أرغب في ترك العمل بسبب الاختلاط وأخشى حزن والدي!

2024-06-02 00:43:41 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم

أنا فتاة تخرجت بتفوق من الجامعة -الحمد لله- وحصلت مؤخراً على وظيفة في هيئة حكومية، فذهبت إلى العمل، ولكنّي متضايقة من البيئة.

هنالك اختلاط في المكتب بين رجال ونساء، وأنا أحسبهم على خير، ولا أنقدهم أو أرى نفسي أفضل منهم، ولكنهم يمزحون ويضحكون ويتحدثون في أمور بعيدة عن العمل، خصوصاً وأن المديرية هذه ليس فيها ضغط عمل، وغالب الوقت هو وقت فراغ، وأنا بصراحة إذا حدثني أحدهم أجامل وأبتسم ويصعب علي وضع حدود صارمة، ولست فتاة قوية بما فيه الكفاية لأقول كلمة حق بلا حرج، وأخاف مع طول المدة أن أصير مثلهم، أي أتحدث بأريحية مع إزالة العديد من الحدود والحواجز، وأنا لا أريد ذلك أبداً.

بعد أسبوع من العمل، أرغب كثيراً في ترك العمل، وترك العمل الحكومي يعني خسارة فرصة الوظيفة الحكومية نهائياً، ولكنّي أخاف أيضاً من أن يحزن والدي، فهو أكثر من يرغب بانخراطي في العمل؛ لأنه يرى أن هذا فيه منفعة وأمان للمرأة في مستقبلها.

رغم اختلافي معه في الرأي إلا أني خضت التجربة طلباً لرضاه، وأيضاً لأني أشعر بأني مدينة لوالدي وتعبهم في توفير مصاريف دراستي الجامعية، ولكني صدقاً أخاف على ديني والتزامي.

ما العمل؟ أطلب المشورة.

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Hjs حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب..

نشكر لك تواصلك بالموقع، ونهنئك بما منّ الله تعالى عليك من حب الطاعة والالتزام بحدود الله تعالى وعدم تجاوزها، وهذا من فضل الله تعالى عليك، فاشكري هذه النعمة الجليلة بالمحافظة عليها، والحرص على عدم الوقوع في معصية الله، واعلمي أن الله سبحانه وتعالى لا يجعل المعصية سببًا في تحصيل الرزق الذي قدره لعبده وكتبه له.

لا ينال ما عند الله تعالى بمعصيته، بل المعصية سبب للحرمان كما أخبرنا بذلك ربنا في كتابه العزيز، وأخبرنا بذلك رسولنا الكريم -صلى الله عليه وسلم-، فقد قال في هذا نصًا صريحًا، إذ قال: "إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبه". فالوقوع في المعاصي سبب أكيد للحرمان من الأرزاق، والتقوى سبب جالب لكل خير، كما قال الله في كتابه: (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا ويرزقه من حيث لا يحتسب)، وقال: (ومن يتق الله يجعل له من أمره يسرًا).

أنت أيتها الكريمة أمام طريقين لا ثالث لهما، إما أن تكوني قادرة على أن تلتزمي بأحكام الله تعالى والوقوف عند حدوده في وجودك بهذا العمل، ويعينك على ذلك أن تتذكري العواقب والنهايات، فإن رضا الله تعالى مقدم على رضا من سواه، وعذابه سبحانه وتعالى وسخطه أحق بأن يتقى ويخاف منه، فإذا تذكرت هذه المعاني سهل عليك العمل بما يرضيه سبحانه وتعالى، وإن أغضب الناس.

اعلمي أن من حولك سيعرفونك من الأيام الأولى، وسيعرفون توجهك فإذا رأوك ملتزمة بحجابك مبتعدة عما لا يليق بالمرأة مع الرجل الأجنبي، فإنهم سيعرفون هذا، وسييأسون منك، فقد قال الله تعالى في كتابه الكريم في سورة الأحزاب حين أمر بالحجاب، قال: (يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، فإذا عرفت المرأة أنها من أهل الحجاب والستر والاحتشام، فإنه لا يتعرض لأذيتها أحد من السفهاء.

لا تترددي أبدًا في أن تقفي عند حدود الله، ولا تظني أبدًا بأن مجاملة الخلق ومحاولة استجلاب رضاهم بسخط الله تعالى لا تحسبي أن ذلك سيجر لك خيرًا، قفي مواقف صارمة، ولا تمازحي أحدًا من الرجال الأجانب، ولا تبتسمي في وجهه، ولا تكلميه بكلام فيه لين، فإذا عرفت بهذا، فإنك ستستريحين بعد ذلك.

مع هذا ينبغي أن تحرصي كل الحرص على أن تنتقلي إلى وظيفة بيئتها غير هذه البيئة كأن تنتقلي إلى سلك التعليم أو نحو ذلك من الوظائف التي يمكن أن تجدي فيها بيئة تعينك على الاستمرار مع الحفاظ على أخلاقك ودينك، فإذا لم تقدري على هذا كله، ورأيت أنك متعرضة للوقوع فيما حرم الله تعالى عليك وخفت على دينك والتزامك، فنصيحتنا لك أن تتركي هذا العمل، وأن تبيني الأمر جيدًا لوالدك، وأن تبيني له المخاوف الحقيقية التي دعتك إلى اتخاذ هذا القرار.

إن ما عند الله تعالى خير، والآخرة خير من الأولى، ونحسب أن والدك سيتفهم الأمر، وسيدرك أنك تتخذين قرارًا فيه مصلحتك ومصلحة دينك، ننصحك باللجوء إلى الله سبحانه وتعالى والإكثار من ذكره ودعائه، فإنه سبحانه وتعالى إذا أمدك بالتيسير واللطف سهل عليك كل عسير، نسأل الله تعالى أن ييسر لك الخير، وأن يحفظك من بين يديك ومن خلفك.

www.islamweb.net