أخاف من الوالد وأشعر بأنه وأمي يفضلون إخوتي عني!
2024-06-10 04:42:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أعاني من خوف شديد من والدي منذ صغري، ولكن لم أتمن يومًا بأن يموت والعياذ بالله؛ لأن حياتنا وبلا شك ستصبح أسوأ، والآن أنا بعمر 21 سنة، وما زلت بنفس الخوف والمشاعر وبشكل أسوأ من الطفولة، حتى أنني أشعر بتوتر شديد عندما أصلي معه، وأكون الإمام.
والدي بطبعه إنسان متسرع، وكلامه جارح، وعانى جميع أفراد الأسرة من لسانه، وسوء ظنه، وجميع إخواني وأخواتي يخافون منه، ولا يستطيعون التحدث معه مباشرة.
لا أقدر أن أراجع أخصائيًا نفسيًا؛ لأن الوالد هو الوحيد الذي يستطيع أن يوصلنا إلى أي مكان، ولا أستطيع أن أخبره، وفوق كل ذلك لا أستطيع القيادة، ولا أمتلك سيارة خاصة.
أنا متأكد يقيناً بأن والدي ووالدتي يفضلان أختي التي أصغر سنًا مني، وأخي الذي أكبر سنًا مني، مع العلم بأن جميعهم بالغون، ولم أر منهما أي شيء يدل على حبهما لي، رغم أني لم أسئ إليهما، ودائمًا أبرهما قدر الاستطاعة.
وصلت إلى هذا الاستنتاج بما رأيته من تعامل والدي مع أختي فدائمًا يلبي طلباتها، ويشتري لها الهدايا، ويجعل أوامرها تمشي علينا، ويجعلها تخرج مع صديقاتها دون مشاكل، ولكن في مرة من المرات عندما أردت الخروج كاد أن يفتعل مشكلة معي، وحتى الرحلات المدرسية وعندما كنت طفلاً لم يسمح لي بالذهاب في أي منها إلا مرات تعد على الأصابع، بينما أختي جعلها تذهب في جميع هذه الرحلات دون استثناء.
أخي الأكبر سأل والدتي سؤالًا وأجابته، وقالت له عني: أني عبارة عن غلطة، دون الاكتراث لمشاعري، وحتى هذه اللحظة بعض الأحيان تهينني وتنحاز إلى أخي الأكبر.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ بدر حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
من الطبيعي جدًا أن يكون هنالك نوع من الخوف من الوالد في مرحلة الطفولة، وكذلك اليفاعة، وهذا الخوف يجب أن يتطور إلى احترام، حين يدخل الإنسان في مراحل عمرية معينة مثل: المرحلة التي فيها أنت، يجب أن يتحول إلى احترام وبر، وتقبل وتفاهم، وأنا متأكد أن والدك سوف يقدم عليك بدون أي إشكال.
أعتقد أن مشكلتك الأساسية هي: أنك تتحرك من خلال مفاهيم سابقة، مفاهيم قديمة، والدك ربما يكون قد انتهج المنهج التربوي الشديد معك؛ لأنه يريدك أن تكون على أحسن حال، يريدك أن تكون قويًا، يريدك أن تكون إنسانًا متماسكًا، إنسانًا متميزًا، هذا نحن على يقين حوله تمامًا، وأما تسامحه مع أختك فالبنت أمرها يختلف تمامًا، وعلاقة الوالدية هي أيضًا علاقة مختلفة في كثير من الأحيان.
أنا متأكد أن والدك يراها هي الأضعف، يراها هي التي يجب أن تلبى طلباتها دائمًا، بل يعتبر ذلك جزءًا من تربيتها، هذا هو مفهومه، فيا أيها الفاضل الكريم أعتقد أن النقطة الأساسية والجوهرية: أنه يجب أن تغير مفهومك عن والدك، هذا أمر مهم جدًا، وأنا أؤكد لك أن والدك لا يمكن أن يتغير بعد ذلك، لكن أنت يمكن أن تتغير، وقد أعجبني جدًا أنك ذكرت أنك حين تصلي به إمامًا أنك تحس بشيء من الخوف والتوتر.
الحمد لله أن الذي يجمعكما هو الصلاة، وكون والدك يقدمك للإمامة به فهذا أمر ممتاز، وأمر يجب أن تقدره، يجب أن تنظر إليه نظرة مخالفة تمامًا.
أيها الفاضل الكريم: أريدك أن تحسن من مهاراتك التواصلية مع والدك، مهارة التواصل: أن تتبسم في وجهه، أن تكون ذواقاً في لغتك التي تتخيرها، أن تكون نبرة صوتك تلك النبرة الجميلة المحترمة، وكذلك لغة جسدك، ودائمًا قم بالأعمال الكبيرة، الأعمال الإيجابية، الأعمال التي تجعل والدك مسرورًا، الإنجاز يجب أن يكون على رأس هذا، الآباء معظمهم أو ربما يكون كلهم يريدون أن يكون أبناؤهم أفضل منهم.
هذا أنا لا أشك فيه أبدًا، فأرجو أن تكسر هذه الحواجز التي بينك وبين والدك، وأرجو أن تكون عضوًا فعالًا في أسرتك، أنت لست مريضًا، ولا تحتاج لأي علاج، كل الذي تحتاجه هو أن تثبت ذاتك بصورة أفضل، أن تجتهد في دراستك، أن تنظم وقتك، أن تكون متميزًا في كل شيء، تؤدي صلاتك على أكمل وجه، وفي أول الوقت ومع الجماعة، تتجنب السهر، تقابل الضيف بصورة جيدة وممتازة.
أنا أعتقد أن إثبات الذات هو الذي تحتاجه، من خلال إثبات الذات هذا سوف تصل منك رسائل إيجابية لوالدك، وأنا متأكد أنه سوف يعاملك بالمنهج الذي ترضاه، لا أعتقد أنني قد قسوت عليك أبدًا، أو أنني قد أخذت جانب والدك أو أني انحزت له، لا، حبه لك حب جبلي، وحب فطري، ولا شك أنه يريدك أن تكون من أفضل الأبناء، هذه هي وجهة نظري، وبارك الله فيك وجزاك الله خيرًا.
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.
_________________
انتهت إجابة د. محمد عبد العليم استشاري أول الطب النفسي وطب الإدمان،
وتليها إجابة د. أحمد الفرجابي المستشار التربوي والشرعي.
_________________
مرحبًا بك -ابننا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله تبارك وتعالى أن يجلب لك الطمأنينة، والسكينة، وأن يصلح الأحوال، وأن يعينك على الاستمرار في بر هذا الوالد، وأن يجعل قلب الوالد وقلب الوالدة يمتلآن بالحب لك والعطف عليك، والشفقة، ونسأل الله تعالى أن يلهمنا جميعًا السداد والرشاد، هو ولي ذلك والقادر عليه.
أسعدنا أنك حريص على بره، وهذا هو أهم ما ينبغي أن تستمر عليه؛ لأن هذا هو الذي ستسأل عنه، ونتمنى أيضًا أن تجتهد في التخلص من مشاعر الخوف الزائدة، ويبدو أن الوالد شخصيته فيها صعوبة مع كل من حوله، ولكن أنت ولله الحمد في عمر تستطيع فيه أن تجد لنفسك منافذ أخرى، فلا تعط الأمور أكبر من حجمها، حاول أن تقترب من الوالد، اجتهد في بره، وافهم شخصيته، وأعرف الأمور التي تسعده، وكذلك الأمر بالنسبة للوالدة.
إذا كان الوالد والوالدة يفضلون أختًا أو أخًا عليك فهذا من الخطأ والخلل؛ لأن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، لكن ما ينبغي أن يحملك هذا إلى التقصير، أو إلى سوء العلاقة مع أشقائك، ونسأل الله أن يعين الوالد والوالدة على تفهم احتياجاتكم جميعًا، وأن يلهمكم السداد والرشاد.
ونحب أيضًا أن تحاول أن توسع دائرة الأصدقاء، والذين تتعامل معهم، ولا تتأثر بكلام الوالد؛ لأن الثابت والظاهر أن هذا طبع له معك ومع غيرك، وهذا لا يعني أنه صواب، ولكن مما يخفف على الإنسان الآلام أن يشعر أن الحالة ليست معه واحدة، بل مع جميع الناس، ومن المهم جدًا أيضًا أن تنتبه للمهارات التي جعلت هذه الأخت تقترب من والديك، جعلتهم يسمعون كلامها، ويلبون طلباتها.
فعليه ننصحك ونقترح عليك إزالة الحواجز الوهمية، والحوار مع الوالد، والجلوس معه، ومحاولة تلبية طلباته، ومعرفة الأمور التي يحبها، واختيار مواضيع تتحدث فيها، وحتى لو حصل منه بعض التعليق، لا ينبغي أن يأخذ الأمر أكبر من حجمه، وعليك أن تعلم أننا معاشر الآباء والأمهات عندما نعلق على ابننا أو نعلق على ابنتنا، لا يعني أننا لا نحبهم، ولكن يعني أننا نريد لهم الكمال، ونريد لهم وضعًا أحسن، وليت الآباء عرفوا أنهم جزء أساسي في نجاح أبنائهم وبناتهم.
عمومًا أنت وصلت في عمر تستطيع بتوفيق الله تبارك وتعالى أن تخرج من هذا الذي أنت فيه، وأرجو أن تستفيد من إجابة الدكتور محمد، وهو من المختصين الكبار، نسأل الله أن ينفع بك وبه، وأن يعينكم على الخير، وإذا كان هناك أعمام أو عمات لهم تأثير أرجو أن يتدخلوا ليعاونوكم على تجاوز هذه الصعاب.
ونسأل الله لنا ولكم الهداية.