استشارات إسلام ويب، ولا يمكن أن نتجاهل رسالتك أو أي رسالة تصلنا من الإخوة والأخوات الكرام.
نحن نسدي النصح والإرشاد على أسس علمية، ويبقى بعد ذلك التطبيق هو المهم والضروري على من يسترشد بآرائنا، ونعرف تماماً أن الكثير من الناس لا يطبق هذه الإرشادات، بعض الناس يريد التغيير دون أي جهد من جانبه، وهذا لا يمكن أن يحدث فنحن نعرف أن علاج الحالات النفسية هي مشاركة ما بين المعالج وما بين الشخص الذي يعاني من هذه الحالات.
المعالج من واجبه أن يعطي التوجيه الصحيح والأمين، والشخص الذي يتلقى العلاج عليه أن يطبق وأن ينفذ وأن يصبر وأن يتفاءل وأن يسعى نحو التحسن، والتغيير لابد أن يأتي من الذات، وأنت تعرف ونحن نعرف أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فهذه دعوة قرآنية صريحة لنا لأن نسعى بأن نغير ما بأنفسنا أيّاً كان هذا الذي بأنفسنا، فيجب أن نزيل هذه السلبيات، والحق تعالى ما كلفنا بذلك إلا أنه – سبحانه وتعالى – يعرف أن لدينا المقدرة على التغيير، فالله تعالى لا يكلفنا ما فوق طاقتنا، كلفنا في هذه الآية الكريمة بأن نسعى للتغيير، وقد قال تعالى: (( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ))[التغابن:16] وقال: (( لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا ))[البقرة:286]، والتغيير يجب أن يأتي منا وعلى قدر استطاعتنا.
فهذه دعوة صريحة لنا جميعاً بأن نسعى لأن نغير من مزاجنا، أن يكون تفكيرنا إيجابياً، فأنت تتكلم عن قلة الثقة في نفسك، اسأل نفسك: لماذا تكون ثقتي في نفسي قليلة؟ لماذا لا أكون مثل بقية الناس؟ أنا شاب، أنا صاحب مقدرات- هذا هو التغيير - لماذا لا أكون طموحاً وأكون واقعياً في نفس الوقت؟ لأن الطموح الذي ليس في نطاق الواقع ليس طموحاً جيداً، والطموح يأتي أن تضع أهدافاً معقولة وأن تسعى لها. فمثلاً إذا أردت على سبيل المثال أن تحفظ جزئين من القرآن...هذا طموح، ولكن هذا لا يأتي لي إلا إذا وضعت برنامجاً لهذا الحفظ والتزمتُ به.
إذن هنالك هدف وهنالك طموح وهنالك آليات للتطبيق، إذا نفذتُ هذه الآليات سوف أصلُ إلى ما أريد، وإذا لم أنفذها فلن أصل إلى ما أريد.. وهكذا - أخي الكريم -.
الماضي السيء أو الماضي الجيد ما هو إلا تجارب، حتى الذين يعتقدون أنهم قد عاشوا ماضياً سعيداً ليس هذا بالضروري أن يؤدي إلى إسعادهم في الحاضر أو في المستقبل، أبداً، كما أن الذين يعتقدون أنهم عاشوا ماضياً سيئاً ليس هذا من الضروري أن ينعكس على حاضرهم أو على مستقبلهم، الماضي أيّاً كان هو تجربة، والتجارب يستفاد منها وتعامل على هذا الأساس، فلا تعش حسرات، ولا تعش الندم، عش الحاضر بواقعية والمستقبل بقوة وأمل ورجاء، وهذا هو المفترض.
يجب أن تستفيد من وقتك ويجب أن تستثمر وقتك، ويجب أن تكون لك الصحبة الطيبة والقدوة الحسنة التي تأخذ بيدك وتساعدك من أجل أن تصل إلى ما تصبو إليه.
الرغبة في الذهاب إلى الحمام، قلنا لك أن هذا من أعراض القلق النفسي، وهذا يعالج كثيراً بممارسة الرياضة، والأدوية التي وصفناها لك إذا لم تفدك يمكن أن تستبدل بأدوية أخرى، ولكن الأدوية أيضاً تتطلب الصبر وتتطلب الالتزام.
النوم له صحة وله ضوابط، النوم غريزة بيولوجية، وقد تضطرب ويكون السبب في اضطرابها إما القلق أو تطبيقاتنا السيئة وعدم التزامنا بصحتنا النومية.
إذا أردت أن تنام نوماً هنيئاً يجب ألا تنام في أثناء النهار، هذا مهم وضروري لكن لا مانع من القيلولة الشرعية التي لا تزيد عن نصف ساعة أو خمسة وأربعين دقيقة.
ويجب أن تمارس الرياضة لمدة ساعة على الأقل، ويجب ألا تتناول المثيرات كالقهوة والشاي بعد الساعة السادسة مساءً، ويجب أن تثبت وقتاً تذهب فيه إلى فراشك – هذا ضروري جدّاً بأن يوازن ما يعرف بالساعة البيولوجية- ويجب أن تكون حريصاً على أذكار النوم.. هذا - إن شاء الله تعالى – يعطيك النوم، النوم السليم والنوم المفيد.
أختم رسالتي هذه بأن أصف لك عقارا يسمى تجارياً باسم (ريمارون Remeron) ويعرف علمياً باسم (ميرتازبين Mirtazapine)، فهو عقار جيدٌ سوف يساعدك على النوم، وإن شاء الله يزيل ما بك أيضاً من كدر، ولكن في نهاية الأمر عليك أنت أن تسعى نحو التغيير.
قوة الحبة من هذا العقار هي ثلاثين مليجراماً، أرجو أن تبدأ بجرعة خمسة عشر مليجرام – أي نصف حبة – تناولها ليلاً بانتظام لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى حبة كاملة، واستمر عليها لمدة ثلاثة أشهر، ثم خفضها إلى نصف حبة ليلاً لمدة شهرين، ثم توقف عن تناول الدواء.
أسأل الله لك العافية والشفاء، وبارك الله فيك.
وبالله التوفيق.