الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنك لست مصاباً بقولون عصبي، بل هو جزء من مرض القلق النفسي الذي تعاني منه، ويعرف أن القلق النفسي هو من أكبر مسببات القولون العصبي، فالقولون العصبي ناتج من القلق وليس سبباً في القلق، كما أن المخاوف المرضية بصفة عامة هي نوع من أنواع القلق النفسي وليس أكثر من ذلك.
ويعرف أن مثل هذه الأعراض ينتج عنها اكتئاب ثانوي بسيط، ولا أقول أنك مصاب باكتئاب حقيقي، ولكنها مجرد أعراض عسر مزاج ثانوية، فأرجو أن تتفهم أن حالتك بسيطة، وقد تكون مزعجة بعض الشيء، ولكن القلق هو طاقة نفسية مطلوبة بالنسبة للإنسان، فلابد أن نقلق لكثير من الأمور في الحياة، والإنسان الذي لا يقلق على معيشة أولاده مثلاً لا يأتي للعمل، أو قد يتكاسل عن ذلك، فالإنسان الذي لا يستشعر واجباته الأسرية لا يقوم بها؛ لأنه منعدم لديه القلق في هذا السياق، والإنسان الذي لا يقلق حيال صلته بربه يتقاعس عن عباداته وصلواته، وهكذا.
وأما بالنسبة للخوف والتوهم المرضي، فهذا أمر وارد، فإذا لم نخف من الأمراض لم نقِ أنفسنا ولم نذهب إلى العلاج، ولكن هذا الخوف لابد أن يكون في حدود المعقول، وحينما نقوي من إرادتنا ونقوي من توكلنا ونسأل الله تعالى أن يشفينا وأن يحفظنا، فهذا يقلل من هذا التوهم، كما أنه ينبغي أن تتوقف عن التردد على الأطباء، فلا تتردد على الأطباء كثيراً، واذهب إلى طبيب الأسرة مرة واحدة كل ستة أشهر وقم بإجراء فحص عام، وقارن نفسك بالآخرين سوف تجد أنك أفضل بكثير من كثير من الناس.
وأما بالنسبة الخوف من الموت، فهو أمر مشروع، ولكن الإنسان دائماً حقيقة يسعى ويستعد للموت، وذلك بالتقرب إلى الله بعمل الصالحات والطيبات والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وأن يسأل الله أن يحسن خاتمته، ولا أعتقد أنه لا يوجد أي علاج غير ذلك، فالموت هو الحقيقة الثابتة الأبدية، وحين يأتي سوف يأتي، والأعمار بيد الله، ونحن نشاهد المرضى في المستشفيات يظلون على حالهم لسنوات وكم يموت عدد كبير من الأصحاء في نفس الوقت، فالأمر يتعلق بالقدر، وذلك بأن تتوكل على الله وتسأل الله أن يحفظك وأن يطيل عمرك في عمل الخير.
وأما العلاجات الأخرى فلابد أن تمارس الرياضة، والرياضة مفيدة لإزالة أعراض القلق والخوف، خاصة الأعراض المتعلقة بالقولون العصبي، وتظهر قيمة الرياضة في أنها تؤدي إلى إفراز موصلات عصبية كيميائية داخلية منها مادة تعرف باسم تعرف باسم (إندروفين Endorphin) و(إنكلفين Enkephalins) وهذه المواد سماها بعض العلماء بـ (الأفيونات الداخلية Endogenous opiates) أو المرفونات الداخلية للمخ، وذلك لأنها تؤدي إلى راحة واسترخاء وطمأنينة وإزالة القلق دون إدمان، وهذا ينتج عنه تحسن كبير في التركيز، فأرجو أن تنتهز هذه الفرصة وتستفيد من القيمة العلاجية للرياضة.
وأما الطريقة التي تقضي بها وقتك، فحاول أن تستثمر وقتك وتوزعه بصورة صحيحة، فهذا أيضاً يقلل من أعراض القلق والخوف بصورة ممتازة.
يأتي بعد ذلك العلاج الدوائي، والأدوية التي وصفها لك الطبيب هي أدوية جيدة، ولكن نعرف أن الأدوية قد لا تناسب الإنسان في بعض الأحيان، فكل دواء له تفاعل يعتمد على المكونات الجينية للإنسان، وهذا أمر اتضح الآن، ولذا نضطر في كثير من الأحيان أن نغير وأن نبدل الدواء حتى نستقر على الدواء الذي يناسب الإنسان ويوافق البناء الكيميائي.
إذن أعتقد أن العقار الذي يعرف تجارياً باسم (زولفت Zoloft) أو (لسترال Lustral) ويسمى علمياً باسم (سيرترالين Sertraline) سوف يكون دواءً مناسباً بالنسبة لك، وأرجو أن تصبر عليه، كل شيء يتطلب الصبر، فالمرض يتطلب الصبر، والعلاج يتطلب الصبر، وحتى الصحة والعافية حين تأتي تتطلب الصبر حتى نحفظها.
وهذا الدواء علاج ممتاز وقليل الآثار الجانبية، فابدأ بجرعة خمسين مليجراماً (حبة واحدة) ليلاً بعد الأكل لمدة شهر، ثم بعد ذلك ارفع الجرعة إلى مائة مليجراما (حبتين) ليلاً، واستمر عليها لمدة ستة أشهر، ثم خفضها إلى حبة واحدة (خمسين مليجراماً) ليلاً لمدة ستة أشهر أخرى.
وبجانب الزولفت أود أن تتناول عقارا آخر يعرف تجارياً باسم (دوجماتيل Dogmatil) ويسمى عليماً باسم (سلبرايد Sulipride)، وجرعته هي خمسون مليجراماً صباحاً، وخمسون مليجراماً مساءً لمدة ثلاثة أشهر، ثم خمسون مليجراماً مساءً لمدة شهرين، ثم يمكنك أن تتوقف عنه، فهذه الأدوية أدوية فعّالة لعلاج المخاوف والقلق والتوتر، خاصة المرتبط بأعراض القولون العصبي.
وقد وجد أيضاً أن شراب النعناع المغلي المركز بمعدل مرة إلى مرتين في اليوم يؤدي إلى استرخاء ويؤدي إلى اختفاء أعراض القولون العصبي.
وأنصحك أيضاً بأن تكون معبِّراً عن ذاتك، فلا تكتم لأن الكتمان يؤدي إلى احتقانات نفسية داخلية، ومثل ما تحتقن الأنف تحتقن النفس، وينعكس احتقان النفس على الإنسان في شكل توتر ومخاوف وقلق، فكن دائماً معبِّراً عن نفسك، خاصة الأمور التي لا ترضيك، عبر عنها في حدود الذوق وفي حدود ما هو مقبول؛ لأن هذا التفريغ النفسي في حد ذاته يعتبر علاجاً ضرورياً.
وتذكر إيجابياتك في الحياة، وتذكر الأشياء الجميلة في حياتك وحاول أن تطورها، وهذا يؤدي إلى مزيد من التحسن - إن شاء الله - ونشكرك كثيراً على تواصلك مع الشبكة الإسلامية.
ويمكنك الاستزادة بالاطلاع على علاج الخوف من الموت سلوكياً في الاستشارات التالية: (
261797-
263659-
263760-
272262-
269199) والأمراض: (
263760-
265121-
263420-
268738) والقلق: (
261371-
263666-
264992-
265121).
نسأل الله لك التوفيق والسداد.
وبالله التوفيق.