كيف أجعل غضبي لا يؤثر على علاقتي بزوجي؟
2024-11-09 22:36:42 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أريد مساعدتي بحل، كيف أحاول عدم التكلم مع زوجي عندما أكون غاضبة منه؛ حتى لا أؤذيه أحيانًا بكلامي وأرفع صوتي؟ مع العلم أنني لا أعرف إذا كنت أؤذيه أم لا، ولكن أخاف الله وأخاف عدم رضاه علي، وأريد طريقة الحل التي تجعلني عندما أغضب منه أبتعد، وأقفل فمي عن الكلام، ولا أسمعه كلامي، أو حتى لا أحدث نفسي بصوت مرتفع فيسمع؛ لأنه بكل الأحوال لا يتكلم معي ولا يسألني عن حالي، وهذا شيء يضايقني، كل وقته مشغول بالعمل، إلا أنني دائمة الطلب منه أن يجلس معي ومع الأولاد.
جزاكم الله خيرًا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Nour حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بكِ -أختي الفاضلة- في استشارات إسلام ويب، ونسأل الله أن يُثيبك على حرصك الشديد على تقدير واحترام زوجك، وسعيكِ لضبط نفسك عند الغضب وعدم رفع الصوت عليه، هذه الأمور تدل على الخير في نفسك، وحرصك على المحافظة على العلاقة الزوجية، فإن العديد من المشاكل الأسرية تبدأ بالغضب وعدم ضبط النفس، لذا فإن تعلم أساليب ضبط الغضب وإدارته، يعتبر أمرًا مهمًا لتحقيق الاستقرار الأسري بإذن الله تعالى.
وفيما يلي بعض النصائح التي نسال الله أن تساعدكِ في التعامل مع الغضب:
أولاً: معرفة أسباب الغضب ومعالجتها، من المفيد أن تتعرفي أولاً على الأسباب التي تؤدي إلى الغضب والانفعال؛ لأن علاج الأعراض يتطلب أولًا إزالة المسببات، فقد تكون هناك مسببات ظاهرة للغضب مثل: المشكلات الصحية، كأمراض القولون العصبي مثلاً، أو غيرها من الأمراض التي تؤدي إلى سرعة الانفعال، وقد يكون السبب هو التربية في بيئة تميل إلى الانفعال والغضب، أو التعود على ممارسة الغضب كردة فعل أمام المواقف البسيطة.
كل هذه العوامل تتطلب منكِ أن تحاولي تحديد السبب الدافع للغضب، ثم معالجة هذا السبب، وإزالته كخطوة أولى مهمة، فلا قيمة للعلاج مع بقاء السبب.
ثانيًا: اتباع هدي الإسلام في تهذيب النفس عند الغضب، الإسلام يقدم طرقًا عملية راقية ورائعة لعلاج مشكلة الغضب وتهذيب النفس، وقد أرشدنا النبي -صلى الله عليه وسلم- في قوله وفعله إلى وسائل يمكن أن نمارسها للتحكم في الغضب: تشتيت بؤرة الغضب والانفعال، حاولي الانشغال بشيء آخر عند الشعور بالغضب، مثل تغيير مكانك، أو تغيير وضعيتك؛ فإذا كنتِ واقفة اجلسي، وإن كنتِ جالسة استلقي، أو حاولي ذكر الله والاستغفار، المهم أن تنشغلي بما يشتت حدة الغضب، فقد ورد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال:(إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب وإلا فليضطجع).
ثالثاً: تعليل النفس بحقائق تخفف من حدة الغضب: حاولي التذكر أن الإنسان بطبيعته ميّال للجدال والخطأ، وهذا الشيء يلازمه، وأنه قد يكون وراء التصرفات الأخرى دوافع قد لا تعرفينها وهكذا، فعن علي بن أبي طالب أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- طَرَقَه وفاطمة بنت النبي عليه السلام ليلة، فقال: «ألا تصليان؟» فقلت: يا رسول الله، أنفسنا بيد الله، فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا، فانصرف حين قلنا ذلك، ولم يرجع إليّ شيئًا، ثم سمعته وهو مولٍ يضرب فخذه، وهو يقول: (وكان الإنسان أكثر شيء جدلًا) فحال الغضب يمكن أن يساعدكِ تقديم الأعذار للآخرين على تقليل حدته والتصرف بحكمة.
رابعاً: التذكير بثواب كظم الغيظ، ونتائج الغضب السلبية: تذكري الأجر الذي أعده الله لمن يكظم الغيظ، كما قال تعالى: (وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين)، وفي الحديث: (من كتم غيظًا وهو قادر على أن ينفذه دعاه الله على رؤوس الخلائق حتى يخيره من الحور العين يزوجه منها ما شاء) فكل هذه الأجور تنتظر من يكظم غيظه ويصبر ويحتسب الأجر.
خامسًا: التصرف بحكمة ونضج، حاولي التصرف بعقلانية في المواقف التي تثير الغضب، فالشخص الناضج يعطي كل موقف حقه من التقدير، ولا يبالغ في ردود أفعاله، يتضح هذا في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم-، فعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: (كان النبي -صلى الله عليه وسلم- عند بعض نسائه، فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين بصحفة (إناء) فيها طعام، فضربت التي النبي -صلى الله عليه وسلم- في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت، فجمع النبي -صلى الله عليه وسلم- فِلَقَ الصحفة، ثم جعل يجمع فيها الطعام الذي كان في الصحفة ويقول: غارت أمكم، ثم حبس الخادم حتى أُتي بصحفة من عند التي هو في بيتها، فدفع الصحفة الصحيحة إلى التي كُسرَت صحفتها، وأمسك المكسورة في بيت التي كَسرت" (رواه البخاري)، من هذا الموقف نرى كيف تعامل النبي -صلى الله عليه وسلم- بحكمة وهدوء دون لوم أو انفعال، ثم كيف علل هذا الفعل، وكيف قام بمعالجته بكل هدوء وحكمة.
سادسًا: إشغال النفس بما هو نافع، استثمري وقتكِ في أنشطة ترفع من اهتماماتكِ وتبعدك عن الانشغال بالتفاصيل التي قد تثير الغضب والانفعال، يمكن لممارسة الرياضة الخفيفة مثل: المشي، أو القيام بأعمال المنزل أن تكون وسيلة لتخفيف التوتر، وعلو الهمة والرقي بالنفس.
سابعاً: عند مناقشة أموركِ مع زوجك، احرصي على اختيار الأوقات المناسبة التي تكون بعيدة عن لحظات الانفعال أو مسبباته.
أخيرًا: -أختي الفاضلة- عليك بالدعاء والاستعانة بالله، التزمي بالدعاء وتضرعي لله تعالى أن يصرف عنكِ آفة الغضب والانفعال، واجتهدي في تهذيب نفسك وتدريبها على التحكم في لحظات الغضب، فهي تحتاج إلى وقت وصبر واجتهاد، وخالطي من يتصف بالحكم والحكمة والهدوء، وتذكري قوله تعالى: (والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا).
أسأل الله أن يوفقكِ وييسر أمركِ، ويرزقكِ الصبر والحكمة في التعامل مع جميع الأمور.