سوء الحالة النفسية نتيجة الاغتراب وفراق الأهل وأثرها على التحصيل العلمي
2008-04-27 08:38:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا طالب أدرس في السنة الأولى من كلية طب الأسنان، ولكن تواجهني الكثير من العواقب في الدراسة، وقد امتحنت امتحان وصف الأسنان وحصلت على درجة لم أكن أتوقعها (4/10)، وهذه الدرجة أفجعتني جداً وسببت لي الكثير من الاكتئاب، علماً بأني أعاني من الاكتئاب منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ولم أكن أعاني من ذلك (ضيق في الصدر) عندما كنت عند أهلي في قطر.
وأشعر أن سبب ما أعانيه هو بُعدي عن أهلي، وكذلك بعض درجات المواد مثل القرآن وتجويده (13/20) والكيمياء (13.5/20) ومادة تشريح الأسنان (4/10) والفيزياء (6/10) والأحياء (9/10) واللغة الإنجليزية (20/20) والحاسوب (20/20) فهذه الدرجات مخيبة جداً ولا يرضى بها أحد.
كثرة الضغوط أيضاً تتسبب في ذلك، مثل قراءة كتاب الأحياء المكون من 180 صفحة في فصل دراسي وهو باللغة الإنجليزية، فلا أهتم به كثيراً لأن دكتور المادة يلخص لنا في الدفتر، وكذلك عدم التعود على القراءة السريعة، وقد قال لي أحد الأشخاص إذا لم تكن تقرأ سريعاً وتلخص كل درس في أوراق صغيرة فأنت طالب فاشل، ولم أتعود على قراءة الكتب كثيراً ولم ألخص.
عندما أبدأ في المذاكرة فإن كل الهموم تبدأ في التساقط علي فيضيع اليوم بلا فائدة، وأشعر بضعف في التركيز والحفظ والفهم، علماً بأن الهم يلازمني منذ حوالي ثلاثة أشهر ويكون يومياً، وأنا مواظب على الصلاة وقراءة القرآن والأذكار ولله الحمد.
أتشتت كثيراً وأضيع أوقاتا كثيرة من أوقات الدراسة، وعندما ينظر إلى أحد فإنه يظن أنني أدرس، وعندما يعلم درجاتي يستغرب، فماذا أفعل؟!
ولكم جزيل الشكر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
إنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يوسع رزقك، وأن يفتح عليك وأن يوفقك في دراستك وأن يذهب عنك هذه الهموم النفسية وأن يجعلك من المتميزين المتفوقين.
بخصوص ما ورد برسالتك، فإن الذي أراه فعلاً أن بعدك عن أهلك وإقامتك وحدك من أهم أسباب سوء حالتك النفسية، وهذا مع الأسف الشديد يحدث لكثير من الشباب الذي يغتربون عن أهليهم، خاصة إذا كانوا متعلقين بالأسرة ومرتبطين بها ارتباطاً روحياً كبيراً، حيث يشعر الشاب بأنه فقد أعز الناس لديه وأصبح وحيداً محروماً من العطف والحنان والاهتمام، حتى وإن كان يعيش بين أصدقاء وزملاء أفاضل.
أضف إلى ذلك صعوبة الدراسة وعدم مناسبتها لمستواك مما سبب لك هذا الإخفاق، وترتب على ذلك كله دخولك في حالة الاكتئاب وعدم قدرتك على الاستفادة من وقتك بالصورة المطلوبة، ونصيحتي لك تدور على محورين:
الأول: أن تنظر إلى زملائك الذين يعيشون مثل ظروفك ورغم ذلك يتغلبون على هذه الصعاب وتلك العقبات ويثبتون وجودهم ويحققون مراكز متقدمة ويحصلون على درجات عالية، فإذا كان هؤلاء يمرون بمثل ظروفك في هذا التفوق، فاعلم أنك بمقدورك أن تكون مثلهم، بل وأن تتقدم عليهم، وذلك بشيء من التغيير الذي تدخله على نمط حياتك وطريقة تفكيرك؛ لأن الله جل جلاله وعدنا أنه لا يضيع عمل عامل، وهذه السلبية التي تعاني منها هي السبب وراء هذه الإخفاق وهذه الظروف النفسية القاسية والصعبة.
لذلك فلابد أن تعلم أن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، فلابد من عقد العزم والتصميم على أن تتحسن وأن تكون مثل غيرك، ولن يقدر على ذلك إلا أنت، فخذ هذه القرارات الصعبة لأنها في مصلحتك وأنت وحدك المستفيد منها، فغيّر طريقة مذاكرتك، وغيّر طريقة تفكيرك، وفكر في أن تكون متميزاً، وأقنع نفسك بأن بمقدورك أن تكون مثل غيرك أو أحسن، وبشيء بسيط من التغيير فإن كل شيء يمكن تغييره.
صمم واعقد العزم أن تتفوق، وقل في نفسك بل وردد وكرر هذه العبارات عدة مرات يومياً: (أنا قادر على التفوق بإذن الله، وسأحصل على معدل مرتفع بإذن الله)، فكرر هذه العبارات وقم من نومك مبكراً، وابدأ يومك بالصلاة بهمة ونشاط، وأكثر من الدعاء والإلحاح على الله أن يوفقك، وانتبه كل الانتباه لشرح المدرس، ولا تشتغل عنه أبداً، واستعن بمن يساعدك على فهم أو مذاكرة المواد الصعبة، ورتب وقتك بطريقة منظمة والتزم بذلك.
إن فعلت ذلك كله ولم يتحسن وضعك فعليك أن تطلب مساعدة أهلك في اتخاذ القرار المناسب في بقائك ببلدك أو دراستك الطب، لاحتمال أن تكون غير مهيأ لهذا، ولعل هناك بدائل أفضل، وأتمنى أن تقاوم وأن تثبت وجودك فلست أقل من غيرك.
والله الموفق.