تبت وتوقفت عن الرد على اتصالاته ولم أستطع نسيانه فانصحوني
2008-05-13 07:33:39 | إسلام ويب
السؤال:
أنا عانيت مشاكل مادية وعائلية كثيرة في حياتي ووصل بي الأمر إلى محاولة الانتحار ثلاث مرات وكل مرة أنجو.
سعيت كثيراً لتحسين حياتي، ورغم ذاك أنا تعيسة جداً لذا سعيت للبحث عن عمل في دولة أخرى، وهناك تعرفت بشخص ولا أدري كيف أغرمت به رغم حرصي الشديد على ألا أقع في أي أخطاء تمس شرفي، المهم هذا الشخص أوقعني في الخطأ مرة واحدة غصباً عني.
ولأني أحببته كثيراً وعرفت أنه يمكن أن يوقعني في الخطأ مرة أخرى توقفت عن الرد على اتصالاته وعدت إلى بلدي، ولكني لا أستطيع أن أنساه، هو الآن يحاول رؤيتي والسفر إلي وأنا أحاول أتوب أرجوك ساعدني .
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك، وكم يسعدنا تواصلك معنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله تبارك وتعالى أن يغفر لك وأن يتوب عليك، وأن يسترك في الدنيا والآخرة وأن يفرج كرباتك وأن يقضي حاجاتك، إنه جواد كريم.
بخصوص ما ورد برسالتك؛ فإن الإنسان المسلم الأصل فيه لا يعرف اليأس ولا يعرف الضجر ولا يعرف القنوط ولا الإحباط؛ لأن ربه هو الله ومولاه هو الله وهو يعلم أن كل شيء بيد الله وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله، ولذلك يبدو أن هذا الجانب مفقود لديك والدليل على ذلك أنك حاولت الانتحار أكثر من مرة، وأسأل الله عز وجل أن يفقهك في هذا الجانب؛ لأنه لا يخفى عليك أن الإيمان بالقضاء والقدر أحد أركان الإيمان الستة، وأن هذا الجانب مهم جدّاً في حياة أي إنسان حتى وإن كان غير مسلم؛ لأنه عندما يعلم أن الأمر كله لله وأنه لا يقع في ملك الله إلا ما أراد الله وأن كل شيء مقدر ومرادٌ لله تعالى؛ فإنه لا يعرف اليأس ولا القنوط أبداً؛ لأنه يعلم أن الله يحبه وأن الله يرحمه، وأن الله جل جلاله لا يريد أن يشق على عباده أبداً، وإنما كما قال تعالى: (( يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ ))[النساء:28]، فالله تعالى برحمته الواسعة أول ما خلق القلم قال: (اكتب. قال: وما أكتب؟ قال: اكتب إن رحمتي سبقت غضبي).
فمولانا جل جلاله يعامل الخلق بالرحمة حتى الذين لا يؤمنون به، يعطيهم الفرصة بعد الفرصة ويوسع أرزاقهم حتى إذا ما أخذهم أخذ عزيز مقتدر بعد أن كانوا قد استنفدوا كل الفرص المتاحة لنجاتهم؛ لأن من رحمة الله ألا يعاجلهم بالعقاب قبل أن يقيم عليهم حجته وشرعه، ولذلك أنا حزين جدّاً لهذا الفهم السيئ لديك لهذه القضية الذي ترتب عليه إقدامك على الانتحار.
وأتمنى أن تستغفري الله تعالى لهذا الخطأ وأن تتوبي إلى الله تبارك وتعالى منه، وأن تعقدي العزم على ألا تعودي إليه مهما كانت الصعوبات ومهما كانت التحديات، فإن المشاكل لا تعالج بمشاكل أكبر منها، وإنما النار التي يطفؤها هو الماء، والذي يُذهب السيئة إنما هي الحسنة، أما السيئة لا تذهب بالسيئة والنار لا تطفئ النار.
أنت تفرين من مشاكل الدنيا لتوقعي نفسك في مشاكل في الدنيا والآخرة مع الله جل جلاله، ومهما عظمت مشاكل الدنيا فهي لا تعدو أن تكون قطرة مما أعده الله للعصاة والمجرمين يوم لقائه أو في القبر – عافانا الله وإياك من ذلك - .
أما فيما يتعلق بهذا الشاب الذي تعرفت عليه، فإنه مما لا شك فيه أن أي علاقة خارج إطار الشرع غير مأمونة العواقب ولابد أن تودي بصاحبها إلى الوقوع في الفتن، وقطعاً لأنك تساهلت في هذا الأمر، ترتبت عليه أن لحقك شؤم المعصية، فشؤم المعصية أن تتعرفي على رجل لا يحل لك، فهو ليس لك بزوج وليس لك بأب ولا بأخ ولا بعم ولا بخال، ولكن رجل من عرض الناس أقمت علاقة معه ودخل إلى قلبك نتيجة لتفكيرك فيه أو مجالستك له؛ لأن هذه المعاشرة تؤدي إلى المحبة والمودة وهذا ما حدث حتى أوقعك في الخطأ الذي لا يُرضي الله تبارك وتعالى ويجعلك في موقفٍ حرج بين يدي الله في الدنيا والآخرة.
حاولت التوبة ولذلك ذهبت بعيداً عنه وقطعت اتصالاتك به وتوقفت عن الرد على اتصالاته، وهذه خطوة طيبة أسأل الله أن تكون توبة صادقة نصوحاً؛ لأن هذه معناها أنك لا تودين الوقوع في الفاحشة أو المعصية مرة أخرى وأنك لا ترغبين في أن تلقي الله تعالى وأنت على خطيئة أو إثم، ونسأل الله تعالى أن يثبتك على الحق، فهذا إن دل فإنما يدل على أن فيك خيراً رغم وقوعك في هذه المعصية، إلا أن الذي أتمناه أن تقطعي حبل المودة هذه لأنها تؤدي إلى معصية الله تعالى وغضبه، أي علاقة لا ترضي الله تعالى فالأصل فينا أن نقطعها حياءً من الله عز وجل.
إذا كان هذا الرجل لديه الاستعداد أن يرتبط بك ارتباطاً شرعياً فلا مانع، أما إذا كان يتسلى عليك ويقضي وقته معك ويدنس عرضك ويخذلك ويجعل موقفك بين يدي الله تبارك وتعالى حرجاً، فهو عدوٌ من أعداء الله وعدو لك وليس بحبيب.
كونك لم تنسيه إلى الآن فهذا شيء طبيعي لأن قلبك كان فارغاً من أي علاقة فصادف حبه قلباً خالياً فتمكن، ولكن يوم أن تعلمي أن هذه المحبة تؤدي إلى النار وإلى غضب العزيز الغفار وتؤدي إلى الوقوع في الكبائر التي يهتز منها العرش أحياناً فينبغي عليك أن تتوقفي عن ذلك يا ابنة الإسلام والإيمان، يا حفيدة محمد عليه الصلاة والسلام.
أتمنى أن تعيدي النظر في هذه العلاقة لأنها محرمة ولا تجوز شرعاً، وأتمنى ألا تردي على اتصاله أصلاً وألا تتكلمي معه بأي حال.
أما عن تعلقك به فتوجهي إلى الله بالدعاء وأخلصي إليه في التضرع أن يعافيك من هذا البلاء ما دام الرجل لا يرغب إلا في العلاقة المحرمة، سلي الله أن يُخرج حبه من قلبك وأن يقطع هذه العلاقة قطعاً نهائياً حتى لا تفكري فيه.
وأتمنى ألا تستجيبي له تحت أي ظرف من الظروف، وتحت أي دعوة من الدعوات؛ لأنه قطعاً شيطان كبير لأنه لا يقول لك سآتي لأفعل معك ما يغضب الله، وإنما يقول دعينا نتفاهم وأريد أن أراك وفقط، معي لك هدية قيمة... إلى غير ذلك من هذه الوسائل الشيطانية حتى يظفر بك ويحصل عليك، وعندها ستضعفين أمامه ولا شك؛ لأنه ما دام قد جرب معك مرة فلن يتورع أن يفعل ألف مرة ومرة، وستشعرين بالضعف أمامه، فتوبي إلى الله وعودي إليه، وإياك ثم إياك أن تتصلي به أو تسمحي له أن يتصل بك إلا في حالة واحدة إذا كان جاداً في الزواج فعليه أن يتقدم لوالديك لأولياء أمرك. بالطريق الرسمي حتى تكوني صالحة قوَّامة وتلقين الله وأنت عفيفة فاضلة.
أسأل الله أن يسترك بستره في الدنيا والآخرة، وأن يغفر لك ما سلف، وأن يحفظك فيما بقي من عمرك، إنه جواد كريم.
هذا وبالله التوفيق.