الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ علي حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
فالخوف من الموت هو أحد المخاوف المنتشرة، خاصة أن موت الفجأة والكوارث قد كثر في زماننا هذا، والخوف من الموت لا ينقص من عمر الإنسان شيئًا، ولا يزيده ثانية واحدة، فإذًا أمر الموت أمرٌ خارجٌ عن النطاق الفكري الوجداني الإنساني، حقيقة نراها كل يوم فيمن عايشونا ورحلوا عنَّا، ونحن بهم -إن شاء الله- عن قريب لاحقون، قال الله تعالى: {إنك ميّتٌ وإنهم ميتون}، هذه حقيقة ثابتة، وأعرفُ أنك – أيها الفاضل الكريم – تعرف كل هذا، لكن أريدك أن تستشعر هذا الأمر بعمق أكثر، وهو أن الأعمال بيد الله، {يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي}، {إن أجل الله إذا جاء لا يُؤخّر لو كنتم تعلمون}، هذا هو الأمر الأول.
الأمر الثاني: يجب أن تُحقّر فكرة الخوف هذه، نحن دائمًا ندعو الناس أن يُحقّروا فكرة الخوف من الموت حين تكون فكرة مرضية، لكن نريد أيضًا أن نخاف من الموت خوفًا شرعيًّا، وذلك بأن يعمل الإنسان ليفوز فوزًا عظيمًا، {فمن زُحزح عن النار وأدخل الجنّة فقد فاز}، أن يكون نهج الإنسان هو نهج الصالحين، وأن يبتعد الإنسان عن الأوزار والذنوب، والإنسان إذا أعدَّ نفسه للآخرة الاستعداد الصحيح، فعليه أن يستبشر بقوله تعالى: {الذين توفّاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون}، {ادخلوا الجنة لا خوف عليكم ولا أنتم تحزنون}، وقوله: {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا فلا خوف عليهم ولا هم يحزنون}، {إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألَّا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون}.
فهذا هو المطلوب في الخوف الشرعي من الموت، وهذا هو الذي يُفرّج مثل هذه الكُرب والهموم.
أخي: الموضوع ليس فيه قلّة في الإيمان أو اضطراب في الشخصية، إنما هو مفهوم سلبي مكتسب.
الأمر الثالث هو: عليك أن تعيش حياة صحية، حياة متوازنة، أن تتجنب السهر، أن تمارس الرياضة، لا أحسبُ أنك من المدخنين، لكن أريد أن أنبّه أن التدخين أيضًا خطير جدًّا على الصحة الجسدية والنفسية.
ويا أخي الكريم: النقطة الجوهرية والمهمة جدًّا هي: أن تُدير وقتك بصورة صحيحة، ألَّا تترك مجالاً للفراغ، أن تكون شخصًا فعّالاً في مهنتك، وتُحسن التواصل الاجتماعي، بل تقوم بالواجب الاجتماعي: زيارة الأهل، صلة الرحم، زيارة المرضى، تلبية دعوات الأفراح والأعراس، المشي في الجنائز، الترفيه عن النفس بما هو مهم وطيب... هذه كلها تجعلك – أخي الكريم – تصرف انتباهك عن هذا النوع من المخاوف.
الحرص على الأذكار – أخي الكريم – مهمٌّ جدًّا، أذكار الصباح وأذكار المساء وأذكار دُبر كل صلاة، والأذكار الموظفة في اليوم والليلة، وأذكار النوم تُشعرك أنك في معيّة الله وتحت رحمته دائمًا، وتجعل الإنسان في طمأنينة، {ألا بذكر الله تطمئن القلوب}، فاحرص على كل هذه الأمور، فهي مفيدة.
وأريد أن أصف لك أحد الأدوية الممتازة التي تُعالج قلق المخاوف، الـ (فلوكستين) دواء جيد وممتاز، لكن قد لا يكون الدواء المثالي لعلاج هذا النوع من المخاوف، الدواء الجيد هو عقار (اسيتالوبرام)، أخي: لا تشغل نفسك بموضوع الآثار الجانبية، هذه أدوية نقيّة وسليمة وغير إدمانية، تبدأ في تناول الـ (اسيتالوبرام) بجرعة نصف حبة من الحبة التي تحتوي على عشرة مليجرام، أي: تتناول خمسة مليجرام، ولمدة عشرة أيام، بعد ذلك ترفع الجرعة إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهر، ثم تجعلها عشرين مليجرام يوميًا لمدة شهرين، ثم تخفضها إلى عشرة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ، ثم خمسة مليجرام يوميًا لمدة شهرٍ آخر، ثم خمسة مليجرام يومًا بعد يومٍ لمدة شهرٍ، ثم تتوقف عن تناول الدواء، الدواء سليم وفاعل، وأسأل الله تعالى أن ينفعك به.
إذًا – أخي الكريم – هذه هي الإرشادات، فطبّقها، وإن شاء الله تعالى تتخلص من هذا الخوف المرضي.
وللفائدة راجع الاستشارات المرتبطة: (
2181620 -
2250245 -
2353544 -
2419484).
بارك الله فيك، وجزاك الله خيرًا، وبالله التوفيق والسداد.