أعمل ما يرضي الله وإلى الآن لم أتزوج!
2023-09-20 00:43:50 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
أنا بنت ملتزمة، أحاول عمل كل شيء بما يرضي الله، وأكثر إخوتي براً بوالدي، وهذا باعترافهم، وهم راضون عني.
كنت أتمنى من الله أن يرزقني زوجاً صالحاً أكمل معه باقي عمري، لكن هذا الشيء لم يتحقق، والآن عمري 32 سنةً، وأرى غيري من البنات ممن صادقن الشباب تزوجن أفضل الزيجات، والحياة متيسرة لهم، أنا على يقين بأن كل من نطق الشهادة سيدخل الجنة، إذاً لماذا هذا الابتلاء على الصالحين؟ كما أنني أحياناً أخشى على إيماني من أن يضعف بسبب ذلك!
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Mariam حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك –ابنتنا العزيزة– في استشارات إسلام ويب.
أولاً: نُهنئُك بما مَنَّ الله تعالى به عليك من الالتزام والهداية، ونسأل الله تعالى أن يزيدك صلاحًا وتُقىً، واعلمي -أيتها البنت العزيزة– أن هذا الطريق هو طريق السعادة، سواء في ذلك السعادة العاجلة في الدنيا، أو السعادة الآجلة في الآخرة، فإن الله سبحانه وتعالى أخبر -وهو خير وأصدق القائلين- قال سبحانه وتعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [النحل: 97]، فالحياة السعيدة والحياة الطيبة إنما يجدها الإنسان حينما يكون قريبًا من الله، سائرًا في طريقه، عاملاً بطاعته، وما عدا ذلك فأوهام، فلا تظني أبدًا أن مَن يعيش بعيدًا عن الله، أو واقعًا في معاصيه، متجاوزًا لحدوده، لا تظنّي أبدًا بأنه سليم من المُكدِّرات والمُنغِّصات.
أمَّا ما ذكرتِه من أن بعض البنات تتزوّج بسبب مخالفاتها لربِّها ولشرعه، وارتكابها لبعض المحرمات؛ فهذا تحليلٌ غير مطابق للواقع، تحليلٌ لم يُبن على حقائق، وتوضيح هذا –أيتها البنت الكريمة– أن تعلمي جيدًا أن ما قُدِّر لابد أنه سيقع ويكون، وأن أرزاقنا قد كُتبت قبل أن نُخلق، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنَّ الله كَتَبَ مَقَادِيرَ الْخَلَائِقِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِخَمْسِينَ أَلْفَ سَنَةٍ) [رواه مسلم].
فما نجده في حياتنا ليس شيئًا جديدًا، إنما هو مكتوب، مُقدَّرٌ، ولكنَّ الله تعالى أمرنا فقط أن نأخذ بالأسباب المباحة المشروعة الجائزة، لنصل إلى ذلك المُقدّر، فمن أخذ بالأسباب المباحة فإنه سيصل إلى ما قدَّره الله له، ومَن اعتدى وتجاوز، ووقع في الإثم، فإنه سيصل إلى ما قدّره الله تعالى له، ولكنّه أخطأ الطريق، ولو كان مشى في طريقٍ أباحه الله، فإنه سيصل أيضًا إلى نفس الأرزاق، وسيصل إلى نفس النتائج.
فالوصول إذًا إلى هذه النتائج ليس بسبب هذه الطريقة المُحرَّمة، فأنت إذا كان الله سبحانه وتعالى قد قدّر لك الزواج، فاعلمي يقينًا أنه سيقع، وأن ذلك سيكون لا محالة، فما قدّره الله لابد أن يقع.
وأنت مأمورة بالأخذ بالأسباب المباحة الجائزة، مثل: أن تتعرفي على النساء، والفتيات، وأن تتعرف أُمُّك أيضًا على النساء والفتيات، ولا بأس من أن تتكلّمي مع من تثقين فيها من النساء بأن تُعينك في البحث عن الزوج المناسب، فإذا كان الله قد قدّر لك الزواج فإنه سيقع، أمَّا لو كان غير ذلك –ونسأل الله ألَّا يكون قد وقع ذلك، لكن نقول– لو أن الله كتب ذلك، فإنك لو فعلت ما فعلت فإنك لا تستطيعين تغيير قدر الله.
إذًا اطمئني من هذا الجانب، وأريحي بالك من هذه الهموم، فإن الله أخبرنا في كتابه الكريم أنه لا يقع شيء إلَّا وقد كتبه الله، كما قال في أواخر سورة الحديد: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ * لِكَيْلَا تَأْسَوْا عَلَى مَا فَاتَكُمْ وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: 22-23]، فكلُّ شيءٍ مُقدَّرٌ ومكتوب.
وأمَّا ما ذكرته من التساؤل عن الابتلاء للصالحين: فإن الله تعالى يبتلي عباده على قدر صلاحهم، نعم، وذلك ليُضاعف لهم الأجور، ويزيد في ثوابهم، ويرفع درجاتهم، فإن الإنسان قد لا يصل إلى درجات عالية بسبب عمله وحده، فيبتليه الله تعالى، ويزرقه الصبر على ذلك، ليكتب له ذلك الثواب، ويرفعه تلك الدرجات، فلله سبحانه وتعالى الحكمة البالغة، وهو أرحم الراحمين.
نسأل الله تعالى أن ييسّر لك الخير حيث كان، ويرزقك السعادة في الدنيا والآخرة.