الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ صبحة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك في إسلام ويب، ونسأل الله تعالى لك الشفاء والعافية.
أنت قمت بوصف حالتك بصورة واضحة جدًّا، وبالفعل يظهر أن لديك نوع بسيط من الاستعداد للقلق العُصابي، لذا أتتك أعراض القولون العصبي، وهذه الأعراض نسمّيها بأعراض نفسوجسدية، بمعنى أن القلق والتوتر الداخلي يُؤدي إلى توتر في عضلات معينة بالجسد، وأكثر العضلات التي تتأثّر هي عضلات القولون، وبعض الناس تتأثّر لديهم عضلات الصدر، لذا يحسُّون بضيق في النفس أو ما يصفونه بالكتمة، والبعض أيضًا قد يشتكي من صداع عُصابي؛ وذلك ناتج من انشداد وتوتر في عضلة فروة الرأس، وهي عضلة كبيرة جدًّا، بل بعض الناس يشتكون من آلام في أسفل الظهر ويذهبون لأطباء العظام، ولا توجد لديهم أي علّة عضوية، بعد أن يقوموا بإجراء الفحوصات اللازمة، والأمر كله –أيتها الفاضلة الكريمة–هو نوع من القلق النفسي البسيط.
وما حدث لك من ألم فظيع بالرجل اليُسرى حتى وإن كان له سبب عضويّ –كالانشداد العضلي مثلاً– لكن الجانب النفسي موجود، وتأثرتِ بعد زلزال المغرب، نسأل الله تعالى أن يتقبل الشهداء، وطبعًا كان هذا حدثًا كبيرًا، وكان حدثًا له تبعات نفسية سلبية ولا شك في ذلك، فالزلازل بالفعل مُخيفة، لكن يظهر أن وقعه كان عليك أكبر؛ وذلك لأنك أصلاً لديك استعداد للخوف والقلق، وكما ذكر لك الطبيب هذه النوبات التي تعتريك هي نوبات فزع أو هلع، وليس أكثر من ذلك.
الطبيب صادق جدًّا في ما ذكره لك، وأرجو تصديقه وأرجو تصديقي أيضًا، وأرجو أن تتوقفي عن التنقُّل بين الأطباء.
تسارع ضربات القلب هو أمرٌ فسيولوجي طبيعي جدًّا مع قلق المخاوف، حيث إنه يوجد ما يُسمَّى بالجهاز العصبي اللاإرادي –أي الجهاز السيمبثاوي Sympathetic– حين يكون الإنسان في حالة خوف وتوتر أو هرع يحدث إفراز شديد لمادة الـ(أدرينالين) من خلال هذا الجهاز العصبي، وهذه المادة تُؤدي إلى تسارع كبير في ضربات القلب.
فإذًا الحالة هي حالة قلق مخاوف، مع نوبات هرع، ولا أرى أن لديك اكتئاباً حقيقياً، ربما يكون لديك شيء من عُسر المزاج الثانوي؛ وذلك لأن تجربة الهرع نفسها تجربة مخيفة للإنسان، لكنها قطعًا ليست خطيرة.
هذا هو الشرح لحالتك، أمَّا العلاج فيتمثل في تجاهل الأعراض، أعراض الهرع هذه والهلع يجب أن يتم تجاهلها تمامًا، ولن يحدث لك أي شيء، غالبًا تستمر لدقائق، وبعد ذلك تنتهي تمامًا.
والخطوة الأخرى هي: أن تتدربي على تمارين الاسترخاء، هنالك تمارين التنفُّس المتدرّج، وتمارين أخرى لشدِّ العضلات وقبضها ثم استرخائها، هذه التمارين نافعة، هذه التمارين مفيدة، وأريدك أن تتدربي عليها. توجد برامج كثيرة على اليوتيوب توضح كيفية القيام بهذه التمارين، كما أن إسلام ويب أعدت استشارة رقمها: (
2136015) فيها الكثير من التوجيهات المفيدة التي أرجو أن تطبقيها.
من المهم جدًّا –أيتها الفاضلة الكريمة– أيضًا أن تتجنبي الفراغ، وأن تشغلي وقتك بما هو مفيد؛ لأن الفراغ الزمني، أو الفراغ الذهني ينتج عنه القلق والتوترات والمخاوف.
مارسي أي رياضة تناسب المرأة المسلمة، وأحسني التواصل الاجتماعي، وقومي بالواجبات الاجتماعية، واحرصي دائمًا على أن تكون الصلاة على وقتها، ولا بد أن يكون لديك ورد قرآني يومي، والدعاء يقي الإنسان ويشعره بطمأنينة كبيرة، وذكر الله تعالى على الدوام حصنٌ حصينٌ يتحصّن به الإنسان من الشرور.
بقي أن أقول لك: إذا كان بالإمكان أن تذهبي إلى طبيب نفسي فهذا أمرٌ جيد، وإن لم يكن ذلك ممكنًا فإني أنصحك بتناول أحد الأدوية الممتازة والمفيدة جدًّا وغير الإدمانية، الدواء يُسمَّى (استالوابرام Escitalopram) هذا هو اسمه العلمي، واسمه التجاري (سيبرالكس Cipralex) هو من الأدوية الرائعة لعلاج نوبات الهلع والفزع وقلق المخاوف، كما أنه مُحسِّنٌ للمزاج، ويزيل الوسوسة.
الجرعة هي أن تبدئي بنصف حبة –أي خمسة مليجراماً– هذه هي جرعة البداية، والتي ننصحك بأن تستمري عليها لمدة عشرة أيام، بعد ذلك ارفعي الجرعة إلى عشرة مليجراماً يوميًا لمدة شهرٍ، ثم انتقلي إلى الجرعة العلاجية، وهي أن تتناولي الدواء بجرعة عشرين مليجرامًا يوميًا لمدة شهرين، ثم خفضي الدواء وانتقلي إلى الجرعة الوقائية، وهي عشرة مليجرام يوميًا لمدة ثلاثة أشهر، ثم اجعليها خمسة مليجراماً يوميًا لمدة أسبوعين، ثم خمسة مليجراماً يومًا بعد يومٍ لمدة أسبوعين آخرين، ثم توقفي عن تناوله.
الدواء كما ذكرتُ لك مفيد، ورائع، وسليم جدًّا، وغير إدماني، أضف إلى ذلك أنه لا يؤثّر على الهرمونات النسائية أبدًا، أحد آثاره الجانبية البسيطة هو أنه ربما يفتح الشهية قليلاً نحو الطعام، فإن حدث لك شيءٌ من هذا، فأرجو أن تتخذي التحوطات اللازمة حتى لا يزيد الوزن لديك، وتوجد أدوية أخرى مثل: الـ(سيرترالين Sertraline)، والـ(سيروكسات Seroxat)، لكن السيبرالكس هو من أفضلها إن لم يكن أفضلها.
نسأل الله تعالى أن ينفعك بما ذكرناه لك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.