الحب من طرف واحد
2008-06-04 11:39:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
رزقت بحب شخص بعد فترة طويلة من عدم الحب وأريد الزواج به، فكيف أجعله يحبني ويتزوج بي؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ آمنة .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد،،،
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يقدر لك الخير حيث ما كان، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح يكون عوناً لك على طاعته ورضاه، وأن يوفقك إلى كل خير، وأن يشرح صدرك إلى ما فيه فلاحك وسعادتك في الدنيا والآخرة، وألا يحرمك فضله وكرمه وعطائه، إنه جواد كريم.
وبخصوص ما ورد برسالتك – أختي الكريمة آمنة حفظك الله – فإنك تقولين بأنك رزقت بحب شخص بعد فترة طويلة من عدم الحب، فأولاً أنا لا أعلم هل نستطيع أن نقول بأن هذا رزق أم لا؟ فقد يكون ابتلاءً ولا يلزم أن يكون شيئاً جيداً؛ لأن الحب – كما نعلم – مشغلة، حب الإنسان لشخص آخر من البشر مشغلة وفيه نوع من العبودية، وقد يكون هذا الإنسان لا يستحق هذا الحب كله، ولذلك تقولين: (ابتليت بحب شخص بعد فترة طويلة من عدم الحب)، أقول لك: نعم لأن الرزق عادة ما يكون خيراً، أما الحب فيه ما يكون خيراً وفيه ما يكون شراً، لأننا لا نعلم أين يكون الخير، وإنما الخير في قدر الله تبارك وتعالى.
أنت تسألين: كيف تجعلينه يحبك ويتزوج بك؟ وأقول لك أختي الكريمة: إن التعلق القلبي ليس بمقدور أي إنسان أن يتحكم فيه، حتى النبي المصطفى عليه الصلاة والسلام كان يقول: (اللهم إن هذا قسمي فيما أملك وما تملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)، وكان يقول أيضاً: (رُزقت حب عائشة من السماء)، فالحب والبغض هذه أمور تكون في القلب تخضع لمراد الرب جل جلاله سبحانه، ولذلك أنت في حياتك العادية أحياناً ترين إنساناً أو إنسانةً تستريحين لها لمجرد الرؤيا رغم أنها لم تتكلم معك في شيء ورغم أنها لم تقدم لك أي معروف، وأيضاً قد يحدث العكس مجرد ما تقع عينك على إنسانة تشعرين بعدم الراحة لكلامها وعدم الراحة لرؤيتها، بل إن مجرد رؤيتها تثير عندك أشياء من الكراهية حتى إنك تتعجبين لماذا تكرهينها رغم أنها لم تصنع فيك منكراً!
إذن أقول: إن الحب هذا بيد الله سبحانه وتعالى، والبغض أيضاً بيد الله سبحانه وتعالى، ولكننا لن نؤاخذ أيضاً – كما ذكر العلماء – على التعلق القلبي ما دام مجرد تعلق، أما السلوك الظاهر هو الذي نؤاخذ عليه، ومن هنا أقول: كيف تجعلينه يحبك؟ هذه ليس بمقدورك أصلاً ولا أنا ولا أنت ولا الدنيا كلها، وإنما هناك طريق واحد تصلين من خلاله إلى قلب هذا الرجل وهو الدعاء، أن تسألي الله تبارك وتعالى أن يضع محبتك في قلبه إذا كان يصلح أن يكون زوجاً لك، وإن كنت أنا أرى شخصياً لا أحبذ ذلك لسبب، أنه قد يكون من الظاهر يصلح لك ولكن لعل في حقيقة الأمر هو لا يصلح لك، وقد يكون هناك من هو أفضل منه.
ولذلك كم أتمنى أن تقولي: (اللهم أقدر لي الخير حيث كان ثم رضِّني به، اللهم ارزقني الزوج الصالح الذي يحبني وأحبه ويكون عوناً لي على طاعتك ورضاك)؛ لأنه أختي الكريمة – قد تكون هناك محبة ولكن ليس هناك إعانة على الطاعة، فكم من إنسان يحب إنسانة ويهينها ويسيء إليها بل ويضربها ويمتهنها ولا يحسن معاملتها رغم أنه يحبها، كل يوم يسيء إليها ثم يعتذر لها في آخر اليوم وإني آسف وإني لا أريد، وقد يكون العكس هناك إنسانة ليس بينها وبين زوجها من المحبة القدر الكبير ورغم ذلك تجد احتراماً وتقديراً ومراعاة للمشاعر رغم أنها – كما ذكرت – لم تبدأ حياتها بهذا الحب وهذا التعلق.
إذًا السبيل أو الطريق إلى قلوب العباد أو إلى قلب أي إنسان إنما هو الله، لماذا؟ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف شاء))، فإذا كنت تريدين أن تدخلي إلى قلب أي إنسان فابدئي من صاحب القلوب، ومن بيده القلوب جل جلاله، فعليك بالدعاء والتوكل عليه تبارك وتعالى أن يكرمك الله تعالى بذلك، ولكني أقول: كم أتمنى ألا تفعلي ذلك وإن كان هو جائز شرعاً، ولكن أتمنى أن تجعلي الأمر مطلقاً وأن تسألي الله عز وجل من فضله، لأنك نظرت لهذا الإنسان وأعجبك الظاهر منه، سواء كان من أخلاقه أو من سلوكه أو تصرفاته، ولكن هل يا تُرى سيكون معك بهذه الأخلاق وبهذه الحالة، أم أنه سيتغير؟! كثير من الرجال يكونون في أول الحياة في غاية الوداعة وفي غاية الرقة وفي غاية الحب ولكن ما أن تبدأ الحياة الزوجية حتى يكشف عن وجهٍ آخر مغاير تماماً لهذا الذي عشناه في أول الحياة أو في أول التعارف أو في أول الخطوبة.
ولذلك نحن لا نستطيع أن نقول كيف تجعليه يحبك ولا أن يتزوج بك؛ لأنه قد يحبك ولا يتزوجك، وأنت قد تحبينه ولا تتزوجي به؛ لأنه قد لا يصلح لك، ولكن أقول – بارك الله فيك – عليك بالدعاء واتركي الأمر لله سبحانه وتعالى، وأنا واثق من أن الله سيمنَّ عليك بالخير لأن الله تبارك وتعالى أمرك بالدعاء ووعدك بالإجابة، ((وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ}، {وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ}.
الله سبحانه وتعالى يقول: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ}، وقال تعالى: ((وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}، وقال صلى الله عليه وسلم: ((ليس شيء أكرم على الله من الدعاء))، وأخبرنا صلى الله عليه وسلم بأن ((الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل)). فأوصيك ونفسي بالدعاء وكثرة الصلاة على النبي عليه الصلاة والسلام بنية أن يرزقك الله الزوج الصالح، مع كثرة الاستغفار؛ لأن الله سبحانه قال: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} ما هي النتيجة؟ {يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا}، وقال صلى الله عليه وسلم: ((من لزم الاستغفار جعل الله له من كل ضيق مخرجاً ومن كل همٍّ فرجاً ورزقه من حيث لا يحتسب)).
أسأل الله لك التوفيق والسداد والهداية والرشاد، وأن يمنَّ عليك بزوج صالح طيب مبارك يعينك على طاعة الله ويعاشرك بالمعروف وترزقين منه بذرية صالحة تسعدين بها في الدنيا والآخرة.
هذا وبالله التوفيق.