رغم تفوقي إلا أن المحيطين بي يقللون من شأني، فما الحل؟
2024-04-03 23:49:04 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أنا فتاة عمري 19 سنةً، أعاني من حالة غريبة منذ آخر شهر في الثانوية العامة، أشعر بجمود القلب وتبلد المشاعر تجاه أحداث كثيرة، ولم أعد أشعر بأي شيء تجاه أي شخص أو حدث، مع العلم أني كنت طوال تلك المرحلة أقاوم مشاعر كثيرة، وأشياء قاسية حتى لا أقع في الفتن، وأرغم نفسي على الاستقامة في كافة أموري، كنت أختم القرآن الكريم مع دراستي مرة أو مرتين في كل شهر، ووردي اليومي جزآن، وأحياناً ثلاثة، وأصلي كافة الفروض، وألحقها بالسنن، ومداومة على قيام الليل.
الشيء الوحيد الذي لم يعجبني في نفسي هو أنني أرتدي ملابس محتشمة، أعلم أنها ليست حجاباً شرعياً، وأدعو الله أن يوفقني لألتزمه، كنت متفوقة جداً طوال سنين حياتي، ويعدني أهلي طبيبة، ولكن في الصف الثالث الثانوي نجحت -ولله الحمد- ولم أحصل على معدل عالٍ -كما كان متوقعاً لي- فمررت بضغوطات كثيرة، من كلام الأشخاص المحيطين، ولكن رضيت بقضاء الله وقدره، وقررت دراسة القانون، وأنا في السنة الأولى حالياً. مر نصف عام، وكان تقديري في الفصل الأول هو امتياز -ولله الحمد- ولكن رغم تفوقي مرة ثانية، كل المحيطين -ولو بدون قصد- مازالوا مصممين على التقليل مني ومن نجاحي، بعد انتكاسة واضحة، لم أعرهم اهتماماً، ولكني أخشى أن تصيبني انتكاسة أخرى بعد الصبر والثبات طوال الفترة الماضية.
خصوصاً أنني مازلت لا أشعر بأي شيء، أشعر وأنا أسير كأن شيئاً مفقوداً مني، فقدت لذة قراءة القرآن وسماعه، وأصلي فروضي فقط بدون نوافل، ويتمزق قلبي لحالي؛ لأني أعلم كيف كنت وكيف أصبحت؟!
أرجو نصحاً أو حلاً.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ روان حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فمرحبًا بك - ابنتنا الفاضلة - في الموقع، ونشكر لك حُسن العرض للسؤال، ونعتقد أن مَن ذاقت حلاوة الطاعة ستعودُ إلى تلك الحلاوة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يُلهمك السداد والرشاد، وأن يُعينك حتى تعودي إلى سيرتك الأولى، إقبالًا على الله -تبارك وتعالى- ونعتقد أننا على أبواب شهرٍ فضيلٍ فيه الفرصة للتغيير والتصحيح، والعودة إلى ما كنتِ عليه، بل إلى ما هو أحسن منه.
واحمدي الله -تبارك وتعالى- الذي هيأ لك النجاح المرَّة بعد المرَّة، فاستمري فيما أنت فيه، ولا تلتفتي إلى كلام الناس السالب، وإذا جاءك من الناس ما فيه نُصح وفائدة فلا مانع من أن تلتزمي به وتستفيدي منه.
واعلمي أن رضا الناس غاية لا تُدرك، وكلام الناس لا يمكن أن ينتهي، والناس لا يُعجبهم العجب، ولا يُعجبهم شيء في هذه الحياة، والعاقلة مثلك تجعل همّها إرضاء الله -تبارك وتعالى-؛ فإذا رضي الله عن الإنسان أرضى عنه خلقه، فلا تهتمّي ولا تغتمّي لأي كلام سالب يُمكن أن يقال.
واجتهدي في تحصين نفسك بالأذكار، أذكار الصباح والمساء، وبكثرة التلاوة لكتاب الله -تبارك وتعالى- واستمري في طريق النجاح، وتوكلي على الله -تبارك وتعالى- الكريم الفتّاح، واحرصي على كل خير، واستعيني بالله ولا تعجزي.
أيضًا بالنسبة لكلام الناس فضعيه في ميزان الشرع، فما كان النصح مفيدًا لا مانع أن تأخذيه، وما كان غير ذلك من المصلحة ألا تقفي عنده طويلًا، تعوذي بالله من شيطانٍ همُّه أن يُحزن أهل الإيمان، وابحثي عن صالحات، فكوني معهنَّ؛ فإن الفتاة بحاجة إلى مَن يُذكرْنها بالله إذا نسيت، ومَن يكنَّ عونًا لها على طاعة الله إذا ذكرت.
ونعتقد أن النجاح مطلوب في أي ميدان من ميادين الحياة -والحمد لله- أنت تتفوقين الآن حتى في المجال الجديد الذي دخلت إليه، وهذا من نعم الله عليك وعلى كثير من الناس، فاحمدي الله -تبارك وتعالى- على ما أوْلاك من نعم، واجتهدي، واجعلي همّك في أن تعودي في رمضان إلى ما كنت عليه من الخيرات، ثم تثبتي بعد رمضان على ما تعودت من الطاعات؛ لأن ربنا لم يقل واعبد ربك في رمضان، وإنما قال لنبيه وللمؤمنين: {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين}.
فالإنسان ينبغي أن يكون في عبادة لله لا تنقطع، ولا تُركّزي على تصرفات المحيطين بك، ونكرر: رضا الناس غاية لا تُدرك، والإنسان يجعل همّه إرضاء الله، وهمّه أن يفعل ما يعتقد أنه صواب، ولا مانع من أن تستشيري المعلّمات أو مَن يعرف ما عندك من قدرات، من أجل تحسين المستوى واكتساب مهارات حياتية لتشغلي بها نفسك.
نسأل الله لك التوفيق والسداد.