أعيش في غير عالمي بسبب أحلام اليقظة، فهل من حل؟
2024-07-08 00:45:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أعاني من أحلام اليقظة المستمرة، والتي تجعلني أعيش في عالم غير عالمي، وأعاني كذلك من الأفكار السلبية المستمرة في عقلي، والتفكير الدائم في ردات فعل الناس في ما أقوله أو أفعله، مع أني لم أكن هكذا في السابق.
أخاف الخروج صباحًا؛ بسبب إحساسي بأن كارثةً ما ستحصل، وأني حين أقابل فلانًا فإنه سيتشاجر معي، وأفكر كثيرًا ماذا سيكون ردي؟ وتعاد السيناريوهات في رأسي مرارًا إلى أن أقابل هذا الشخص، فلا يحدث شيء، وعند النوم أشعر بأنني لو نمت سيأتي لص إلى البيت، وتحدث الكوارث، وتدور السيناريوهات في رأسي.
أنا شخصية طموحة، وملتزمة، أصلي، وأحفظ القرآن، وأدرس بجانب عملي العلوم الشرعية، ولدي فوبيا من الارتباط؛ فحينما يأتيني شخص للزواج أشعر بكارثة وضيق في الصدر، ولا ينتهى إلا حين أرفضه، فأشعر حينها بالارتياح.
وأذكر أنني كنت في رحلة، فأصابتني حالة هلع عند نزول البحر، وقد فوجئت بها، وأفسدت الرحلة على أصدقائي، وكانت كارثة؛ لأنني صرخت صراخًا مريرًا، وشعرت بأني سأموت، وقرأت القرآن، وكانت ذكرى سيئةً.
من خلال قراءتي للاستشارات هنا عرفت عن دواء مودابكس 50 مجم، فاشتريته، ولكني لم أتناوله؛ لأني خائفةً من أن يسبب لي مشكلةً نفسيةً، أو عقليةً، أو جسديةً، فأرجو المساعدة، فبسبب انشغالي بالسيناريوهات المحبطة في رأسي؛ لم أعد أستطيع تحقيق طموحاتي، علمًا بأن عمري الآن 36 سنةً، وأريد التغيير، وأن أعيش كما يريد الله عز وجل، فأرجو الإفادة.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ وفاء حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله لك الصحة والعافية.
لقد وصفت حالتك بصورة جيدة، وهي -إن شاء الله- بسيطة.
لديك حقيقةً ما يُعرف بقلق المخاوف الوسواسي من الدرجة البسيطة، ووساوسك وقلقك، وكذلك مخاوفك تقوم على ما نسميه بالقلق التوقعي، أي وضع افتراضات والسيناريوهات المستقبلية، وكأنها حقائق متجسدة أمامك، وهذا طبعًا يُسبّب لك الكثير من الانشغال، وتزاحم الأفكار، والتفسيرات النفسية الخاطئة.
أيتها الفاضلة الكريمة: هذا النوع من الأفكار يُواجه بالتجاهل وبالتحقير، وعدم الاسترسال فيه، وعدم تحليله، هذا علاج ضروري، والإنسان حين تأتيه هذه الأفكار السخيفة والوسواسية يحاول أن يستبدلها بفكرةٍ مخالفة، فكرةٍ أكثر جدّية، مثلًا: أنت -والحمد لله- إنسانة طموحة، ولديك آمال، ولديك خُطط مستقبلية، وأنت حريصة على دينك، وهذا يُمثّل مخزونًا فكريًّا كبيرًا جدًّا، ويمكن أن تنغمسي في فكرة تتعلّق بالمستقبل، وبالأهداف، وشيء من هذا القبيل، وهذا قطعًا سوف يزيح أو يزيل الفكر القلقي الوسواسي، وكذلك قلق التوقع.
- ممارسة الرياضة تعتبر مهمّة جدًّا، أي نوع من الرياضة التي تناسب المرأة المسلمة سوف تفيدك.
- كما أن تجنب السهر أيضًا مهم جدًّا.
- التعبير عن الذات، وتجنب الكتمان نراها من الآليات العلاجية الممتازة.
- الانضمام لأي عمل جماعي، عمل خيري، عملٍ ثقافي، والانتماء لأحد مراكز تحفيظ القرآن؛ هذا كلُّه ينمّي الذات، ويجعل طاقات الوسوسة والخوف والقلق السلبية طاقاتٍ إيجابية.
- تمارين الاسترخاء يجب أن تكون جزءًا من حياتك، وتوجد برامج على اليوتيوب توضح كيفية تطبيق هذه التمارين.
بالنسبة للعلاج الدوائي: نعم أنت في حاجة لعلاج دوائي، كمكمّل للمنظومة العلاجية السلوكية التي تحدثنا عنها.
الـ (سيرترالين) والذي يُعرف باسم (مودابكس) في مصر؛ دواء رائع ممتاز، ويتميز بأنه مضاد قوي للمخاوف، ومُحسِّنٌ للمزاج، ويُعالج الوسوسة، وفي ذات الوقت لا يُؤثّر على الهرمونات النسائية، وغير إدماني أبدًا، فقط ربما يفتح الشهية قليلًا نحو الطعام، وربما بشيءٍ من الشراهة نحو الحلويات، هذا يحدث في الشهر الأول أو الشهرين للعلاج، وإن حدث لك شيء من هذا أرجو أن تتخذي الضوابط والتحوطات التي تمنع زيادة الوزن.
الجرعة هي أن تبدئي بخمسة وعشرين مليجرامًا -أي نصف حبة من الحبة التي تحتوي على خمسين مليجرامًا-، تتناولين جرعة البداية هذه لمدة عشرة أيام، ثم اجعليها حبةً واحدةً يوميًا لمدة شهرٍ، ثم ارفعي الجرعة إلى حبتين يوميًا لمدة شهرين، وهذه هي المدة العلاجية، وجرعة المائة مليجرام -أي الحبتين في اليوم- هي جرعة وسطية؛ لأن الجرعة الكلية هي أربع حبات في اليوم -أي مائتي مليجرام- لكنك لست في حاجة للجرعة الكبيرة.
بعد إكمال الشهرين وأنت على جرعة المائة مليجرام، خفضيها إلى خمسين مليجرام -أي حبة واحدة- لمدة شهرٍ، ثم اجعليها نصف حبة يوميًا لمدة عشرة أيام، ثم نصف حبة يومًا بعد يومٍ لمدة عشرة أيام أخرى، ثم توقفي عن تناول الدواء.
أنا أتوقع -إن شاء الله تعالى- تحسّنًا كبيرًا جدًّا في حالتك، فهي من الحالات البسيطة، ومن الواضح أن لديك عوامل إيجابية كثيرة في حياتك، ونحن نعتبر العوامل الإيجابية دائمًا هي عوامل حماية للإنسان، تساعده على تطوير صحته النفسية.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.