كيف أقطع علاقتي بفتاة تعلق قلبي بها؟
2025-12-24 00:23:20 | إسلام ويب
السؤال:
أعجبت بفتاة، وبادلتني نفس الشعور، وكانت نيتي الزواج منها، لكن في ذلك الوقت لم أكن مستعدًا، فانقطع التواصل بيننا، وقالت لي إنها ستنتظرني، فقلت لها "ماشي" بعد ثلاثة أشهر تواصلت معها للاطمئنان، ثم توقفنا عن الكلام مباشرة، لكن في إحدى المرات تقابلنا، وللأسف الشديد حدث أن حضنتها، أنا وهي ندمنا كثيرًا، ومن شدة خوفها أخبرت والدتها، فقامت والدتها بتهديدي، بعد فترة تواصلت معي الفتاة، وقالت إن والدتها قلبها طيب وستسامحني، وأنها أصلًا مسجلة رقمي.
أنا حزين جدًا على ما حدث، وأشعر أنني أغضبت الله، أفكر أن ألغي كل حساباتي بسبب الأخطاء التي ارتكبتها، لكن في نفس الوقت لا أريد أن يظنوا أنني أتهرب منهم.
أطلب نصيحتك، خصوصًا أنني أول شخص في حياة هذه الفتاة، وأخشى أن تتأذى بسببي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ إبراهيم حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلا بك في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله أن يحصن فرجك، وأن يثبت قلبك، وأن يرزقك البصيرة حتى تنجو من فخاخ الشيطان.
أخي: دعنا نحدثك بصراحة لا تعرف التمحور، بل تعرف الهدف المباشر، إنقاذًا لك من مصير مؤلم إن لم تتداركه بخطة محكمة، لذا لا بد ابتداءً أن نقول لك: توقف قليلًا، لا لتجلد نفسك، بل لتفهم حقيقة ما أنت فيه، فما جرى منك ليس قصة حب عابرة، ولا زلة بسيطة كما قد يصورها لك الهوى، بل هو اقتراب من باب عظيم من أبواب الفتنة، باب لو فُتح على مصراعيه لأحرق الدين قبل العرض، والقلب قبل الجسد، والمستقبل قبل الحاضر.
التواصل الذي وقع بينك وبين تلك الفتاة محرم في أصله، لا يغيره حسن النية، ولا يخففه قصد الزواج، ولا يبيحه الوعد المؤجل، فالشرع لا يحاكم النوايا المجردة، بل يحاكم الأفعال الموصلة، ولهذا قال الله تعالى: (ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلاً)، فحرم القرب قبل الوقوع، وحرم الطريق قبل النهاية.
أخي الكريم: العرب تقول : ثبت العرش ثم انقش، وأنت غير مستعد للزواج، وغير قادر على تحمل تبعاته، ومع ذلك فتحت بابًا لا يفتح، إلا لمن كان مستعدًا أن يدخله من أوله بالحلال، فما الذي كنت تظنه سيحدث؟ أن يبقى القلب معلقًا، والشهوة ساكنة، والشيطان متفرجا؟! هذا وهم، والوهم إذا طال انقلب إلى سقوط.
أخي: لقد لطف الله بك إذ لم يفضحك، ولطف لك فما تماديت، ولطف بك بأن حبب إليك باب التوبة ، وأشعرك بالخوف، وأيقظ فيك الألم، وهذا كله رحمة لا عقوبة، أما تلك الفتاة، فلا تحمل نفسك وزر تدميرها، فهي أخطأت كما أخطأت، ثم خافت، فرجعت إلى أمها، ثم أغلقت الباب، ونسأل الله أن يتوب عليها، هذه ليست فتاة ضائعة، بل فتاة وقفت قبل الهاوية، وأنت إن أصررت على البقاء في المشهد، فهنا يكون الضرر، والآن اسمع هذه القاعدة، واحفظها، ولا تجادل فيها نفسك: التوبة الصادقة لا تجتمع مع بقاء سبب المعصية، من تاب وترك الباب مواربًا، فهو لم يترك، بل أرجأ السقوط، ومن تاب وأبقى التواصل، أو الترقب، أو الانتظار، فقد جمع بين التوبة والفتنة، وهذا لا يدوم.
التوبة الحقة تعني: أن تنقطع، لا أن تختفي خوفًا، ثم تظهر، أن تغلق الباب، لا أن تقف خلفه تسمع الصوت، أن تمضي إلى الأمام، لا أن تلتفت لتتأكد ماذا سيحدث بعدها، ثم اعلم أن إلغاء الحسابات، أو قطع الوسائل، إن كان بنية صادقة، فهو خير، لكن لا يكن دافعك الخوف من الناس، بل الخوف من الله، ولا يكن قصدك الهروب، بل النجاة.
وبعد التوبة، لا تبق في فراغ، فالفراغ بعد الذنب أخطر من الذنب نفسه، أشغل نفسك بما يصلحك في الدنيا والآخرة، أشغل نفسك بدينك، بعملك، ببناء قدراتك، بتحصيل المؤنة، بالسعي الجاد لأن تكون رجلًا قادرًا على الحلال، لا متعلقًا بالحرام باسم العجز.
واعلم -وهنا يثبت القلب إن عقل- أن الزواج ليس قصة تصنعها الرسائل، ولا علاقة تبدأ خفية، ثم تكلل بالحلال، الزواج قدر مكتوب، ورزق مقسوم، وسيسوقه الله بطرق لا تخطر لك على بال، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم كلامًا لو استقر في القلب لانقطعت كثير من الوساوس: (إن الله كتب مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة).
فما كان لك، لن يفوتك، وما لم يكن لك، لن تناله ولو اجتمع له أهل الأرض، والحرام لا يعجل رزقاً، بل قد يكون سبباً في حرمانه، فإن كانت تلك الفتاة من قدرك، فسيجمعك الله بها في وقت أنضج، وبطريق أنقى، وبقلب أسلم، وستأتي إليها من باب بيتها، لا من نافذة الخوف، ولا من ظل الرسائل، وإن لم تكن من قدرك، فاحمد الله أن أوقفك قبل أن تزداد إثمًا، وقبل أن تحمل في عنقك ذنبًا أعظم، ولعل الله عند صدق التوبة أن يرزقك خيرًا منها.
وتذكر هذا جيدًا: ليس الانتصار أن تصل، بل أن تنجو، وليست الرجولة أن تملك القلب، بل أن تضبطه، وليس الحب الصادق ما بدأ بمعصية، بل ما انتهى بطاعة، فاثبت حيث أوقفك الله، واقطع حيث أمرك، وتحرك إلى الأمام، فإن الله لا يضيع من صدق معه، ولا يخيب من ترك شيئًا له.
نسأل الله أن يحفظك، وأن يرعاك، والله الموفق.