كسول في الدراسة وأضعت رسومها في أشياء تافهة، فانصحوني!
2024-01-10 00:52:48 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أدرس في دولة أجنبية في السنة الثالثة، ومن المفترض أن أدفع مصاريف السنة الثانية، لكني استخدمت النقود في أشياء تافهة لا فائدة منها، ونفس الشيء حدث معي في السنة الثالثة، لم أدفع مصاريف الدراسة، وأنا على مشارف الطرد من الجامعة، أشعر أن هناك شيئاً يتحكم بي ولا يجعلني أسلك الطريق الصحيح.
دائماً كسول، ولا أحب الدراسة، ولا أي شيء، وأشعر أني فاشل في كل شيء، وفكرت في الانتحار عدة مرات، لا أعلم ماذا أفعل، ما هو الحل، قد أبدأ دراستي من البداية، وبهذا أكون قد أضعت ٣ سنوات من حياتي بلا فائدة ولا هدف.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Abdallah حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك - أخي الفاضل - في استشارات إسلام ويب، وأسال الله أن يوفقنا وإياك لصالح القول والعمل.
أخي العزيز: سبب ما تمر به وتعاني منه هو ما ذكرته في آخر سؤالك "حياتي بلا فائدة ولا هدف"، فلو أن لديك هدفاً لتغيَّر كل شيء في حياتك.
أخي العزيز: من أهم أسباب عدم وجود الأهداف لدى الإنسان: البيئة والتربية الأسرية التي توفر للشاب كل ما يحتاجه وكل ما يريده، فيخلُد للراحة والمتعة، ولا يشعر بالمسؤولية، فينشأ ويتربى وهو لا يفكر بالطموح والرغبة في التفوق، لأنه لا يواجه مصاعب الحياة ولا يشعر بقيمة الأشياء من حوله، فيموت في قلبه تدريجيًا التحدي والمثابرة وروح المنافسة، وفي نفس الوقت يغرق في الترف والشهوات والتمتع، ولا يفكر بالنتائج وعواقب الأمور، لذلك من النادر جدًّا أن ترى التفوق والتميز في من كان هذا حاله وعاش عليها ولم يتغير.
أخي العزيز: إضاعتك لمال الدراسة دليل أنك تفتقد روح المسؤولية والتفكير في العواقب، فأنت ضعيف أمام متع الحياة وشهواتها التي تعودت عليها، وحتى تخرج من هذا الأمر أنت أمام خيار واحد هو: أن تُغيِّر من نفسك وعاداتك، والتغيير لا بد أن يكون نابعًا من القلب ويرافقه التغير في "السلوك والعادات والتفكير" حتى يعطي التغيير ثمرته في الحياة، لذلك ننصحك بمجموعة أمور، نسأل الله أن يوفقك للعمل بها وتحقيقها في حياتك:
الأول: ضع هدفًا للدراسة وألزم نفسك به، كأن تتخرج بتقدير امتياز، وضع أهدافًا مرحلية صغيرة لتحقيق هذا الهدف.
ثانيًا: تخلص من عاداتك السلبية، والتي كان لها دور في إنفاقك للمال في ما لا فائدة منه، والتخلص من هذه العادات السلبية يكون بمعاقبة النفس ومراقبتها ومساءلتها عند أي فعل أو سلوك بـ (لماذا، وما الفائدة، وما النتيجة؟ إلخ) والشعور بأثر هذا يحتاج لفترة حتى تستقيم النفس وتنضبط، وتخرج من هذه العادات السلبية.
ثالثًا: غير بيئتك وأصدقاء السوء، من أكثر ما يرسخ العادات السلبية أصدقاء السوء، فهم من يدفع الإنسان للتساهل ويُنسونه هدفه وما سافر من أجله، ولا ينصحون عند إضاعة المال والغرق في الشهوات واللهو، لذلك عليك بترك أصدقاء السوء بأي طريقة، واستبدالهم بالأصدقاء الطيبين من المتفوقين والمتميزين في أخلاقهم ودينهم وسلوكهم.
رابعًا: نظم وقتك بشكل صارم، فالشباب في أوقات الدراسة - وخصوصًا خارج بلدانهم - جاؤوا لهدف واحد وهو الدراسة والتفوق، وفي سبيل ذلك تم توفير تكاليف الدراسة وأجوائها لتحقيق هذا الهدف الوحيد والمحوري في حياتهم العملية، لذلك يحتاج منك هذا الهدف إلى تنظيم وقتك بشكل صارم، فتحدد الأولويات، وتحدد وقتًا للراحة، ووقتًا لنفسك كممارسة الرياضة، ونحوه ممَّا يعود نفعه على هدفك الأساس، ولا تستجب أبدًا لأي رغبات هامشية تُزاحم هدفك الكبير في التفوق والنجاح، كتضييع الوقت والسهر والعبث.
خامسًا: استعن بالله تعالى، واجتهد في الدعاء وإصلاح قلبك، وتنمية علاقتك بالله، فراحة القلب وهدوء النفس من أعظم ما يعين على التحصيل العلمي، كما أن القلب إذا صلح نشطت معه الجوارح واستقام السلوك، وابتعد الإنسان عن أي عمل عبثي، وأصبح الشخص مسؤولًا ظاهرًا وباطنًا، وكل هذا ينعكس على سلوكه، كمحاسبة النفس على إضاعة المال في الشهوات واللعب والمعاصي ونحوه.
أخيرًا - أخي العزيز - سبب الكسل والخمول في حالتك أنك تفتقد الدافعية لما تقوم به، وحتى تحيي في نفسك الدافعية والهمة لا بد أن تفكر في النتائج الإيجابية، وتتذكر النتائج السلبية للإخفاق والتراجع، وما سيقول الناس عنك، ورد فعل العائلة؛ كل هذا يُشعرك بالخوف من ضياع المستقبل، فكتابتك لهذه الرسالة دليل على وجود خوف وهلع في نفسك من ذلك، فأنت تسأل عن أسباب النجاة الآن، وهذا الخوف البسيط الذي يدفعك للبحث عن حل، ويدفعك للتصحيح والشعور بالمسؤولية؛ لا بد أن يبقى ملازمًا لك حتى تحقق أهدافك.
أخي العزيز: حاول أن تجد فرصة للعمل الجزئي داخل الجامعة أو خارجها إن أمكن؛ لتسدد الرسوم التي عليك، أو ابحث عن عمل ولو بسيط خارج دوام الجامعة، أو حاول أن تبيع بعض ما تملك مما لا فائدة منه لتسدد رسوم الدراسة، أو أخبر أهلك بكل تفاصيل ما حدث وتعلن لهم توبتك من هذا العبث، والعزم على أن تتفوق وأن تنجح.
فإن وجدت هذه الأبواب مغلقة تمامًا بعد استفراغ الوسع والاجتهاد، فيمكنك البدء من الصفر، ليكون إضاعة ثلاث سنوات من حياتك درسًا قاسيًا لبقية حياتك، تتعلم منه أن حياة اللعب والتمتع لا يمكن أن تجتمع مع الطموح وتحقيق الأهداف، فطريق المجد والتفوق يحتاج لصبر واجتهاد ومثابرة لا لكسل وخمول.
أخي العزيز: نحن على يقين أن التغيير دائمًا يأتي من داخل الإنسان، يقول تعالى: {إن الله لا يغيِّرُ ما بقومٍ حتى يُغيِّروا ما بأنفسهم}، وإذا فقدت الإرادة الداخلية فقدت الدافعية لأي إنجاز في الحياة، وأصبح التفكير في الانتحار هاجساً وهماً لمن يظن أنه عاجز عن أي شيء، فابتعد عن هذه الأفكار السلبية والشيطانية، فأنت بيدك الكثير لتقوم به، فاستعن بالله واحرص على ما ينفعك ولا تعجز، وأكثر من ذكر الله وتلاوة القرآن والدعاء، واجتهد فيما قدمناه من نصائح، وبادِرْ للعمل والاجتهاد دون تراخٍ أو كسل، وبإذن الله سيتغير حالك إلى الأفضل.
أسأل الله أن ييسر أمرك ويوفقك للخير.