طرق الإصلاح بين الأب وأخيه
2008-12-01 09:38:32 | إسلام ويب
السؤال:
والدي قطع علاقته بأخيه الوحيد تقريباً منذ 4 سنوات، وعمي هذا كنت أحبه جداً، وكنت أحكي له كل أسراري، وأتمنى أن يتصالح أبي معه.
دعوت الله في كل صلواتي أن يتصالحا، وكلمت أبي في هذا الموضوع أكثر من مرة وأتمنى أن يسمعني، أرجوكم قولوا لي ماذا أعمل أكثر من هذا؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Soha حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك إسلام ويب، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يبارك فيك، وأن يثبتك على الحق، وأن يهديك صراطه المستقيم.
كما نسأله تعالى أن يجعلك سبباً في إعادة المودة والمحبة ما بين أبيك وعمك، وأن يجعلك دائماً على خير، وأن يوفقك في دراستك، وأن يُسمعنا عنك كل خير، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك - ابنتي الكريمة الفاضلة – من أن والدك قطع علاقته بأخيه الوحيد منذ أربع سنوات، وأنك حاولت مع والدك وكلمته أكثر من مرة إلا أنه لم يستجب فماذا تفعلين؟
أولاً: عليك ألا تقطعي العلاقة بعمك؛ لأن الذي أمرك بوصله إنما هو الله تعالى، ولكن لا يلزم أن تخبري والدك بذلك إلا إذا كان ليس لديه مانع؛ لأن أحياناً بعض الآباء يقول لا مانع من أن تتكلموا أنتم معه ولا يوجد مشكلة، فإذا كان أبوك يسمح لك أن تتكلمي معه فإذن تكلمي معه؛ لأن هذا والدك، وإلا فأخفي ذلك عنه.
ثانياً: إذا لم يأذن لك فمن الممكن أن تتصلي معه بين الحين والآخر، حتى لا تكونين أنت أيضاً قاطعة للرحم كأبيك.
ثالثاً: لو أن والدك منعك من الاتصال فلا تستجيبي له، قولي له هذا خطأ شرعي، لأنك تأمرني الآن بمعصية الله، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق)، وليكن ذلك برفق ولين ولكن هذا فحوى الكلام؛ لأن مقام الأبوة عظيم، وحتى لو كانوا عصاة فإننا مأمورون بحسن الأدب معهم والرفق بهم.
رابعاً: أتمنى أن تدخلي على النت كما دخلت الآن، وأن تكتبي في محرك البحث (جوجل) "قطع الرحم" مقالة من المقالات الجيدة أو خطبة من الخطب الطيبة تطبعينها أو تكتبينها، ثم ترسلينها لوالدك هدية في رسالة، حتى يتأكد من أنك حريصة على الإصلاح وأنه مخطئ؛ لأنه لو قرأ الأحاديث التي تُبين خطورة قاطع الرحم، وفهم الآيات التي تدل على ذلك لحاول أن يجتهد في إعادة العلاقة مع أخيه كما كانت.
أيضاً من الممكن أن نعرف الأسباب التي أدت إلى هذه القطيعة، فقد يكون عمك مخطأً فعلاً، وفي هذه الحالة تحثين عمك على أن يعتذر لأبيك، باعتبار أن والدك هو الأكبر فلا مانع أن يعتذر له أخوه، أما إذا كان عمك هو الذي أخطأ ولا يريد أن يعتذر فإذن يكون هو المخطئ، وفي هذه الحالة يلزمك أن تحاولي إقناعه، بأن يعتذر لأخيه الذي هو والدك حتى تعود المياه لمجاريها.
فإذن أقول بارك الله فيك: هناك كتب كثيرة موجود فيها عقوبة قاطع الرحم، وهناك أيضاً تدخلين على موقع جوجل وتكتبين (عقوبة قطع الرحم) تأتيك عشرات المواضيع أو عشرات العناوين، ومن خلالها تستطيعين أن تأخذي موضوعا رائعا وتطبعينه، ثم ترسلينه لوالدك أو تقدمينه له وتقولي له: (يا والدي هذه هدية، ولكن أسألك بالله أن تقرأها) فلعل هذا أن يؤثر، وكذلك نفس الشيء تفعلينه مع عمك، نفس الصورة تعطينها لعمك، وصورة تعطيها لأبيك، حتى تقربين ما بينهما.
ومن الممكن -ابنتي الكريمة الفاضلة- إذا كان لك أقارب بعيداً عن أبيك وعمك، يعني مثلاً عم لأبيك أو خال لأبيك، ناس كبار لهم ثقل ولهم منزلة عند أبيك وعند عمك، أن تطلبي منهم المساعدة في الصلح ما بين عمك وأبيك، وهذا من الممكن أن يتم، وإذا كانت لك جدة مثلاً تستطيعين أن تستعيني بها.
المهم أن تحاولي إدخال أي طرف آخر له ثقل عند الاثنين على أن يصلح ما بينهما -بإذن الله تعالى-.
وأنا واثق - إن شاء الله تعالى – أن والدك سوف يستجيب لك بهذه الهمة العالية، وسيكرمك الله تبارك وتعالى بهذه السبل أو بهذه المساع الحميدة التي تبذلينها، وأضيف إلى ذلك أيضاً ضرورة الدعاء، فبارك الله فيك تقولي أنك دعيت في كل صلاة أن يتصالحوا، فلا تتوقفي أبداً عن الدعاء -ابنتي سها- لأنه لا يرد القضاء إلا الدعاء، وتأكدي من أن الله تبارك وتعالى سوف يستجيب لدعائك يوماً من الأيام؛ لأنه قال: ((أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ))[البقرة:186]، وقال أيضاً: ((وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ))[غافر:60].
ذكري والدك بأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا يدخل الجنة قاطع رحم)، وفقك الله وسدد خطاك، وكلل جهودك بالنجاح، وأصلح بك بين والديك.
وبالله التوفيق.