مكافأة الطفل وتحفيزه على الدراسة
2008-12-22 12:47:28 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله.
يوجد لدي ولدان، الكبير عمره ثمان سنوات وهو نشيط وكثير الحركة والكلام ولكنه لا يستطيع الاعتماد على نفسه في حل واجباته المدرسية، وكلما جربت معه أسلوبا ليعتمد على نفسه فشل.
فماذا عساي أن أفعل معه وخصوصاً بأن أخاه أصبح في الصف الأول وبحاجة لمتابعة مع العلم بأنه يغار كثيراً من أخيه وهو الآن في الصف الثالث؟
وجزاكم الله خيراً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سلسبيل حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فجزاك الله خيراً وبارك الله فيك.
فإنه بلاشك أن الدراسة والمذاكرة ليست من الأمور المرغوبة لكثير من الأطفال؛ لأن الطفل لا يقدر قيمة العلم ولا يعرف فائدته.
من أفضل الطرق التربوية والسلوكية هي أن نحاول أن نقوّم من شخصية ومسلك الطفل بصفة عامة، وهذا سوف ينعكس إيجاباً على الدراسة، أن نحفز الطفل، وأن نكافئه، وأن نشجعه، وألا نكثر كثيراً من انتقاده، والطفل في هذا العمر إذا أُشعر بأنه مهم في الأسرة وأنه مرغوب فيه وأنه أصبح في وضع حتى يمكنه المشاركة في قرارات الأسرة، هذا الكلام قد يبدو غريباً ولكنه ليس كذلك؛ لأنه على سبيل المثال إذا شاورت طفلك في أمر بسيط: كيف نقضي يوم الجمعة؟ هذا سؤال ليس بالسهل، وحين يقول لك الطفل: (نذهب إلى الصلاة وبعد ذلك نأتي ونتناول طعام الغداء ثم نخرج)، وهكذا تكون أعطيت طفلك الفرصة لأن يحس بأهميته وأنه عضو فاعل في الأسرة، وهذا ينمي الشخصية بصفة عامة.
إذا كان هذا الطفل نشيطا وكثير الحركة لابد أن نتأكد هل هو فعلاً يعاني من داء فرط الحركة الزائد أم أنها مجرد حالة عابرة كما يحدث لبعض الأطفال؟
داء فرط الحركة يتميز بأن الطفل يكون كثير الحركة لا يجلس حتى في حالات الأشياء التي يرغب فيها مثل مشاهدة التلفيزيون وغير ذلك، لا يستطيع أن يجلس لمدة عشر دقائق على سبيل المثال. كما أن الطفل يكون اندفاعياً وربما تظهر عليه بعض بوادر العنف.
هذا هو داء فرط الحركة، ولكن النشاط الزائد نسبياً الذي لا يعيق انتباه الطفل في الأوقات التي يمارس فيها شيئاً يرغب فيه، هذا يجعلنا مطمئنين أن الطفل لا يعاني من ضعف الانتباه أو من كثرة الحركة المرضية.
عموماً أرجو أيضاً أن تذهب إلى المدرسة وتسأل المعلمين عن مستوى حركته في أثناء الحصة الدراسية، وكذلك مدى تفاعله وتواؤمه مع بقية زملائه الطلاب. هذا التقرير المدرسي إذا كان تقريراً دقيقاً ويقوم على أسس يعتبر ضرورياً جدّاً لتشخيص حالته.
وأرجو أيضاً أن تلاحظ أنت في المنزل هل يستطيع الجلوس لمشاهدة التلفزيون مثلاً لفترة معقولة؟ هل إذا كانت لديه لعبة في يده أو شيء يحبذه ويفضله يمكن أن يندمج ويشد انتباهه نحو هذه اللعبة؟
إذا كان ذلك يحدث فالطفل لا يعاني من داء فرط الحركة، أما إذا كان ذلك يحدث فهو قطعاً يعاني من هذه العلة ولابد أن تعرضه على الطبيب النفسي المختص لأمراض الأطفال حتى يقوم بإجراء التوجيهات السلوكية اللازمة وإعطائه بعض الأدوية التي تقلل من الحركة ومنها عقار يعرف تجارياً باسم (ريتالين Ritalin) ويعرف علمياً باسم (ميثلفينيدات Methylphenidate).
يبقى بعد ذلك التوجيهات السلوكية العامة، وقد تكلمنا قليلاً عن كيفية بناء شخصية الطفل، وذلك بتشجيعه، وإشعاره بأهميته كعضو فاعل في الأسرة.
ثانياً: يفضل أن تتاح للطفل الفرصة بأن يلعب مع بقية الأطفال، فهذا أيضاً يلعب في تنمية شخصيته.
ثالثاً: هناك نوع من الألعاب التي تحمل الصفة التعليمية والتوجيهية وهي تفيد الأطفال كثيراً في توسيع آفاقهم وإزالة القلق الداخلي والتوتر منهم.
فأرجو أن تستفيد من الألعاب بالنسبة له وبالنسبة لأخيه الآخر.
قضية الغيرة هي حقيقة متواجدة بين الأطفال، وإن شاء الله لن يتأثر أخوه سلباً، فكن حريصاً أن تجعله يحس أنه الأكبر وأنه هو الذي يُرجى منه أن يساعد أخيه - وهكذا -.
يبقى بعد ذلك موضوع الدراسة، والدراسة من المهم جدّاً أن نساعد على تنظيم وقته، ويجب أن نقوم نحن بأنفسنا بسلوك يشعر الطفل بأهمية الدراسة، وهذا يتم عن طريق: إذا قلت لابني: اذهب واقض واجباتك المدرسية ربما لا يقوم بذلك، ولكن إذا جلست أنا أيضاً على الطاولة وبدأت أقرأ في شيء أو أشعرته كأن لي واجبات أيضاً أقوم بقضائها خاصة بعملي وأنا الآن أنفذ هذه الواجبات، فهذا يدعم الطفل تدعيماً نفسياً وسلوكياً كبيراً.
فالذي أرجوه على الأقل في البدايات هو أن تجلس أنت أيضاً وقل لابنك: (اجلس أنت أيضاً واقضِ واجباتك المدرسية وادرس من هذه الصفحة إلى هذه الصفحة، وأنا نفسي لديَّ الآن ما سأقوم بدراسته أو الاطلاع عليه) حتى ولو كنت تقرأ في كتاب عام.
إذن التطبيق العملي من جانبك سوف يساعد ابنك، وهذه حقيقة لاشك فيها.
ثانياً: يجب أن أحفز الطفل قبل وبعد الدراسة، أحفزه قبل الدراسة بأن أعده أنه بعد أن ينتهي من واجباته المدرسية سوف أقوم – على سبيل المثال – بالسماح له بأن يجلس ويشاهد فلم كرتوني في التلفزيون أو يذهب ويلعب بالبلاستيشن لمدة ساعة مثلاً.
إذن أنت تكون حفزته بوعد ليس صعب التنفيذ، وفي نفس الوقت ساعدته في إدارة وقته، وهذا أيضاً يساعده كثيراً.
ويأتي بعد ذلك التحفيز بعد أن يقضي واجباته وذلك بالكلمة الطيبة معه والابتسامة في وجهه، واحتضانه - وهكذا – هذه كلها دوافع نفسية إيجابية مهمة جدّاً، فأرجو أن تحرص أنت ووالدته على هذا المنهج.
هناك طريقة نسميها بطريقة النجوم التحفيزية، وهي أن الطفل إذا قام بأي عمل إيجابي: الدراسة، أو أبدى اهتمامه بنفسه وترتيب ملابسه مثلاً وقام بترتيب سريره في الصباح، هذه أشياء بسيطة في الحياة ولكنها مهمة جدّاً من الناحية التربوية والسلوكية. إذا قام بأي فعل إيجابي نقوم بإعطائه نجمتين أو ثلاثة، وذلك بأن تلصق هذه النجوم بالقرب من سريره، ويكون هناك اتفاق وشرح واضح للطفل أن كمية النجوم التي سوف يكتسبها سوف تستبدل له بهدية طيبة وجميلة ومرغوبة لديه في نهاية الأسبوع، ولابد أن نتفق على قيمة، فعلى سبيل المثال نقول له: (كل نجمة تكتسبها قيمتها نصف ريال - وهكذا -) وفي حالة أن الطفل قام بسلوك سلبي نخصم منه نجمة أو نجمتين.
إذن هو يعرف أن هناك مبدأ ثواب ومبدأ عقاب، وسوف يتفهم الطفل أن ما يجنيه من نجوم هو الذي سوف يحدد حجم ونوع الحافز الذي سوف يعطى له. هذه طريقة علمية وطريقة صحيحة إذا طُبقت بالطريقة الصحيحة مع الإرشادات السابقة التي ذكرتها أعتقد أنها سوف تساعده مساعدة كبيرة جدّاً.
لاشك أن الأمور التربوية الأخرى ضرورية بأن تجعل ابنك يذهب إلى الصلوات معك في المسجد، وبأن تجعله يذهب إلى حلقات التحفيظ مع بقية الأطفال، هذه كلها أمور تربوية وتعليمية تنمي الطفل نفسياً وسلوكياً وأكاديمياً واجتماعياً.
أرجو أن تتيح لابنك أيضاً فرصة بأن يمارس أي نوع من الرياضة؛ لأن الرياضة تمتص كل الطاقات السلبية، خاصة طاقات الحركة الزائدة والانفعالات الداخلية لدى الأطفال.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيراً، ونسأل الله لابنك النجاح والتوفيق.
وبالله التوفيق.