والدي يتمني لي الزواج من منطقتي التي أعيش فيها وأنا لا أريد ذلك!

2025-12-28 23:31:58 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شابة في العشرينات من عمري، لا أحب المنطقة التي أعيش فيها، ولا أرغب في الزواج منها، ولكن والدي يتمنى أن يكون لي زوج من هناك.

أصبحتُ بسبب كلامه أشعر بالخوف، وأفكر يوميًا في موضوع الزواج، وأقول: إنه من المستحيل أن يأتي شخص من مكان بعيد.

تعبت نفسيًا ودائمة التفكير، فما هي نصيحتكم لي؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ منال .. حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نشكركِ على تواصلك معنا وعلى ثقتكِ بموقعنا.

أولًا: قد فهمنا من رسالتكِ -أختي الكريمة- أنكِ تمرين بحالة من الضيق النفسي والقلق المستمر تجاه مستقبلكِ الاجتماعي، وبالأخص في موضوع الزواج.

ثانيًا: يبدو أن هذا القلق نابع من صراع داخلي بين رغبتكِ الشخصية في الارتباط بشخص من خارج محيطكِ الجغرافي الحالي، وبين أمنية والدكِ -حفظه الله- بأن يكون زوجكِ من نفس المنطقة؛ مما ولّد لديكِ شعورًا باليأس وظنًّا بأن أمنيتكِ بعيدة المنال.

ثالثًا: من الطبيعي أن تشعري بالضغط حين تتعارض رغباتكِ مع رغبات الوالدين، خاصة في أمر مصيري كالزواج، لكن لا بد أن نذكّركِ أن مشاعر الخوف التي تجعلكِ تظنين أن مجيء شخص من بعيد أمر مستحيل، هي مجرد توقعات سلبية وليست حقائق واقعية؛ فالعقل تحت وطأة القلق يميل إلى تضخيم المخاوف وحجب الاحتمالات الإيجابية.

رابعًا: الأرزاق -ومنها الزواج- مقسومة ومكتوبة عند الله عز وجل قبل أن نولد، وهي لا تخضع للمنطق الجغرافي أو لرغبات البشر، قال الله تعالى: ﴿مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ﴾ [الحديد:22-23].

فتأملي قوله تعالى: ﴿إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا﴾؛ أي أن اسم زوجكِ، ومكان سكنه، وتوقيت لقائكما، مسطور في اللوح المحفوظ قبل خلق البشرية، وهذا اليقين يبعث الطمأنينة في القلب، فما قدّره الله آتٍ لا محالة، وما لم يقدّره فلن تناله الحيل، ولو اجتمع عليه أهل الأرض جميعًا.

خامسًا: علينا أن نتفهم منطلق الوالد؛ فهو غالبًا يتمنى بقاءكِ قريبة منه لا قسرًا أو إجبارًا، بل رغبةً في الاطمئنان عليكِ وضمان قربكِ من العائلة، ونصيحتنا لك أن تتجنبي الصدام المباشر أو الرفض القاطع الذي قد يثير حفيظته، بل استوعبي قلقه بالكلمة الطيبة والدعاء، مع اليقين بأن القلوب بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء.

سادسًا: من الأمور التي ستعينكِ -بإذن الله- على تجاوز هذه الأزمة النفسية:
1. اجعلي لكِ نصيبًا من قيام الليل، وسؤال الله الزوج الصالح الذي تقر به عينكِ، وثقي أن الله لا يضيع صدق اضطراركِ.

2. لا ترفضي فكرة الزواج لمجرد البعد الجغرافي قبل أن تستخيري، وفي الوقت نفسه لا تقبلي ما لا ترتضيه نفسكِ؛ فالدين كفل لكِ حق الاختيار والرضا.

3. توقفي عن تكرار كلمة "مستحيل"، وعودي نفسكِ على قول: "الأمر بيد الله، وسيكون ما أراده الله خيرًا لي".

4. لا تجعلي موضوع الزواج هو محور حياتكِ اليومي، بل انشغلي بتطوير ذاتكِ، أو دراستكِ، أو ممارسة هواية مفيدة؛ فالفراغ بيئة خصبة للأفكار السلبية.

ختامًا:
- تذكري أن هذه السنوات من عمركِ غالية، فلا تضيعيها في الحزن على غيب لا يعلمه إلَّا الله.
- كوني واثقة بخالقكِ، بارةً بوالديكِ، ومتفائلة بمستقبلكِ.

نسأل الله أن ييسر أمركِ، ويشرح صدركِ، ويهديكِ سواء السبيل، ويرزقكِ الزوج الصالح الذي يسعدكِ وتسعدين به حيثما كان.

www.islamweb.net