خطبت عدة مرات وفسخت الخطبة ولذلك أنا متردد.. أرشدوني

2025-12-16 23:21:17 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

لو سمحت، أنا شخص خطبت ٣ مرات من قبل وتركت؛ بسبب عدم التوافق في الاهتمامات والطموح والتدين، وهذه هي المرة الرابعة، لكن لم تتم الخطبة بعد، وإنما كانت جلسة اتفاق فقط (جلسة الشرط).

جلست مع الفتاة مرتين قبل جلسة الشرط، ولم أشعر بأي إحساس تجاهها، هي هادئة جدًا، كلامها قليل بقدر السؤال، ومطيعة، وهذا كان أحد أسباب قبولي لها، إضافة إلى أنها من بيت أصول، نادر وجوده في هذه الأيام، سألت كثيرًا عنها، ولم أجد إلا الثناء عليها، رزانة في الكلام، هدوءًا، وعدم تكبر.

المشكلة أنني في يوم الشرط شعرت بنفور تجاهها، وأحسست أنني أعلى منها في كل شيء: ثقافيًا، دينيًا، وتعليميًا، أخاف أن لا يكون بيننا مشاركة في الحديث، أو فهم متبادل، وأن الفارق في المستوى الفكري سيؤثر مستقبلًا على تربية الأطفال.

مخاوفي أنني لا أتقبلها شكليًا ونفسيًا وجسديًا، في البداية لم أشعر أنني أرفضها، ولا أنني أريدها، بل كنت مترددًا، صليت صلاة الاستخارة كثيرًا، ولم أشعر بشيء محدد؛ أحيانًا أشعر بارتياح، وأحيانًا أخرى أشعر وكأن روحي في حلقي وأشعر باختناق، أشعر وكأن جبلًا على صدري.

سؤالي: هل أمضي في الخطبة أم لا؟ أخاف أن أكرر نفس الخطأ وأنفصل لاحقًا، والله يعلم أنني جاد في الموضوع.

أفيدوني، أفادكم الله.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ محمد حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُقدِّر لك الخير ثم يرضيك به.

بداية: نحن ننصحك (ابننا) بترك التردد، وبتجنب طلب الكمال؛ لأن الكمال محال، فعليك أن تكون واقعيًّا وتُدرك أننا -رجالاً ونساءً- النقص يطاردنا، فنحن بشر.
مَنْ ذا ‌الَّذي ‌ما ‌ساءَ ‌قَطْ … وَمَنْ له الحُسْنى فَقَطْ
وقال الآخر:
وَمَنْ ذَا الَّذِي تُرْجَى سَجَايَاهُ كُلُّهَا … كَفَى ‌الْمَرْء ‌نُبْلًا ‌أَنْ تُعَدَّ مَعَايبُه

هذه قاعدة أرجو أن تعتمدها وتمضي عليها، كذلك القاعدة النبوية: «إِنْ كَرِهَ مِنْهَا خُلُقًا رَضِيَ مِنْهَا آخَر»، وهذا المعيار يصدق على الرجال ويصدق على النساء، "إِنْ كَرِهَتْ مِنْهُ خُلُقًا رَضِيتْ مِنْهُ آخر".

وأخشى أن يكون مع هذا التردد -وقد خطبت مرتين أو ثلاثًا، وهذه هي الرابعة- أن يكون هذا دليلًا على أنك تطلب أمورًا وكمالًا في الشخصيات قلَّ أن يوجد، فأرجو أن تستحضر هذه الواقعية، والشريعة تبني على الدين: «‌إذا ‌جَاءَكُم ‌مَن ‌تَرْضَوْنَ ‌دِينَهُ وخُلُقَهُ فزوِّجوه»، وقال ﷺ في حق المرأة: «تُنْكَحُ النِّسَاءُ لِأَرْبَعٍ: لِمَالِهَا، وَلجَمَالِهَا، وَلحَسَبِهَا، وَلدِينِهَا، ‌فَاظْفَرْ ‌بِذَاتِ ‌الدِّينِ ‌تَرِبَتْ ‌يَدَاكَ» فالدين هو الأساس، هو القاعدة التي نبني عليها، فإذا كانت فتاة طيبة، ومن بيت أصول، قلَّ أن تجد مثلها في هذه الأيام، فنحن لا ننصح بالتفريط في الفتاة الرابعة التي تخطبها.

وكونك تشعر أنك الأعلى، فالقِوامة عند الرجل، والإنسان يستطيع أن يرتفع بزوجته ويؤثر عليها تأثيرًا إيجابيًّا، وكما قلنا سيجد أشياء إيجابية وأشياء فيها نقص، فضخم الإيجابيات، واحمد الله عليها، واشكر الله، وتعاون مع زوجتك في إكمال جوانب النقص، وقد توجد سلبية لن يكون أمامك أو أمامها إلَّا التعايش معها، وتقبّل هذا النقص؛ لأننا بشر، هذا الأمر بالنسبة لك وبالنسبة لها، فهي أيضًا قد ترى فيك إيجابيات كبرى وستجد عندك سلبيات، فنحن بشر.

أتمنى ألَّا يحصل التردد والرفض في المرة الرابعة، وأريد أن أبيِّن لك أن العبرة بالانطباع الأول: ما حصل من ارتياح وانشراح وقبول، هذا هو الذي نؤسس عليه. أمَّا التأرجح في العواطف، أحيانًا كذا وأحيانًا كذا، هذا قد يكون له أسباب، فنُبعد الأسباب، وقد لا يكون له أسباب، فعلينا أن نكثر من أذكار الصباح والمساء ونحافظ عليها، ونقرأ الرقية الشرعية على أنفسنا، واعلم أن الشيطان لا يريد لنا الحلال ولا يريد لنا الزواج؛ لأنه إذا تزوج الناس وجدوا الحلال، فالشيطان بضاعته ومساحة عمله ستكون ضيقة جدًا.

ولذلك لا عبرة بما ينقدح من مشاعر سالبة بعد الارتباط وبعد الانطباع الأول، فهذه هي طبيعة الحياة، ولذلك نحن ننصح بعدم التساهل في ترك الفتاة التي تقول إنها من بيت أصول، وكلامها قليل، وهادئة، هذه صفات جميلة.

لذلك أرجو أن تُعطي نفسك فرصة، على الأقل في عدم الاستعجال في الرفض، ونسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد، وأن يُعينك على الخير، وأن يُقدِّر لك الخير، ثم يرضيك به.

هذا، وبالله التوفيق.

www.islamweb.net