الفرق بين الانفصام والاكتئاب النفسي
2007-02-12 11:48:08 | إسلام ويب
السؤال:
بسم الله الرحمن الرحيم
أريد معرفة الفرق بين الانفصام (الشيزوفرانيا) والاكتئاب النفسي، حيث إنني أعيش حياة مزدوجة ما بين الشيزوفرانيا والاكتئاب النفسي والعصبي.
وأريد أيضاً بعض العقاقير التي تنفع حالتي، ولقد قرأت عن بعض منها مثل (Olanzapine) و(Risperidone)، ولكني أريد الأفضل.
صدقني - يا طبيبي الفاضل - أنا أعيش حياةً مليئة بالسخط والاكتئاب والشرود الذهني، كما أنني أشعر وكأني أعيش حياةً ليست حياتي، فتصرفاتي ساذجة وأفكاري سلبية وأشعر وكأن شيئاً ما يحركني، كما أنني أدرس وأخشى أن تستمر حالتي فتكون سبباً في ضياعي.
وشكراً لكم جميعاً، وجزاكم الله عنا كل خير.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ حمدي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فهنالك شروط وأسس طبية لتشخيص مرض الفصام أو ما يعرف بالشيزوفرينيا، وهنالك أيضاً شروط ومقومات وأسس لتشخيص مرض الاكتئاب، وحقيقةً لا نود من الناس أن تشخص نفسها، فإذا لجأ الإنسان للاطلاع عن الكثير من هذه الحالات ووجد هنالك بعض الأعراض التي قد تنطبق عليه لا يعتبر ذلك كافياً مطلقاً للتشخيص، فالتشخيص له شروطه الفنية وله أصوله، وحتى بالنسبة لمرض الفصام فهنالك عدة أنواع منه، وهنالك اختلاف بين مدارس الطب في تعريفه، ولكن هنالك اتفاق عام ونقاط معروفة لتأكيد التشخيص.
والفرق شاسع جداً بين الاكتئاب النفسي والفصام، فالفصام يعتبر من الأمراض العقلية الرئيسية وفيه يضطرب التفكير، وربما يكون هنالك نوع من الاعتقادات والتوهمات والأفكار الخاطئة جداً، والتي لا ترتبط بالواقع، ويعتقد الإنسان أنها صحيحة، ويصر عليها، وربما يتصرف حسب هذه الأفكار، كما أن الفصام يؤدي إلى تدهور عام في الشخصية، يفقد الإنسان بعض مهاراته، أو الكثير من مهاراته، وربما يعاني الإنسان أيضاً من هلاوس وخاصةً الهلاوس السمعية، فيكون هنالك أصوات يسمعها ويخاطبها، وفي بعض الأحيان يؤمن بما تقوله له هذه الأصوات ويتبعها، وربما تكون هنالك هلاوس نظرية أيضاً بأن يرى الإنسان أشياء لا يراها الآخرين، أو ربما تكون هنالك هلاوس شمية، أي بمعنى أن الإنسان قد يشم بعض الروائح التي لا أساس لوجودها، أو ربما يحس ببعض الأحاسيس التي لا يحسها الآخرين، وهنالك صفات أخرى كثيرة تختلف من إنسان إلى آخر فيما يخص مرض الفصام، وخاصةً فيما يخص الأفكار، فالأفكار ربما تكون متطايرة غير مترابطة، وبعض مرضى الفصام يتكلمون عبارات قد لا يفهمها الآخرين، فقد يكون نوعاً من اللغة الخاصة بهم، وهذه الحالات نادرة، ولكن باختصار هو مرض أساسي يؤثر على تفكير الإنسان وعلى وجدانه وعلى إحساسه وعلى شخصيته، وحتى على مقدراته المعرفية، وهو يتفاوت من إنسان إلى إنسان آخر.
كما أن هنالك عدة أنواع للفصام، فمنها ما يعرف بالفصام المبسط، وهنالك الفصام الظناني أو الباروني وهو الذي تكثر فيه الشكوك، وهو أفضل أنواع الفصام من ناحية الاستجابة للعلاج، وهنالك ما يعرف بالفصام التخشبي، وهو أيضاً جيد من ناحية الاستجابة للعلاج، وهنالك الفصام الهبفريني وهو أسوأ أنواع الفصام حيث أنه يؤدي إلى تفتت في الشخصية، ويفقد الإنسان الكثير من معرفاته، ويكون الإنسان عايش في عالم خاص به جداً، وهنالك أنواع أخرى من الفصام تعرف بالفصام المتعدد النواحي، وهنالك الفصام العصابي.
وأما بالنسبة للاكتئاب، فالاكتئاب يعتبر مرضاً نفسياً، حيث أن الإنسان يكون محبطاً ومصاباً بالاكتئاب وحزين، وربما تعتريه بعض الأفكار التشاؤمية، ويصاب باضطراب في النوم، واضطراب في الشهية، والرغبة في المعاشرة الجنسية أيضاً قد تختل، كما أن أداء الإنسان من ناحية العمل والتواصل ربما يختل.
والاكتئاب أيضاً عدة أنواع، ففيه البسيط وفيه الشديد وفيه المتوسط، وهنالك الاكتئاب الذي فيه بعض الأفكار الشديدة كالأفكار التي تدعو الإنسان لأن يأخذ حياته عنوة، وهنالك بعض الأفكار الظنانية التي ربما تراود الإنسان من أن هنالك من يحاول أن يضره وهو يستحق ذلك ... وهكذا.
ولكن مرضى الاكتئاب بصفة عامة مرتبطين بالواقع، ويعرفون أنهم مصابون بعلة ويقدمون أنفسهم للأطباء بخلاف مرضى الفصام، فمريض الفصام لا يعتبر ولا يعترف أنه مريض مطلقاً، وهذه تعتبر نقطة ارتكازية أساسية نفرق فيها ما بين مرض الفصام والأمراض الأخرى وبخاصة الأمراض النفسية.
وبالتأكيد أنت حينما تقول بأنك تعيش حياة مزدوجة ما بين الشيزوفرينيا والاكتئاب أرجو أن لا تكون قد وصلت لهذه النتيجة أو لهذه القناعة دون أن يقول لك أحد الأطباء المختصين ذلك، ومن الخطأ جداً أن يشخص الإنسان نفسه، فهذا ليس صحيحاً لأن هذه أمراض أساسية، وكما ذكرت لك يرتبط تشخيصها بفنيات وأسس معينة.
وأما إذا ذكر لك طبيب بأنك تعاني من أحد هذه الحالات فهذا أمر آخر، وحتى إذا أصيب الإنسان بهذه الحالات فالحمد لله الآن يمكن لمعظمها أن يعالج بصورة جيدة وفعالة، ويستجيب الكثير من الناس للعلاج بصورة جيدة، وتبقى الأقلية البسيطة التي لا تستجيب.
وأرجو أن لا تعيش حياة مليئة بالسخط والاكتئاب، فأنت في مقتبل العمر، وأنت أمامك أشياء كثيرة جداً يمكن أن تقوم بها، فركز على تعليمك وركز على الدراسة، وتفاءل، وفكر بإيجابية، ومارس الرياضة، والتزم بعباداتك، وتواصل مع أصدقائك وإخوانك وأرحامك.
ولا أرى في الحقيقة أسباباً تجعلنا نسخط على الحياة بهذه الصورة مهما كانت الصعوبات، ولكن نحن في بعض الحالات لا ننظر إلى الجانب المشرق، فأرجو أن تنظر إلى الجانب المشرق، وأرجو أن لا تترك السوداوية لتسيطر عليك.
وأما بالنسبة للأفكار السلبية والأفعال السلبية، فأنت ما دمت تستوعبها، فيجب أن تستبدلها بما يقابلها من أفكار نافعة، وأفعال إيجابية، ولا يمكن للإنسان أن يجلس ويستسلم ويقول أنا سلبي في تفكيري، لماذا أكون سلبيا؟ لماذا لا أكون مثل بقية الناس أعمل وأكون إيجابياً؟ فهذه وسيلة علاج جيدة وفعالة.
وفيما يخص أنك تحس كأن شيئاً هو الذي يحركك أرجو أيضاً أن تحقر هذا التفكير، وأن لا تنصاع له، فأنت - ولله الحمد تستطيع أن توجه إرادتك، وتستطيع أن تعمل، وتستطيع أن تركز في دراستك، وهذا هو المقصود، وهذا هو المهم جداً بالنسبة لك، فلا تحكم على نفسك بالضياع فأنت لست ضائع أبداً.
أيها الابن الفاضل حمدي: المستقبل أمامك مشرق إن شاء الله، فعليك بنزع هذه الأفكار السلبية عنك، وأرجو أن لا تطلق على نفسك هذه المسميات - الفصام والاكتئاب النفسي - حتى إن ذكرها لك الأطباء، وأرجو أن تلتزم بوسائل وطرق العلاج،ف هذه الأحوال وهذه الأمراض إن وجدت أصبح الآن الحمد لله الناس تستجيب للعلاج بنسبة 80-90%.
وأنا أشكرك جداً على رسالتك وعلى ثقتك في الشبكة الإسلامية، وبنفس المستوى نرجوك ونطلب منك أن تفكر إيجابياً، ولا تفكر بهذه الصور التشاؤمية، فأنت أفضل مما تتصور، وأنت لست مصاباً بعاهة أو بعلة تجعلك معاقاً أبداً، ففيما استشفيته من رسالتك أن لديك أفكار تستطيع أن تكونها وتستطيع أن تعبر عن ذاتك، وهذا في حد ذاته يعتبر أمراً ممتازاً، وإذا كنت ترى أن هنالك ضرورة للمواصلة مع طبيب، فأرجو أن تقوم بذلك، فالأطباء النفسيين موجودين، والحمد لله مصر فيها الكثير من الإخوة المتميزين جداً، وأرجو أيضاً أن تسترشد بمن تثق فيهم من المعلمين لمساعدتك، وتناقش معه هذه الأفكار، وناقشها أيضاً مع إمام المسجد، وسوف تجد إن شاء الله منهم الكثير من المعاونة.
وأما بالنسبة للأدوية التي ذكرتها فالرزبريدون والولانزبين هما من الأدوية المستحدثة والفعالة جداً لعلاج مرض الفصام، وهي أيضاً تعالج بعض حالات ما يعرف بالاكتئاب الوجداني ثنائي القطبية، أي حالات الاكتئاب التي تتخللها حالات من الهوس أيضاً، ولا نقول أن هنالك ميزة تميز أياً من الدوائين على الآخر من ناحية الفعالية، فكل الأبحاث تدل أن الرزبريدون والولانزبين متطابقين تماماً من ناحية الفعالية.
والرزبريدون ربما يتميز بأنه لا يسبب النعاس والكسل، ولكن في نفس الوقت ربما يؤدي إلى نوع من القلق البسيط لدى بعض الناس، وذلك في بداية العلاج، وأما الولانزبين فلا يسبب ذلك، فالولانزبين هو استرخائي ويساعد على النوم أكثر، ولكن يُعاب عليه أنه ربما يؤدي إلى زيادة كبيرة في الوزن، والرزبريدون أيضاً يؤدي إلى زيادة في الوزن، ولكن ليس بمستوى الولانزبين.
ويتميز الولانزبين بأنه لا يؤدي إلى ارتفاع هرمون الحليب، وهذا مهم جداً بالنسبة للإناث؛ لأن ارتفاع هذا الهرمون قد يؤدي إلى اضطراب في الدورة الشهرية بالنسبة للمرأة، والرزبريدون ربما يرفع هذا الهرمون لدى بعض الناس.
وهنالك فارق آخر وهو أن الولانزبين أكثر تكلفة من ناحية السعر مقارنةً بالرزبريدون، ولكن أرجو أن أؤكد لك تماماً أن الدوائين من ناحية الفعالية، والتحكم في أعراض الفصام، أو الاكتئاب الوجداني ثنائي القطبية متشابهين ومتطابقين إلى درجة كبيرة.
وختاماً؛ أسأل الله لك العافية والشفاء.
وبالله التوفيق.