غضب أبي على شقيقتي بسبب التزامها، فكيف أصلح بينهما؟

2023-09-11 04:45:34 | إسلام ويب

السؤال:
السلام عليكم
والدي ليس راضيًا عن أختي ولا يريد التكلم معها، وذلك بسبب التزامها بالحجاب الصحيح والنقاب، وترك العمل لأنه أستر لها (مع العلم أنه يوجد لدينا مال -والحمد لله- ولا تحتاج أختي للعمل).

وعندما بدأت بالالتزام أنا أيضاً يقول والدي أن أختي تريد السيطرة عليّ، وتريد أن تجبرني (وكذلك حال باقي العائلة لا يرغبون بالتكلم معها).

حاولت أختي أن تصلح ما بينها وبين والدي بلا نتيجة، وهي بارة به.

أريد -يا شيخ- أن أصلح بينهما، ولكن لا أعرف كيف؟!

الإجابــة:

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ سائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك - ابننا الفاضل - في الموقع، ونشكر لك الاهتمام والحرص على السؤال، ونحيي أختك وحرصها على التزام الحجاب والنقاب، ونشكر لك الرغبة في السير معها في طريق الهداية والدفاع عنها وتحسين صورتها، وإصلاح ما بينها وبين أفراد الأسرة، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يهدينا جميعًا للحق وللخير، هو وليُّ ذلك والقادرُ عليه.

نحن نوصي كل فتاة تحاول أن تلتزم، وكل شاب يحاول أن يلتزم، أن يُبالغوا في إكرام الوالد والوالدة، وأن يُظهروا لأهل البيت عظمة هذا الدّين العظيم، بصبرهم وبرِّهم وحُسن تعاملهم، واحتمالهم لما يحصل من الأهل من مضايقات، وعلينا أن نتذكّر جميعًا أننا نُطيع رب الأرض والسماوات، وأن الحجاب والنقاب أمورٌ شرعها الله -تبارك وتعالى- ما ينبغي مِنَّا كمؤمنين ومسلمين أن يكون لنا الخيرة، وألَّا نعصي الله في أمر ونهي، امتثالاً لقوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرًا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالاً مبينًا} ولقوله سبحانه: {وقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير}.

وعلى كل فتاة تحاول أن تلتزم أن تعلم أن هناك بعض الشبهات التي تركتها وسائل الإعلام، وأساليب الغزو الفكري التي شوّهت صورة الحجاب والمحجّبة، وخوّفت الناس من النقاب والتستُّر، ولكن الآن وفي كل وقتٍ الفضلاء وأصحاب الفطر السليمة يعرفون عظمة الحجاب وعظمة النقاب، وأهمية كل ذلك في صيانة الفتاة المسلمة، فالفتاة جوهرة غالية، ينبغي أن تحافظ على نفسها، والإسلام حرص على المحافظة عليها.

ولذلك أرجو أن تستمر في تشجيعها أولاً على الثبات، ثم في تحسين صورتها أمام أفراد الأسرة، ثم بدعوة العلماء والدعاة أيضًا، والتواصل معهم، حتى يتكلّموا عن هذه القضايا في منابرهم ومساجدهم، ونسأل الله -تبارك وتعالى- أن يجعل هذه الأخت وأن يجعلك أيضًا سببًا لهداية أبناء وبنات العائلة، بل المنطقة كلها، فإن صبرها على الحجاب والنقاب سيُثمر جدًّا، وستكون له ثمار مباركة.

ولا أدري إن كانت تستطيع أن تراجع نفسها في مسألة العمل لكسب رضا الوالدين، إذا كانت تستطيع أن تحافظ على نقابها وحجابها؛ لأن بعض الآباء والأمهات ربما ينظرون للأمر نظرة مادّية، وأنها ضيّعت نفسها، وأنها إذا اختفت في البيت فمن الذي سيتعرَّف إليها ليتزوجها، هناك هموم قد تكون في عقول الآباء والأمهات، قد لا يدركها الأبناء، فعلينا أن ننتبه أيضًا لهذا الجانب.

ولا شك أن مسألة العمل بالنسبة للمرأة جائزة بالضوابط الشرعية، لكن أن تعمل المرأة في بيتها وفي رعاية زوجها فهذه أشرف المهام، بل تلك المهام تعدل ما يقوم به الرجل من جُمعٍ وجماعاتٍ وجهادٍ واستشهادٍ في سبيل الله، (حسن تبعل إحداكن لزوجها وطلبها مرضاته واتباعها موافقته تعدل ذلك كله) كما قال صلى الله عليه وسلم لأسماء بنت زيد (خطيبة النساء).

ولذلك أرجو أن تعتبر الأخت بهذا الجانب، فإن رأت أن الأسرة حريصة على أن تعمل؛ فيمكنها أن تعود للعمل، مع المحافظة على حجابها ونقابها، فإذا تزوجت وخرجت إلى بيتها عند ذلك تختار المُكث في بيتها ورعاية أطفالها، لتُخرِّج الصالحين والصالحات، لأنا نريد أن نفرّق بين قضية النقاب والحجاب والأمور الشرعية، وبين ترك العمل الذي قد يرفضه الأب وترفضه الأم، إلَّا إذا كان العمل فيه ما يُهددُ العفّة وما يُهدد الحجاب وما فيه من خطورة على دينها، فعند ذلك لا نُقدِّمُ شيئًا على طاعتنا لربِّنا، فإنه (لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق) سبحانه وتعالى.

نسأل الله تبارك وتعالى للأخت الثبات، ونشكر لك هذا الدور، ونتمنّى أن تستمر وتجتهد في أن تُصلح بينهم، وبحسن التعامل وباختيار الأوقات المناسبة لمناقشة الوالد والوالدة، وكل المؤثرين يمكن أن تستعين بهم، حتى يُؤثروا على الوالد.

نسأل الله لنا ولكم التوفيق والسداد والثبات.

www.islamweb.net