زميلي يشكو من أعراض الذهان الجانبية، فكيف يتخلص منها؟

2024-09-24 23:18:18 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

سؤالي له بعد طبي وشرعي: هنالك شاب في العشرين من عمره، وتعرض لمشاكل نفسية أثرت على تحصيله وحياته الاجتماعية، وانتقلت هذه المشاكل من شكل إلى شكل، ومن طور إلى طور، فبدأت معه بوساوس الدين، ثم تطور الأمر وعانى من ضعف الشخصية، وتطورت الأعراض إلى أعراض ذهانية وتخويف وغيره، وأخيرًا ذهب إلى الطبيب النفسي بعد تفاقم المشاكل، وكتب له الطبيب:
- Statomain 100.
- Apexidone 1, 2,4.

وبعد تناول الابيكسيدون خفت الأعراض، ولكن هناك بعض الآثار تراوده على شكل عدة أعراض مختلفة، وقد ذكر الطبيب أنها تزول مع الوقت. المشكلة أن الآثار الذهانية ظلت تتغير إلى عدة أشكال؛ فلو انتهى عرض ما أو قلّ يعقبه عرضٌ آخر، وهو يرى وكأن رأسه يحاربه.

أعتذر عن الإطالة في المقدمة، وسؤالي هو: هذا الشاب الآن يعاني من تقطع الكلام، وأصبح قليل الكلام، خصوصًا في المواضيع المكررة، وأثّر ذلك عليه من الناحية النفسية، فهل هناك شيء يساعده على التخلص من هذا العَرَض نهائيًا؟ وهل هناك علاج يسيطر أكثر على الأعراض الذهانية المتكررة، وإن كانت غير متفشية؟

من الناحية الشرعية: هل هو معذور على قلة الكلام، خصوصًا في الصلاة وقراءة القرآن؟ فوالدته أحيانًا تطالبه بقراءة سور طويلة، وهو يستعمل التورية أحيانًا ليجعلها تظن أنه قرأ فعلًا، وهو يستحيي من القراءة أمامها، فهل هو معذور، أم أنه يعتبر مقصرًا في حق نفسه؟

بارك الله فيكم، ونفع بكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ عبد الرحمن حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لهذا الشاب العافية والشفاء، ونقول لك -يا أخي جزاك الله خيرًا- على اهتمامك بأمره.

يعرف يا أخي، أن بعض الحالات النفسية لها مسار معين، تبدأ الحالة مثلًا بنوع من القلق والتوتر، بعد ذلك تظهر وساوس أو مخاوف، ثم تقلبات مزاجية، وبعدها شيء من عسر المزاج الشديد، ثم الاكتئاب النفسي، وقد ينتهي الأمر بحالة ذهانية. نعم؛ هذا التدرج في سلم الأعراض النفسية معروف، وقد كتب عنه أحد العلماء اسمه -فولس-folus، لكنه لم يكمل عمله لأنه توفي مبكرًا.

هذه الحالات، حقيقةً تتطلب يقظة تشخيصية، وكذلك متابعة دقيقة مع الطبيب، لأن الأعراض حتى وإن وصلت إلى قمة الذهانية، إلا أنها تتشكل وتختلف، وقد تظهر أعراض جديدة وتختفي أعراض قديمة، وهكذا، فعملية التذبذب والمداخلات هذه تتطلب متابعة دقيقة من طبيب مختص؛ كما أنه يُفضل أن يتابع المريض مع طبيب واحد فقط، الطبيب الذي يثق فيه، ويكون قد عرف حالته وتفهمها، أفضل من التنقل بين الأطباء، هذه نصيحتي لك.

طبعًا، الطبيب -جزاه الله خيرًا- قد اختار واحدًا من أفضل مضادات الوساوس والقلق، وهو الإستاتومين، المعروف باسم الفلوفوكسمين، أو ما يعرف باسم فافرين، بالإضافة إلى الدواء الآخر المعروف ابليكسون وهو الريسبيريدون، وهو أحد مضادات الذهان الممتازة، وله أيضًا فعالية إيجابية جدًا لعلاج الوساوس.

أنا أعتقد أن العلاج الدوائي تم اختياره بشكل ممتاز، وإن كانت هناك بعض المداخلات ما بين الدوائين، الفافرين له بعد المداخلات السلبية البسيطة مع الريسبيريدون، وقد يُضعف فعاليته بنسبة قليلة، لكن أقول لك: إن الاختيار سليم، وإن كان لا بد من التغيير لتجنب هذه التداخل ما بين الدوائين، يمكن استبدال الدواء الأول وهو الإستاتومين بعقار آخر مثل ليسترال، أو ما يعرف باسم سيرترالين، وسيكون بديلًا مناسبًا جدًا.

أما إبليكسون فهو دواء ضروري لحالة هذا الشاب، وجرعة 4 مليجرام جرعة جيدة لعلاج الذهان، ويمكن رفعها إلى 6 مليجرام يوميًا، لكن بعد جرعة 3 مليجرام ربما تظهر بعض الأعراض الجانبية، مثل: الرجفة، الثقل في الكلام، وأحيانًا نوع من التخشب والإنشداد الجسدي؛ لذا نعطي أدوية مضادة لهذه الآثار الجانبية، وهنالك أدوية كثيرة، مثل: البندكسول البنزوتروبين، وكلها موجودة -الحمد لله-، وهي معروفة لدى الأطباء.

وأنا أقول: إن التغيير الذي أتى عليه فيما يتعلق بطريقة كلامه، ربما هو من الآثار الجانبية وقد لعبت دورًا؛ لأن عضلات النطق والكلام، وخاصة عضلات الفك من العضلات التي تتأثر كثيرًا من الانشداد العضلي، والذي قد يكون ناتجاً من علاج الإبليكسون، وتناول أي جرعة صغيرة من البندكسول سوف تحل -إن شاء الله تعالى- هذه المشكلة إن كان فعلًا هنالك أثرًا جانبيًا، وهذا معروف لدى الأطباء.

فيا أخي: الاختيارات الدوائية ممتازة، وعلاج هذه الحالات يكون في العلاج الدوائي في المقام الأول، أي علاج (بيولوجي)، لكن إذا كانت الظروف الاجتماعية والنفسية والأسرية مواتية وإيجابية، فهذا له مردود إيجابي جدًا على الناحية العلاجية.

بالنسبة لموضوع قراءة القرآن، والسور الكبيرة والطويلة، ومحاولة والدته أن تدفعه لذلك -إن شاء الله- هي مقصدها خير، ولا شك في ذلك، وفي ذات الوقت طبعًا الوسطية أفضل، ويجب أن لا نهلك هذا الشاب، وبإذن الله تعالى: الشيخ الدكتور/ أحمد المحمدي سوف يفيدكم في هذا السياق.

لكن هذا الشاب يحتاج أيضًا نوعًا من العلاج النفسي التأهيلي، لا بد أن نجعله دائمًا يكون في حالة فعاليات وتداخل مع الآخرين، وأن يهتم بمصالحه الشخصية، وينظم نومه، وأن يقرأ، وأن يصلي مع الجماعة، وأن يمارس الرياضة، هذه كلها علاجات تأهيلية مهمة.

بارك الله فيكم، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد. __________________________________________
انتهت إجابة: د. محمد عبدالعليم .. استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان.
تليها إجابة: د. أحمد المحمدي .. المستشار التربوي.
__________________________________________

أهلًا بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.

فلعلّ في إجابة الدكتور محمد حفظه الله ما يشير إلى ثلاثة أمور:

1- أن هذا في العرف الطبي يعتبر مرضًا.
2- أن عليه متابعة الطبيب.
3- أن العلاج ميسور بأمر الله.

وأما مسألة عدم استطاعته القراءة أمام الوالدة أو أمام الناس لخجله، فلا حرج عليه، وإن كنا نرى أن تهيب القراءة أمام الغير عامل سلبي، يقود إلى سيطرة الضعف النفسي عنده، بل ويزيد من قابلية اعتبار المرض ملازمًا له، وليس عرضًا زائلًا.

إننا ننصح الأخ بعدة أمور:

1- المحافظة على الفرائض والواجبات التي أوجبها الله عليه في موعدها.
2- المداومة على أذكار الصباح والمساء والنوم.
3- قراءة سورة البقرة كل ليلة في البيت، وهذا هو الأفضل، ولكن يمكنه الاستماع لها عند عدم القدرة.
4- الجلوس والتحدث في محيط آمن، كأن يجلس مع خاصة أصحابه أو إخوانه ثم يتحدث، فهذا تدريب عملي مفيد له -إن شاء الله-.
5- المتابعة مع طبيب مختص.

وأخيرًا: الدعاء بأن يصرف الله عنه ما حلّ به إنه جواد كريم، والله الموفق.

www.islamweb.net