كيف أنقي قلبي وأتوب من التعلق بابنة خالتي؟
2025-12-16 03:55:12 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أحببت بنت خالتي، وهي تدرس في الثانوية العامة، بينما أنا طالب في الكلية، مضى عام ونصف على حديثنا، وقد أعطيتها الكثير من الهدايا وبذلت وقتي وجهدي، لا أنكر أننا تحدثنا، وهذا أمر محرم، لكن نيتي أن تكون علاقتنا في الحلال، ولم نفعل شيئًا آخر.
أخبرتني أنني إذا كنت أريدها بصدق، فعلي أن أعمل بجد وأتقدم لها، لكني أشك أن هناك رجلًا آخر ترغب به، رغم كل ما بذلت لها.
أسأل عن كيفية التوبة من هذا، وكيف أنقي قلبي؟ أشعر أنني خامل ولا أستطيع فعل أي شيء بسبب الحزن.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الله حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك.
فاعلم أولًا أن ما تشعر به ليس ضعفًا، ولا دلالة سوء، بل هو أثر تعلّق غير مباح دون ضابط شرعي، وهذا دفعك الآن إلى حزن ثقيل وخمول مُرهق، وهذا حال كثير من القلوب حين تحب ثم تخاف الفقد، فلا تقس على نفسك، ولا تحتقر ألمك، لكن تعلّم كيف تخرج منه سالمًا.
نعم، ما وقع بينك وبين بنت خالتك من حديث خارج إطار الحلال كان خطأ، وقد أحسنت حين اعترفت به ولم تبرّره، وهذا الاعتراف الصادق هو أوّل أبواب التوبة، فالتوبة ليست شعورًا عارضا، بل رجوع واعٍ يُغلق باب الخطأ ويفتح باب الإصلاح، وتوبتك تكون بأن تقطع هذا الطريق المحرّم قطعًا تامًا، فلا رسائل ولا متابعة ولا انتظار، وأن تندم لأنك خالفت أمر الله، لا لأنك خفت أن تخسرها، ثم تعزم في قلبك عزمًا صادقًا ألّا تعود، وتكثر من الاستغفار، وتسأل الله أن ينقّي قلبك ويجبر كسرك، واعلم أن الله يقبل التوبة، ولو بعد طول تعلّق.
أمّا تنقية القلب، فليست بالقمع، ولا بمحاولة النسيان القسري، بل بتحويل القلب من التعلّق بالمخلوق إلى التعلّق بالخالق، ومن الانتظار السلبي إلى العمل، فالقلب إذا تُرك فارغًا مع الحزن أكل صاحبه، أمّا إذا شُغل بحقّ نافع هدأ بالتدريج، فاحرص على الصلاة في وقتها ولو بثقل، وعلى ذكرٍ بسيط ولو بلا حضور كامل، وعلى حركة الجسد بالعمل أو الرياضة، فالجسد إذا تحرّك خفّ الحمل عن النفس، ولا تجعل الحزن مبررًا لتعطيل حياتك؛ لأن التعطيل يزيده ولا يرفعه.
وأمّا خوفك من أن تكون قد مالت إلى غيرك بعد كل ما بذلت، فاعلم أن هذا الظن باب عذاب لا طائل منه؛ لأنك لن تصل فيه إلى يقين، ولن تحصد منه إلا ألمًا زائدًا، ثم إن القلوب بيد الله وحده، وما لم يُكتب لك لن تناله ولو بذلت عمرك، وما كُتب لك سيأتيك ولو تأخّر.
وهنا أصل عظيم يريح قلبك إن وقر فيه: الزواج رزق مقسوم، وقدر مكتوب، لا ينال بالحيلة ولا يفقد بالعجز، فمن قدّرها الله لك زوجة فلن تكون لغيرك أبدًا، ولو اجتمع أهل الأرض على صرفها عنك، ومن لم يقدّرها الله لك فلن تنالها ولو تعلّق بها قلبك سنوات، فاطمئن، فالأقدار لا تزاحم ولا تغالب.
أما شعورك بالخمول والعجز فليس دليل فشل، بل نتيجة حزنٍ مكبوت وتعلّقٍ لم يجد مخرجًا، فلا تقل أنا ضعيف، بل قل أنا متألم وأتعافى، والتعافي يحتاج وقتًا وصبرًا وحسن ظنّ بالله، لا جلدًا للنفس ولا استعجالًا للنتائج.
واعلم كذلك أن الإنسان قد يتمنى شيئًا يظنه خيرًا وهو في علم الله شرّ له، وقد يحزن على فوات أمرٍ لو وقع لأفسد عليه دينه أو دنياه، فليس كل محبوب نجاة، ولا كل فراق خسارة، وربك أعلم بقلبك وبما يصلحه منك، وقد يمنعك رحمة لا حرمانًا.
فاجعل نيتك واضحة وصادقة: إن تيسّر لك التقدّم بالحلال وأنت قادر عليه فافعل، وإن لم يتيسّر فلا تُعلّق قلبك بوعد غير مضمون، بل سلّم الأمر لله وارض بقضائه، فمن سلّم اختصر على نفسه طريق الألم، ومن ترك شيئًا لله عوّضه الله خيرًا منه ولو بعد حين.
وفي الختام، تذكّر أن القلب الذي يتألم لأنه يريد الحلال قلبٌ حيّ لا فاسد، لكن هذا القلب يحتاج أن يربط بالله لا بشخص، وبالعمل لا بالانتظار، وبالمستقبل لا بالماضي، فانهض بقدر استطاعتك، وخذ بالأسباب، ودع النتائج لربّ الأسباب، وسترى يومًا أن ما حسبته كسرًا كان باب نجاة، وما ظننته ضياعا كان توجيهًا رحيمًا.
ثم احرص على ما يلي:
1- العمل بجد لإكمال نفقات الزواج.
2- كثرة الصيام.
3- الصحبة الصالحة.
4- البعد عن الفراغ.
5- ممارسة الرياضة.
6- مسح كل الرسائل التي بينكما حتى ييسر الله لك الزواج.
7- كثرة الدعاء لله تعالى.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.