ما هي نصيحتكم لصحة نفسية أفضل، وللوقاية من الأمراض؟
2024-05-07 23:41:57 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
في عام ٢٠١٣م أصبت بنوع من القلق المصحوب باكتئاب، نتيجة وفاة ابنة أختي بحادث، وكنت وقتها أدرس في أمريكا، وأعتقد بأن وجودي بالغربة ساهم في هذا، فكنت أتحسن أحيانًا، وأحيانًا قليلة تأتي موجة قلق واكتئاب، وتذهب من خلال ممارستي للرياضة وإشغال نفسي.
أكثر مخاوفي كانت بأن أصاب بمرض نفسي، ولا أشفى منه، وأخبرت زوجتي في البداية، ومن ثم كنت أحتفظ بمعاناتي داخلياً، لكي لا تتأثر هي وابنتي، وكنت مسيطراً وأشعر بثبات، رغم التعب أحياناً.
تواصلت مرة واحدة مع طبيب نفسي في البداية، وأعطاني بروزاك لفترة بسيطة، ومن ثم لم أرغب باستخدام أي دواء، وذلك ليقيني بأني قادر على تجاوز التعب من خلال الرياضة، والأكل الصحي، ووجود الشغف.
تخرجت في الجامعة، ورزقت بولد والحمد لله، وبعد العودة لأرض الوطن استمر الحال كما هو، وفي فترة كنت أخاف من الموت، ولكن بعد التفكير العميق، وكثرة القراءة عن هذا النوع من الخوف زال تماماً، وكنت كلما قرأت عن حالة مريض ارتكب جريمة، كنت أخاف أن يصل بي نفس الحال وأؤذي أهلي أو أبنائي.
كذلك كنت أخاف إذا قرأت خبر انتحار مريض نفسي أو عقلي، ومن ثم أدركت بأن هذه مجرد وساوس ومخاوف تافهة، وتجاوزتها -ولله الحمد- حالياً ومنذ سنتين أشعر بأني بحال ممتازة، ودرجة الاكتئاب والقلق خفيفة جداً، بل ولا تكاد تذكر.
بعد حكاية تجربتي، ما هي نصيحتكم لصحة نفسية أفضل، وللوقاية من الأمراض؟
والله المستعان.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ معتز حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -أخي الفاضل- عبر استشارات إسلام ويب، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال.
أخي الفاضل: أحمدُ الله تعالى على أنك تجاوزت كل هذه المعاناة التي مررت بها، والتي هي متفهَّمة أنك فقدت ابنة أختك بحادث، ولا شك أن هذا كان صادمًا للأسرة جميعًا، ولك بشكل خاص؛ لأنك كنت في غربة، فالأسى والحداد على مَن نفقدهم ونحن بعيدون عنهم يُصعِّبُ الأمر قليلًا، ولا يُساعد على أن يمرّ الإنسان بالحزن والأسى الطبيعي عقب الوفاة، ليخرج منها معافىً.
الغربة والابتعاد وعدم حضور مراسيم الجنازة والتعزية؛ وهذه الأمور التي أثبتت فائدتها عبر السنين الطويلة، يُصعب الأمر قليلًا.
الأمر الثاني -أخي الفاضل-: اسمح لي أن أقول إنه من الواضح أنك شديد الحساسية، بحيث أنك إذا قرأت عن مريضٍ نفسيٍّ، أو إنسانٍ ارتكب جريمة، أو إنسانٍ انتحر؛ فإنك تتأثّر، واضح أنك شديد الحساسية لهذه الأمور.
لذلك أنصحك ألَّا تُكثر من القراءة في هذه القضايا قدر الإمكان، وإن كنتُ أعلمُ أنك لن تستطيع ألَّا تقرأ أبدًا؛ فهذه الأخبار موجودة بين أيدينا بين الحين والآخر.
الأمر المهم أيضًا أن التجربة هذه كلها التي ذكرتها لا شكَّ علَّمتك أنك قادرٌ -بعون الله عز وجلّ وقوته- أن تخرج ممَّا كنت تعانيه، وأنت الآن -كما ذكرتَ- أعراض الاكتئاب خفيفة جدًّا، بل لا تكاد تُذكر؛ فهذه نعمةٌ عظيمةٌ من الله -عز وجل- كما قال صلى الله عليه وسلم: (نِعْمَتَانِ مَغْبُونٌ فِيهِمَا كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ وَالْفَرَاغُ).
أمَّا سؤالك الأخير -أخي-: ما هي النصيحة للوقاية من الأمراض النفسية؟ يمكن أن أقول أولًا: عليك أن تعتني بنفسك من ناحية النوم المناسب، والتغذية المناسبة، والنشاط الرياضي.
ثانيًا: المحافظة على درجة معقولة من الحياة الاجتماعية؛ فالإنسان مخلوقٌ اجتماعيٌ بالفطرة، وأن تحاول أن ترعى نفسك، كما قال صلى الله عليه وسلم: (وَإِنَّ لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا، فَصُمْ وَأَفْطِرْ، وَصَلِّ وَنَمْ).
حاول -أخي الكريم- وخاصة أنك موظف حكومي أن تكون لك بعض الهوايات التي تُساعدك على تخفيف ضغط الحياة، وكما قال صلى الله عليه وسلم: (خُذْ مِنْ صِحَّتِكَ لِمَرَضِكَ، وَمِنْ حَيَاتِكَ لِمَوْتِكَ)، و (اغْتَنِمْ خَمْسًا قَبْلَ خَمْسٍ: شَبَابَكَ قَبْلَ هَرَمِكَ، وَصِحَّتَكَ قَبْلَ سَقَمِكَ، وَغِنَاكَ قَبْلَ فَقْرِكَ، وَفَرَاغَكَ قَبْلَ شُغْلِكَ، وَحَيَاتَكَ قَبْلَ مَوْتِكَ).
أحمدُ الله تعالى على تخرُّجك وعودتك إلى الوطن، وأنت الآن تعمل موظفًا، وقد كونت أسرة، فهذه كلُّها نعم، من الصحة النفسية أن يذكرها الإنسان ويشكر الله تعالى، كما قال: (لئن شكرتم لأزيدنَّكم}.
وبالله التوفيق.