أحببت فتاة وأريد التقدم لها لكن وضعي المادي صعب!
2024-05-01 02:44:54 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم
أساتذتي الكرام: أنا شاب عمري 21 سنة، أحب فتاة وهي تحبني، وأنا عازم على الزواج بها على سنة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، مع العلم أني كنت أتكلم معها، ولم أمسسها في الحرام إلا من خلال الكلام.
والله يا شيخ وضعي المادي حاليًا لا يسمح لي أن أتقدم لخطبتها، وأنا لا أريد أن أتقدم حاليًا لكي لا أرفض من والديها.
أحبها في الحلال، وأنا لم أنوِ بها حرامًا قط، فكيف أحافظ عليها من الحرام حتى أعدل وضعي المادي؟
أفيدوني بالحل.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ ريان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أخي الكريم- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله الكريم أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبعد:
إننا نتفهم حديثك، وندرك أبعاد هذا الحصار النفسي الذي أحكمت أنت حصار نفسك به، وهذا -أخي الكريم- ليس عيبًا فيك، ولكنه تعجل يصيب بعض الشباب في مثل عمرك، حين تكون عاطفته جيدة جدًا لكن تفكيره قاصر، فيبدأ بحصار نفسه بما يتمنى وما لا يقدر عليه، ثم يأتي دور الشيطان ليوهمه أن من وجدها لن يجد مثلها، وأنه يستحيل عليه أن يحب امرأة سواها، وأنه قد اجتمع فيها ما تفرق في غيرها..
كل هذا -أخي الكريم- مما تذكره قد ذكره غيرك وأكثر، والشاب في مثل هذه الحالة أحد اثنين:
- إما واهم حالم يعيش خيالات متعددة وآمالًا، وهذا أخي الكريم لا يستطيع أن ينجز ما عليه، ولا يقدر أن يحصل على ما يهوى، والعمر يمر به سريعًا، وما كان اليوم متاحًا له؛ فعله غدًا سيكون مستحيلاً عليه الحصول عليه.
- الآخر شاب عاقل، يعلم ما يلي:
أولاً: يعلم أن قدر الله ماضٍ لا محالة، وأن من كتبها الله له زوجة ستكون، ومن لم يكتبها لن تكون، وأن الهم والغم لا ينبغي أن يكون له موقع في قلبه ما دام يثق بأن الله قدّر الأقدار، وأن من قدرها الله له زوجة معلومة، من قبل أن يخلق الله السموات والأرض بخمسين ألف سنة، فقد روى مسلم في صحيحه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أول ما خلق الله القلم قال له: اكتب، فكتب مقادير كل شيء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة، وكان عرشه على الماء "، فاطمئن من هذه الناحية.
ثانيًا: يؤمن بأن أقدار الله لا تنفك عن حكمة قط، بل قد علمنا القرآن أن العبد قد يسعى إلى طلب هلاكه ولا يدري، وقد يرفض ما فيه نجاته وهو لا يعلم، ولعل هذا بعض قول الله تعالى: (وعسى أن تكرهوا شيئًا وهو خير لكم، وعسى أن تحبوا شيئًا وهو شر لكم والله يعلم وأنت لا تعلمون)، وأنت في هذه الحياة عبد لله، ولا تدري أين الخير، وإيمانك بذلك هو المخرج الصحيح مما أنت فيه من هم.
ثالثًا: العرب تقول: "ثبت العرش ثم انقش"، فلا يعقل قط أن تتحدث عن الزواج وأنت بعد لم تعد له عدته! وعليه: فالبداية الصحيحة ليست في اختيار الزوجة، بل في إعداد الزوج ماديًا أو على الأقل البدء في ذلك، ثم تبدأ المرحلة الثانية، هذا هو الطبيعي -أخي الكريم-.
رابعًا: أنت لا زلت صغيرًا -أخي الكريم- على مسألة الزواج، بل وعلى مسألة حسم من تصلح لك، ونحن نعلم أنك قد لا تستوعب كلامنا بشكل دقيق، لكن بعد أن تتجاوز الخامسة والعشرين من عمرك؛ ستدرك أن هناك قناعات قد تغيرت في حياتك، وأن هناك أولويات أعيد ترتيبها عندك، فلا تعجل.
وأخيرًا: أنت شاب والحمد لله متدين، ومريد للخير، ولم تتجرأ على المعصية، وهذه كلها مؤشرات خير على حياة سعيدة تنتظرك، والواجب عليك اليوم ما يلي:
- التوقف الفوري عن التواصل مع تلك الفتاة بأي صورة من الصور؛ لأن هذا محرم شرعًا، وهو جالب للشر لا محالة، والشيطان سيعبث بك وبها حتى تتمكن هي من قلبك بحيث لا تجد فكاكًا من ذلك، وأشد الابتلاءات صعوبة حين تبتلى بما لا تقدر على فعله ولا تقوى على تركه، وسببه التواصل المحرم أخي الكريم، لذا ننصحك وفورًا بقطع تلك العلاقة المحرمة، وتغيير رقم هاتفك، وكل وسيلة كانت تتواصل هي بها معك، واعلم أن الحلال لا يبنى على الحرام قط.
- البحث الجاد عن عمل يُدر لك دخلاً.
- الاستعداد الجاد للبناء المادي، واعلم أنك معان من الله؛ لأنك تريد تحصين نفسك، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (ثلاثةٌ حقٌّ على اللَّهِ عونُهُم: المُجاهدُ في سبيلِ اللَّهِ، والمُكاتِبُ الَّذي يريدُ الأداءَ، والنَّاكحُ الَّذي يريدُ العفافَ).
- استشارة أهلك والمقربين منك على أن يكونوا أكبر منك سنًا.
هذا هو الطريق -أخي الكريم-، ولا تشغل بالك بعد ذلك بالمقدور، فهذه الأخت لو كانت خيرًا لك وقدرها الله لك زوجة، فاطمئن؛ فلن تكون لغيرك، وعليك الاستعداد للزواج، ولو لم تكن من نصيبك، فاعلم أن الخير هو ما ادخره الله لك، ومن يدري ساعتها لعل الله قد خصك بمن هي أفضل لك وأخير، وأنت لا تدري، فاطمئن -أخي الكريم-، وسل الله أن يقدر لك الخير حيث كان وأن يرضيك به.
هذا هو الطريق -أخي- فلا تتعب نفسك ولا ترهقها بما لا تقدر أنت عليه.
نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان.
والله الموفق.