كيف ننصح من يأكل مال اليتيم؟

2025-12-17 00:42:55 | إسلام ويب

السؤال:
رجل تُوفِّي وترك أولادًا صغارًا، ومعهم مبلغ كبير من المال، بينما أبوه وأمه ما زالا على قيد الحياة، وقد قام أخوه الأكبر بأخذ المال والتصرّف فيه دون أن يُعلِم أحدًا بما أنفقه، فما رأيكم فيمن يأخذ مال اليتيم ويتصرّف فيه، ثم يتعذّر بقوله إنه سيعوّضهم عندما يُوزَّع الإرث بعد وفاة الأب؟ مع العلم أن أولاد المتوفى قد بلغوا السنّ القانونية.

أسألكم لأن زوجي أحد الإخوة، وهو يعلم بما يفعله أخوه من تصرّف في المال، ولا يوقفه عند حدّه، وأخشى أن نكون آثمين بذلك.


الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ أم محمد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بكِ -أختنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب.

أولًا: نشكر لك تواصلكِ مع الموقع، وحرصك على تجنّب الوقوع في ظلم هؤلاء الأيتام، وأكل أموالهم بغير حق، وقد حذّر الله -سبحانه وتعالى- من أكل مال اليتيم أشد التحذير في كتابه الكريم، وجاءت الأحاديث النبوية مُرَهِّبة من هذا الفعل الشنيع، فقال الله تعالى في كتابه الكريم: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾ [النساء:10].

والله تعالى نهى عن قربان مال اليتيم إلَّا بالتي هي أحسن في أكثر من آية من كتابه العزيز، فقال سبحانه وتعالى: ﴿وَلَا تَقْرَبُوا مَالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ [الأنعام: 152] والمقصود ﴿بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ﴾ أي إصلاح هذا المال والتصرّف بمقتضى مصلحة اليتيم، فلا يجوز لأحد أن يعتدي على مال اليتيم، وهؤلاء الأيتام ليست الولاية -في الصورة التي ذكرتِها في السؤال- ليست الولاية لعمّهم، بحيث يتسلّط على هذا المال وينفقه فيما يراه، ولو كان بقصد القرض، هذا حرام عليه، وينبغي أن يُنبَّه ويُنصح، ويُؤمر بالمعروف ويُنهى عن المنكر، وكونه ينوي أنه يرد لهم هذا المال، هذه النية لا تكفي، فهذا اعتداء على مال اليتيم وأكل له بغير حق، وهو داخل في هذه الآية التي ذكرناها لك.

وبعد بلوغ الأولاد السن القانونية -كما ذكرت- ارتفع عنهم وصف اليُتم، ولهم الحق في أن يطالبوا عمّهم بأموالهم، وإذا سامحوه فهذا أمر راجع لهم، فالبالغ له حق التصرف في ماله، أمَّا من لم يبلغ البلوغ الشرعي، فهذا لا يزال يتيمًا، ولا يجوز لأحد أن يأكل ماله، ولو رضي هذا اليتيم، فإنه قبل البلوغ لا اعتبار لكلامه.

وأمَّا زوجكِ فينبغي أن تُذكّريه بهذه الأحكام الشرعية، وتنصحيه بأن يكون آمرًا بالمعروف، ناهيًا عن المنكر، فإن الرسول ﷺ يقول: «من رأى منكم منكرًا فليغيّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان» [رواه مسلم] وهذا دوره، أن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، ويحاول تذكير أخيه، وتذكير والده، وتذكير الأسرة بأن هذا اعتداء على المال بغير حق، وأنه لا يجوز، فإذا فعل ذلك، فنرجو الله تعالى أن يكون قد برئت ذمته من الإثم.

نسأل الله تعالى لك مزيدًا من التوفيق والهداية والصلاح.

www.islamweb.net