بعد الزوج بسبب ظروفه في الغربة وانعكاسها على حياته الزوجية والأسرية
2008-02-18 11:48:41 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا زوجة منذ 9 سنوات، وأم لثلاثة أولاد، وزوجي مسافر للسعودية، وينزل كل عام 3 شهور، وطلبت منه أكثر من مرة أن أسافر معه ولكن يرفض، مرة يتحجج بالمصاريف، ومرة يقول: تعوّدي، ومرة لا، حتى أنه يرفض أن يستقر في مصر، وأنا متعبة جداً من غيابه كأنثى، ومتعبة جداً بتربية الأطفال وحدي، ماذا أفعل؟
بالله عليكم أرجو أن تدعوا الله أن ييسر لي الخير في وجود زوجي معي أو أكون معه.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ عبير حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فإنه ليسرنا أن نرحب بك في موقعك استشارات الشبكة الإسلامية، فأهلاً وسهلاً ومرحباً بك في موقعك، وكم يسعدنا اتصالك بنا في أي وقت وفي أي موضوع، ونسأله جل وعلا أن يجمعك بزوجك دائماً على خير وأن يقيك شر نفسك وشر شياطين الإنس والجن.
وبخصوص ما ورد برسالتك، فإن حالتك مثلها آلاف الحالات التي تعاني مثل معاناتك وزيادة؛ إذ أسمع كثيراً عن بعض الأسر التي يغيب عنها زوجها لسنوات أو لا تزيد زيارته السنوية لأهله عن شهر واحد فقط، ويظل هكذا طيلة عمره، والأسباب حول هذا التأخر كثيرة، فبعضها نتيجة طبيعة العمل وظروفه التي عادة لا يملكها الشخص المغترب؛ لأنها بيد الشركة أو الكفيل، وبعضها من الشخص نفسه، كأن يكون حريصاً على تخفيض الإنفاق فيتأخر في النزول لأهله، وبعضهم قد تعود الغربة وأصبح يستريح فيها أكثر من راحته مع أهله، وهذه الأصناف كلها موجودة، بل وأكثر منها، وهناك أيضاً مسألة مهمة جداً، وهي مقدار دخل الزوج الشهري، فقد يكون الدخل قليلاً لا يستطيع الرجل فعلاً استقدام أهله للإقامة معه بهذا الراتب الذي لا يكفي لذلك حيث الغلاء الفاحش في السكن، والأسعار وكذلك طبيعة العمل التي تقتضي أن يقضي اليوم كله خارج السكن، وبعيداً عن أهله، وفوق ذلك نفقات الأولاد، وتعليمهم وعلاجهم، هذه كلها -فعلاً- أمور مكلفة مادياً؛ ولذا يفضل الكثير من الرجال الغربة، وتحمل مشاقها وآلامها وحده.
وقد لا تعلم الزوجة أو الأولاد مدى التضحية التي يضحيها الرجال في الغربة، من حيث الحرمان من أهله وأولاده، وفوق ذلك ظروف العمل الصعبة، وكذلك مشقة إعداد الطعام اليومي، وبعضهم قد يتكاسل عن الطبخ فيأكل أي شيء مما يسبب له ضعفاً عاماً، والغسيل وما أدراك ما الغسيل، أمور كثيرة وظروف قاسية يتحملها معظم المغتربين، وهناك البعض القليل من ظروفه تسمح له باستقدام أهله، إلا أنه يفضل العزوبية من باب التوفير، وعدم إطالة مدة الغربة؛ لأنه يعتقد أن الأسرة تستهلك كل الدخل الشهري؛ لذا يفضل الغربة وحده، فإذا كان راتب زوجك يسمح له باستقدامكم للإقامة معه مع هامش ولو بسيط من التوفير، فأرى أن تواصلي الإلحاح عليه بضرورة إقامتكم معه ما دام ذلك ممكناً حتى ولو كان الفائض من الأموال والراتب قليلا؛ لأن إقامتكم معاً ووسط أولادكم أفضل من ملايين الدولارات والسيارات والعقارات.
فحاولي معه إذا كانت ظروفه تسمح، واشرحي له ظروفك النفسية، وصعوبة صبرك على فراقه، حتى وإن كانت المدة الحالية، كذلك اشرحي له مدى حاجة أولاده له، وأن الاستثمار فيهم وتربيتهم تربية حسنة أفضل من كنوز الدنيا، أما إذا كان من ذوى الدخل المحدود أو الظروف الصعبة أو في البلاد التي لا تسمح باستقدام الأهل إلا لوظائف معينة ورواتب كبيرة أو المنطقة التي يقيم بها لا تصلح لإقامة الأسرة، فأرى أن تصبري عليه وتتحملي معه؛ لأنك لست وحدك التي تضحي، بل هو يضحي مثلك، بل وأكثر منك، ونتحمل بعضا، ونصبر على بعض ما دام ذلك يصب في مصلحة الأسرة والأولاد، بشرط قدرتك أنت شخصياً على التحمل نفسياً وبدنياً، أما إذا خفت على نفسك الوقوع في الحرام فهنا يصبح لزاماً ضرورة البحث عن حل عاجل ومناسب.
مع تمنياتنا لكم بالتوفيق للوصول إلى الرأي السديد.