محتار بين التخصص الذي أحبه والتخصص الأقوى والأفضل
2008-07-20 08:29:34 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أشكركم على هذا الركن الجميل الذي أتمنى أن أجد فيه استجابة لاستشارتي ألا وهي:
أنا الآن أنهيت الثانوية العامة ودخلت برنامج الموحد للسنة التحضيرية للكليات الصحية وهي (4) كليات: الطب، وطب الأسنان، والصيدلة، والعلوم الطبية التطبيقية، وبنهاية السنة لابد أن أقرر رغبتي.
وأنا محتار جداً بين هذين التخصصين ألا وهما الطب والصيدلة.
الطب: وهو التخصص الأقوى والذي تحتاجه الأمة حاجة ماسة، كما أن مجالاته واسعة وجميلة، كما أنها هي رغبة الوالدين، وهما من الآن ينادياني: يا دكتور! كما أنه هو التخصص المضمون (100%)، ولكن المشكلة أنني لا أحب طبيعة المناهج ذلك الحب.
الصيدلة: وهي التخصص الذي أحببته وأحب دراسة مواده العلمية، وأجد فيها من المتعة والتشويق أكثر من الطب، فأنا مهتم بالمواد الكيميائية والأدوية والمركبات والعقاقير، وأحب أن أدرس أنواعها ومسارها بالجسم، لكن المشكلة هي أن مجالات عملها غير مضمونة في العالم العربي، حيث أن الصيدلي يعمل في مصانع الأدوية ومراكز الأبحاث، ولا يوجد ولا حتى مركز واحد أو مصنع واحد في السعودية، ومجالات عمل الصيدلي في المستشفيات ضئيلة.
فلن يتبقى لي إلا أن أعمل في صيدلية، ولكن للأسف مجتمعنا السعودي يذم الصيدلي ويصفه بأنه بائع (بقالة)، ومجرد صارف للدواء للأسف الشديد.
وهنا تكمن حيرتي، فأمامي مجالان: إما أن أدخل مجال رغبتي, ولكن المشكلة ستكون بعد التخرج، أو أنني أدخل المجال العملاق المضمون (الطب) وهو الأفضل اجتماعياً، وسيكون أمامي فرص واسعة.
أنا محتار جداً، أرجو المساعدة والرد بأسرع ما يمكن.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ فارما حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أود أن أبدي ملاحظة وهي أنك قد رمزت لنفسك بـ (فارما) هل هذا اسمك فعلاً أم أن حبك الشديد لعلوم الصيدلة هو الذي جعلك تسمي نفسك هذا الاسم؟ وعموماً هذا مجرد نوع من الدعابة التي وددت أن أبدأ بها الإجابة على رسالتك الطيبة هذه والتي أود أن أشكرك عليها.
أولاً في نظري أن الرغبة الشخصية هي الأساس الرئيسي لتحديد المسار الذي يجب أن ينتهجه الإنسان لتحديد التخصص الذي يود دراسته، وأنت الآن عليك الاختيار ما بين الطب والصيدلة، ومن الواضح أنك أكثر ميولاً وأكثر رغبة في الصيدلة، وهذا بالطبع يؤكد أنك ستكون أكثر مقدرة على الاستيعاب والإنجاز والإبداع وعلى التميز وعلى التفوق.
أولاً: أود أن أذكر لك وأصحح بعض المفاهيم عن الصيدلة، فالصيدلة لا شك أنها ليست علماً واحداً، فهنالك الكثير من المجالات، وهنالك الكثير من الفروع، وهنالك الكثير من الإبداعات فيها.. الآن يوجد ما يعرف بالصيدلة السريرية، وهي من أجمل وأمتع فروع علم الصيدلة، وهي حقيقة الآن مطلوبة بكثرة في جميع أنحاء العالم، والصيدلة السريرية هي دراسة الصيدلة مع جزء كبير جدّاً من الطب، ربما يمثل خمسين إلى ستين بالمائة من دراسة الطب، والصيدلي السريري أو ما يسمى بـ (الصيدلي الإكلينيكي) يعتبر الآن عنصراً مطلوباً وغالياً جدّاً في محيط العمل وفي كل المستشفيات وفي كل الأماكن.
الأمر الآخر، فإن الإنسان يمكنه أن يكتسب - بعد التخرج – يدرس للماجستير وللدكتوراه، وهذه حقيقة مجال متسع جدّاً.
إذن الصيدلة ليست بقالة كما يعتقد البعض.. نعم لابد أن أعترف أن بعض الناس لا يطور نفسه بعد أن يتخرج ويرضى بالبسيط، وكل أمله هو أن يتخرج وأن يكون له صيدلية ويوزع الدواء على الناس – وهكذا – هذا ربما يكون أمراً مشروعاً ولكن فيه الكثير من المحدودية، وهذا هو الذي أدى إلى هذه المفاهيم الخاطئة، ولكنَّ الصيدلة علم ممتع وعلم متسع وفيه الكثير من الاتساع، فهنالك كما ذكرت العمل في الصيدلة السريرية والعمل في الجامعات والعمل في المصانع، والمملكة السعودية يوجد بها مصانع للأدوية، فهنالك مصنع في تبوك وهو من أجمل وأرقى وأحسن المصانع التي تصنِّع الأدوية بضوابط عالية جدّاً خاصة فيما يخص الجودة، وهنالك أيضاً مصانع أخرى على نفس المستوى في المملكة.
إذن أنا أود أن أؤكد لك أن الصيدلة علم ممتع وعلم جميع جدّاً وإذا كانت هذه هي رغبتك فيجب أن تسير في هذا الخط ويجب أن تذهب في هذا التخصص ويمكنك أن تبدع وأن تميز نفسك في مجالاته المتسعة.
يأتي بعد ذلك أمر الطب، فأنا نعم أقول لك أن الطب تخصص ممتاز وتخصص مضمون، ولكنه في نفس الوقت يأخذ وقتاً طويلاً جدّاً وأصبح تنافسياً، هذا بالطبع لا يعني أنك لست رجلاً تنافسياً، بل من الواضح أنك إنسان تنافسي ويمكنك أن تتفوق ويمكن أن تتميز، ولكن فما دام ليست لك الرغبة في مناهجه فأعتقد أن ذلك أمراً حاسماً، ويبقى بعد ذلك رغبة الوالدين التي هي أيضاً رغبة مهمة ولابد أن تحترم، ولكن بالحوار والنقاش معهم أعتقد أنهم سوف يصلون إلى قناعات إلى أنه من الأفضل لك أن تدرس العلم الذي ترغب فيه.
هذا أمر مهم وأمر ضروري جدّاً، وهذا هو الذي أراه وأسأل الله لك التوفيق والسداد، ونراك عالماً في أي مجال تختاره..
وبالله التوفيق.