أمي تمنعنا من الخروج بالرغم من سماح أبي لنا، فكيف نتصرف؟

2024-08-15 03:19:20 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أنا فتاة غير متزوجة، عمري 22 سنة، والدي ووالدتي مطلقان، أنا وأختي -التوأم- وأخي الأصغر، نسكن في بيت وحدنا، وأنا وأختي المسؤولان؛ نظرًا لأن أمي تسكن في محافظة مختلفة في شهور الدراسة؛ لأنها مُدرّسة.

مع العلم أن والدي خصص لها مصروفًا شهريًا، بالرغم من انتهائه من واجب النفقة، وهو المسؤول كاملاً عن مصروفاتنا، ولا يوجد مانع لعدم وجودها معنا، فهي بإرادتها الكاملة، ولذلك تأتي في شهور الإجازة الصيفية لتقضيها معنا، ولكن تقوم بمنعنا أنا وأختي من كل شيء، وتمنعنا من النزول معظم الوقت، بحجة أن هذه إجازتها، ويجب أن نقضيها معها.

السؤال هو: هل يجوز مخالفة أمر الأم بالنهي عن النزول، أو السفر، بالرغم من موافقة والدي -ولي أمري-؟

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ جهاد حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك ابنتنا الفاضلة في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونسأل الله أن يُعينك وإخوتك على كل أمرٍ يُرضيه تبارك وتعالى، وأن يُعينكم على بر الوالد والوالدة، فإن هذا ممَّا جاءت به شريعتنا المطهرة، ونتمنّى أيضًا أن يستمر هذا الوفاق والتفاهم بين الوالد والوالدة؛ لأن الطلاق ليس نهاية المطاف، خاصةً عندما يكون هناك أبناء وبنات، والحمد لله أنكم في عمرٍ تستطيعون أن تكونوا فيه من المؤثرين إيجابيًّا على الوالد والوالدة.

في هذه الحالة الشرع يأمركم بطاعة الوالد والإحسان إليه، وبطاعة الوالدة والإحسان إليها، أمَّا مسألة البقاء مع الوالدة أو الذهاب إليها؛ فذاك أمرٌ تقديره يرتبط بأمورٍ أخرى، ونتمنَّى ألَّا يتدخل الطرف الثاني في هذا الأمر، ولكن المهم التفاهم مع الوالدة والحرص على مناقشتها، وإرضائها قبل اتخاذ هذا القرار، فنحن لا نريد أن نسمع كلمة المخالفة في أمر الوالد أو الوالدة، ولكن نريد أن يكون هناك نوع من التفاهم، ونوع من الطلب بلطفٍ ورفق، ونتمنّى أن تجدوا في الخالات مَن يتمكن من إقناع الوالدة.

نسأل الله تبارك وتعالى أن يُعينكم على الاستمرار في بر الوالد والوالدة، وأن يكتب لكم التوفيق والنجاح والسداد في حياتكم، وأيضًا نوصيكم بهذا الأخ خيرًا، ومرة أخرى: ندعوكم إلى التفاهم مع الوالدة، أمَّا إذا حصل تعارض في الأوامر، فإن الأمر كما قال الإمام مالك، لَمَّا قال له رجلٌ: أبي يأمرني وأُمّي تنهاني، قال له: "أطع أباك ولا تعصِ أُمّك" معنى ذلك أن يُحسن إدارة هذا الأمر، وأن يسترضي الجميع، ولا مانع إذا أُمر الإنسان بأمرٍ وكان المصلحة في غيره، أن يُحسن الاستماع ثم يفعل ما فيه طاعة لله، وما هو أكثر مصلحة وفيه خير.

طاعة الوالدة من البر الذي أمر الله عز وجل به، وأمر به نبيه صلى الله عليه وسلم، فقال الله تعالى: (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا ۚ إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا) (الإسراء 23). وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، يريد الجهاد، فقال له: أمك حية؟ قال: نعم، قال له النبي -صلى الله عليه وسلم- موجهاً ومربياً: (الزم رجلها ثم الجنة) أي أن طاعتها طريق موصل للجنة، فعليكم ببرها والاهتمام بهذه الجوانب، وتقديم رغباتها على رغبات أنفسكم، حتى تنالوا الخير والبركة في حياتكم، والأجر والثواب عند لقاء ربكم.

وكون الوالد هو الذي يصرف، وهي تعيش باقي السنة وحدها، لا يعني ذلك عدم وجوب طاعتها، فطاعتها لازمة لكم، خصوصاً أن الوالد موقفه محايد، والأفضل عدم إدخاله في هذا الأمر وهو بعيد عنه، حتى لا تتفاقم المشكلة، فالوالدة تحتاج منكم لمزيد اهتمام، وهي -حسب كلامك- تجلس عندكم في الإجازة فقط، فأحسنوا إليها، وتواصوا ببرها، وكونوا عوناً لبعضكم في القيام بحقها، كما أمر النبي صلى الله عليه وسلم: (أمك ثم أمك ثم أمك).

عمومًا هذه الأمور تُدار بالرفق واللطف، ولا نريد أن تكون هناك مخالفة أو مشادات، وإذا كانت الوالدة رافضة للذهاب أو النزول في أيام وجودها معكم؛ فأرجو أن تُقدّروا هذا الجانب، وتعرفوا الأسباب الفعلية لهذا الرفض منها.

نسأل الله أن يرزقكم بر الوالد وبر الوالدة، وأن يُلهمكم السداد والرشاد، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

www.islamweb.net