كيفية تعامل الفتاة مع جفاء أختيها وكراهيتهما لها

2008-08-06 13:38:59 | إسلام ويب

السؤال:
بسم الله
(أخواتي لا يكلمنني).

أنا فتاة أعاني من ظلم أخواتي لي منذ أن كنت صغيرة، فعندما كبرت أختي الكبرى لم ترد التحدث معي، ولكني أجهل السبب! كما استمر الحال هذا لمدة ست سنوات، وأنا لا أتحدث معها، ويعلم الله أني حاولت وبكل الطرق أن أتحدث معها ولكن لا جدوى.

كما أنها تفتعل لي يومياً مضايقات، مثلاً: عندما أحضر إلى مجلس تخرج هي عندما تراني، وكثيراً من الأيام أحس أنها تمقتني وتكرهني بشدة، ولكني لا أعرف سبب هذا، مع أنها هي القاسية علي، وهي الأنانية، فهي تحب كل شيء لها، أما أختي الثانية فهي كذلك لا تحبني، وتميل إلى أختي الكبرى أكثر، فهي تتعلم منها كيف تجرحني وتكرهني، وتعمل على تنفير الناس من حولي، فهما عندما ترياني جالسة مثلاً عند الأكل لا تحضرانه.

أعاني من مضايقاتهما اليومية التي تجرحني، والمشكلة الكبرى أن أمي وأبي لم يتدخلوا كي يحلوا هذه المشكلة، كما أني - يعلم الله - أحاول جاهدة كي أتصالح معهما ولكنني أحس أن كهرههما لي يجبرهما على البعد عني.

ساعدوني وجزاكم الله خيراً، وأفيدوني، وشكراً.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم.
الأخت الفاضلة/ مي حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله -جل جلاله- بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يصلح ما بينك وبين أخواتك، وأن يعيد إليكم المحبة والوئام والتفاهم والانسجام، وأن يُذهب عنكم جميعاً كيد شياطين الإنس والجن، وأن يُذهب عنكم هذا الحقد وتلك الكراهية، وأن يملأ قلوبكم محبة لبعضكم، إنه جواد كريم.

بخصوص ما ورد برسالتك ابنتي الكريمة الفاضلة: فإنه حقيقة أنا لا أجد سبباً من كلامك يقتضي هذه الكراهية وهذا البعد وهذا النفور، ولكن قطعاً لابد أن هناك سببا، ولعلك أنت لم تعرفي هذا السبب، خاصة أنك ما زلت تجهلينه وإلى الآن، هذا الموقف ليس طبيعياً؛ لأن العادة أن البنات يميل بعضهنَّ إلى بعض، وأن الأخت تحب أختها، وأنهنَّ يحرصن على بعضهن كحرص الواحدة على نفسها، وأن الأخت تفرح إذا كان لها أخت فإنها تفرح بها؛ لأنها لن تعيش وحدها.

أما هذا الذي يحدث قطعاً فشيء غير طبيعي، ومما أحزنني كثيراً هذه اللامبالاة من الأب والأم الذين لم يتدخلوا لحل هذه المشكلة مطلقاً، فأتمنى -بارك الله فيك- أن تتحدثي مع أختك هذه وتسأليها سؤالاً واحداً إذا أمكن: لماذا هذا النفور الذي منكما؟! ما هو الذنب الذي ارتكبته في حقك؟! وما هو الجرم الذي وقع مني لكي أتوب منه؟!

حاولي أن تسأليها وتستفسري منها -بارك الله فيك- واصبري عليها، وانظري ماذا ستقول لك، فإذا قالت كلاماً معقولاً وأنت قد وقعت فيه فعلاً؛ فمن الممكن أن تعتذري لها على سبيل الاعتذار حتى لا تظل هذه القطيعة قائمة.

أما إذا كانت تحمل في قلبها شيئاً من الحقد أو الحسد لاحتمال أنك أجمل منها أو أنك أكثر توفيقاً منها أو أن الناس يحبونك أكثر منها؛ أو أن والديك يحبانك أكثر منها، فهذا أمر لا دخل لك فيه، وهذا يعتبر من باب الحقد والحسد الذي لا علاج له إلا بالصبر والدعاء.

أتمنى أيضاً أن تستعيني بوالديك، وأن تضعي المشكلة أمامهما، وأن تبيني لهما أن هناك مشكلة كبرى بينك وبين أخواتك، وأنه لابد لأبيك وأمك من التدخل في حل هذه المشكلة؛ لأن هذا من حقهم شرعاً، بل إن هذا من التربية ومن الواجب على الأب والأم أن يقفا مع أولادهما للمساعدة في حل مشاكلهم، فاطلبي من أبيك وأمك التدخل لحل هذه المشكلة، واسألي أمك عن سبب هذه الكراهية: هل سبق أن فعلتُ خطأً في حق أختي أو ارتكبت ذنباً أو جرماً حتى تعاملني هذه المعاملة؟!

حاولي -بارك الله فيك– معرفة السبب، فإن عرفت السبب فإن أمكن علاجه فلابد أن تبدئي فوراً في العلاج، وأن تعتذري لكل من أسأت إليهم، وإذا لم تعرفي السبب -بمعنى أنه لم يكن خطأ منك- فسلمي أمرك لله تعالى واجتهدي - بارك الله فيك – في إعطائها حق المسلم للمسلم، يعني كلما دخلت عليها سلمت عليها، وإذا طلبت منك أي شيء فقدمي لها المساعدة، ولا تردي السيئة بالسيئة - بارك الله فيك – وإنما أوصيك بالصبر؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (واعلم أن النصر مع الصبر، وأن الفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً)، فمع الصبر يأتي النصر، ومع الكرب يأتي الفرج، وهذه مسائل تحل - بإذن الله تعالى – مع الزمن، بالصبر على هذا البلاء العظيم الذي يحيط بك وبأسرتك.

أيضاً اللجوء إلى الله تعالى وكثرة الدعاء لكل الأسرة أن يصلح الله حالها، وتخصّي أختك الكبرى هذه بالدعاء، وتقولي: (اللهم ألِّف بين قلبي وقلبها، وانزع كراهيتي من قلبها، واملأ قلبها محبة لي يا رب العالمين)، واجتهدي في ذلك بارك الله فيك، واعلمي أن الدعاء كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: (إن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل، فعليكم عباد الله بالدعاء)، وقال صلى الله عليه وسلم: (لا يرد القضاء إلا الدعاء)، فاجتهدي في الدعاء -بارك الله فيك- أن يصلح الله ما بينك وبين أخواتك، وأن يصرف عنهن هذه الكراهية التي تملأ قلوبهن، وأن يملأ قلوبهن محبة لك ورحمة بك وشفقة عليك، وعليك بالصبر – يا بنيتي – وأبشري بفرج من الله قريب.

نسأل الله تعالى أن يؤلف بين قلوبكم وأن يصلح ذات بينكم، وأن يصرف عنكم كيد شياطين الإنس والجن، وأن يهديكم ويسددكم، وأن ينزغ الغلّ من قلوبكم، وأن يضع فيها المودة والمحبة والوئام.
والله ولي التوفيق.

www.islamweb.net