قلق وتفكير سلبي وشعور بسوداوية الحياة.. ما العلاج؟

2024-08-19 03:38:32 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

عمري 19 عامًا، في فترة الامتحانات الجامعية -قبل أكثر من شهرين- كنت في ضغط هائل، وقلق شديد بسبب خوفي من إعادة السنة؛ لدرجة أنه كانت هناك أيام لا أستطيع الأكل والنوم فيها من شدة القلق.

استمر الأمر على هذا الحال حتى اجتزت آخر امتحان في 29 جوان، والحمد لله نجحت، وعندما رجعت للبيت أحسست بفراغ شديد وغريب، وبعدها بدأت أحس بالقلق بدون سبب، بعدها بأسبوع ذهبت لطبيب عام، وأعطاني المغنيسيوم والكالسيبرونات، وعملت فحوصات دم، وكانت طبيعية، وكانت نسبة الفيتامين (د) 30 ng/ml.

أكملت دواء الكالسيبرونات، ولكني لا أحس أنه أتاني بنفع، وأنا مستمر على المغنيسيوم، ولكن نفس الشيء لم ينفع، أحيانًا قليلة يختفي الشعور بالقلق، وترجع نظرتي للحياة متفائلة، وأكون مرتاحًا وسعيدًا، ولكنه لا يستمر لوقت طويل.

أغلب الوقت يكون شعوري هو القلق والتفكير السلبي بأن الحياة سوداوية ومملة، ومع هذا القلق مزاجي لا يكون جيدًا أبدًا، ومع مرور الوقت بدأت أقرأ عن الاكتئاب، واضطراب القلق العام، وثنائي القطب، وأشياء أخرى.

بالصدفة قرأت عن أناس يعيشون وكأنهم في حلم، ومن وقتها -أي قبل أسبوع-، وهذه الأفكار لا تذهب من مخيلتي، وكأن عقلي يقنعني أن بي اكتئابًا وأنني في حلم، لا يزال القلق يرافقني، وأيضًا نظرتي للحياة تغيرت كأنها أصبحت أكثر سوداوية ومملة.

رغم كل هذا إلا أنني آكل بشكلٍ عادي، وأنام بشكل عادي وحتى تجدني أضحك بشكلٍ عادي، ولكن أحيانًا تكون حالتي سيئة لدرجة أني لا أستطيع الابتسام.

أسألكم بالله كيف أرجع لحياتي الطبيعية؟ هذه الحالة مستمرة معي منذ شهر ونصف تقريبًا، وأنا خائف من أن أبقى هكذا، لم أستطع النوم بالأمس من شدة الخوف والقلق.

وشكرًا لكم.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ أنيس حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك العافية والتوفيق والسداد.

أيها الفاضل الكريم: الحالة القلقية التوترية التي حدثت لك في أوقات الامتحان هي أمر معروف، هذا نسميه بعدم القدرة على التكيُّف، أنت في الأصل لديك درجة مرتفعة من القلق نسبيًّا، وقد يكون هذا القلق جزءًا من البناء النفسي لشخصيتك، وفي هذه الحالة لا نعتبره مرضًا أبدًا، هذه مجرد سمة من سمات الشخصية، كثيرًا ما تظهر عند الناس في فترات اليفاعة وبعد البلوغ، وبعد ذلك ينتهي -إن شاء الله- هذا القلق حين يُوظّف التوظيف الصحيح، يتحوّل إلى قلق إنتاجي، ويتحول إلى قلق يُحسّن الدافعية عند الإنسان.

فالذي حدث لك هو مجرد نوع من اضطراب القلق الظرفي، والتشخيص الصحيح هو ما نسميه بعدم القدرة على التكيُّف، مع ظرفٍ معروف، وهو ظرف الامتحانات.

المشاعر الأخرى التي أتتك، الشعور بالفراغ، والشعور بشيء من التغرُّب عن الذات، هذا نوع من اضطراب الأنّية، هكذا يُسمَّى، وهو أيضًا جزءٌ من حالة القلق، وبعدها بدأتَ أيضًا تُفكّر في الاكتئاب، وتأتيك اجترارات وسواسية، وهذه كلها ناتجة من القلق الذي تعاني منه.

أيها الفاضل الكريم: ليس هنالك سبب يدعوك أن تنظر للحياة بسوداوية، أو أن الحياة مملّة، أنتَ شابٌ؛ الله تعالى حباك بطاقات عظيمة وطاقات كثيرة، وقد نجحت في امتحانك، وإن شاء الله تنجح في كل امتحانات الحياة، فوظِّفْ طاقاتك، ووظّف أفكارك، اجعلها إيجابية، وكذلك مشاعرك اجعلها إيجابية، واجعل لنفسك أهدافًا في هذه الحياة، وضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك، وأحسن إدارة وقتك، واحرص على التواصل الاجتماعي الإيجابي، واحرص على العبادات، خاصة الصلاة على وقتها، واحرص على الأذكار، وأن يكون لك ورد قرآني يومي، كن بارًّا بوالديك، كن بارًّا بأصدقائك ووفيًّا لهم، هكذا تكون الحياة.

وأيضًا ممارسة الرياضة في فترات الشباب -على وجه الخصوص- فيها خيرٌ كثير للإنسان؛ لأنها تُحسّن البناء النفسي لدى الإنسان، وتُحسّن الدافعية كثيرًا.

فأرجو ألَّا تُوسوس حول التشخيصات الأخرى كالاكتئاب النفسي، والاضطراب الوجداني ثنائي القطب، أنتَ بعيد من ذلك تمامًا، كل الذي بك هي حالة قلقية، نتج عنها عدم القدرة على التكيف، وبعد أن انتهت الامتحانات ونجحت -الحمد لله تعالى- دخلتَ في نوعٍ من التفكير الوسواسي السلبي، وهذه الاجترارات كثيرًا ما تعقب حالات عدم القدرة على التكيف.

إذًا أريدك أن تكون إيجابيًّا في كل شيء، وأن تُغيّر أفكارك ممَّا هو سلبي إلى ما هو إيجابي، وأن تُحدد أهدافك كما ذكرتُ لك، وأن تضع الآليات التي توصلك إلى أهدافك.

سيكون أيضًا من الجميل أن تتناول أحد الأدوية المضادة للقلق والمحسّنة للمزاج، وأنت تحتاج للدواء لفترة قصيرة وبجرعة صغيرة، من أفضل الأدوية التي يمكن أن تتناولها عقار يُسمَّى (سيبرالكس)، واسمه العلمي (اسيتالوبرام)، يمكنك أن تتناوله بجرعة نصف حبة -من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام- أي تتناول خمسة مليجرام كجرعة بداية، تستمر عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك اجعل الجرعة حبة واحدة -أي عشرة مليجرام- يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضها إلى خمسة مليجرام يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيامٍ أخرى، ثم توقف عن تناول الدواء.

هو دواء سليم جدًّا، وغير إدماني، والجرعة التي وصفناها لك جرعة صغيرة، وكذلك مدة العلاج مدة محدودة جدًّا.

اجعل حياتك إيجابية في كل شيء، وذلك من خلال إرادتك الذاتية، إرادتك الداخلية، استفد من طاقات الشباب التي حباك الله تعالى بها، ولا توسوس، ولا تلجأ لأي تأويلات ليست صحيحة، كالإصابة بمرض الاكتئاب، أو ثنائية القطب مثلًا.

بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، ونشكرك على الثقة في إسلام ويب.

www.islamweb.net