أهلي مصرون على رفض الخاطب لأنه متزوج، فما الحل؟
2023-05-31 23:08:46 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
تعرفت إلى شاب في مجال العمل، وهو شخص على دين وخلق، ولكنه متزوج ولديه طفلان، وطلب مني الزواج، وعندما سألته لماذا؟ قال: إنه غير مرتاح، وغير متفاهم مع زوجته، ولا يريد أن يطلقها، لأنها إنسانة جيدة، وأنه ترك لها حرية الاختيار، أن تقبل زواجه، أو تنفصل عنه، وأنا قبلت الزواج به، وسأعينه على العدل بيننا، ولن أخرب بيته بأي شكل، فهي تعتبر أختي، ولا أريد لها الضرر، لأني أحبه، ولا أريد الزواج من غيره.
لكن العقبة أن أهلي غير موافقين، وذلك بسبب فكرة أن الزواج الثاني لن يكون ناجحاً، ويرونه ظلماً للأولى، حاولت كثيراً أن أشرح أن ما أباحه الله ليس به ضرر لعباده، وهو أعلم بنا، وأني أتفهم أن هذا الرجل لديه مسؤوليات وبيت آخر، وأنا راضية بهذا، ولكنهم يقولون إن علينا أن نذهب لشيخ، حتى يؤكد أن التعدد ليس بخراب للبيت الأول.
كان هناك كثير من ردود الشيوخ، وشرح للقرآن والسنة يوضح أن التعدد مباح، ولكن لم يقتنعوا، فماذا أفعل؟ كيف أقنعهم أني ارتضيته ولن أقبل بغيره؟ فقلبي يريده هو فقط، إما أن أتزوج برضاهم، أو أكون عزباء طوال عمري، حتى أتزوجه عند ربي، حيث لا توجد عقبات أو ظلم للعبيد، وهل منعهم لي يعتبر عضلاً كما ذكر في القرآن؟
كما أن مخزون البويضات لدي قليل، كلما تأخرت في إقناعهم تأخرت فرصة حدوث الحمل، كما قال الأطباء، وأعلم أن الله على كل شيء قدير.
أتمنى أن تجدوا لي حلاً لإقناعهم، ولا تقولوا إن الأمر صعب، وتزوجي بغيره، فإني والله لا أتزوج إلا به في الدنيا والآخرة، أدعو الله كثيراً، فليس لي إلا ربي، هو وحده يعلم بصعوبة ما أمر به.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Manar حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبًا بك -ابنتنا- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحُسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.
لا شك أن الفتاة هي صاحبة القرار، وأن التلاقي يكون بالأرواح، وهي: (جنود مجندة، ما تعارفَ منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف)، ومن علامات الخير في الفتاة أن تطلب صاحب الدّين، وليس عيبًا في الرجل أن يكون متزوجاً بزوجة أو اثنتين، لأن هذا ممَّا شرعه الله تبارك وتعالى، والمهم هو أن يُقيم العدل، ونحن نشكر مشاعرك النبيلة وحرصك على أن يُحافظ على بيته الأول، وأن يصبر على زوجته، ورضاك بما شرعه الله تبارك وتعالى.
ونحتاج نحنُ جميعًا أن نجتهد في تغيير المراسيم الاجتماعية والعادات والتقاليد التي ينبغي ألَّا تعلو على شرع الله تبارك وتعالى -عياذًا بالله-، فالشرع مُقدَّم، ولكن أيضًا ينبغي أن تراعي مشاعر الأهل، فهم يريدون مصلحتك، ويتخوّفون من تجارب الآخرين، والإنسان ينبغي أن يُوقن أنه يستطيع أن ينجح وإن فشل غيرُه، وإن فشلت زيجات أخرى، فالإنسان هو الذي يُحقق النجاح بتوفيق ربنا الكريم الفتّاح.
وأوَّلُ أبواب النجاح هو الرضا بما شرعه الله تبارك وتعالى، والإيمان بأن ما قدّره الله تبارك وتعالى هو الخير.
وفي التعدُّد مصلحة حتى للزوجات وللمجتمع، والمرأة هي أوّل المستفيدين من التعدُد، ولذلك إذا أقمنا هذا الشرع بالطريقة الصحيحة التي علَّمنا إيَّاها رسولنا - صلى الله عليه وسلم - فإننا نَسعد ونُسعد.
أمَّا ما نقترح عليك هو:
أولاً: كثرة الدعاء واللجوء إلى الله تبارك وتعالى.
ثانيًا: التواصل مع دعاة وعلماء يمكن أن يسمع منهم الأهل.
ثالثًا: الاستعانة بالعقلاء من أعمامك ومحارمك، حتى يكون لهم دور في إقناع الأسرة.
أمَّا من ناحية الخاطب: فعليه أن يُكرر المحاولات، وأن يُدخل أصحاب الوجاهات، وأن يُقدّم ما يُثبت صدقه ورغبته في أن يُسعدك، وأن تكوني معه زوجة محفوظة الحقوق، فإن الأهل أيضًا يريدون أن يطمئنوا من هذا الجانب، ولكن ننبّه حتى يحصل هذا: ينبغي ألَّا يكون بينكما تواصل، لأن هذه العلاقة إلى الآن ليس لها غطاء شرعي، فعليه أن يُكرر المحاولات بطريقته، وأن تجتهدي في إقناعهم بفكرة أن تتزوج الفتاة برجلٍ عنده زوجة، أنه لا مانع من ذلك، ولا نقص في الأخرى ولا في الثانية عندما يحصل هذا، فهذه أمور قدَّرها الله تبارك وتعالى، والمودة التي تحصل بين الزوجين هي التي تؤدي إلى نجاح الزواج بإذن الله، وهي آية من آيات الله، قال الله عز وجل: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون}، وقال صلى الله عليه وسلم: (الأرواح جنود مجندة، ما تعارف منها ائتلف، وما تناكر منها اختلف).
ونحب أن ننبه إلى أن إظهار العناد، وأنك لن تتزوجي بغيره في الدنيا، هذا الكلام ما ينبغي أن يصدر عنك؛ لأن هذا قد يزيد الأهل عنادًا، لكن ينبغي أن تطلبي حقك الشرعي دون أن تتكلمي بمثل هذا، فالإنسان عليه أن يبذل الأسباب، ثم بعد ذلك يرضى بما يُقدِّرُه الوهّاب، وما يُقدّره الله للإنسان هو الأفضل، قال عمر بن عبد العزيز: (كنا نرى سعادتنا في مواطن الأقدار).
نسأل الله لنا ولك التوفيق، وأن يُعينك على فعل ما يُرضيه، وأن يُقدّر لك الخير ثم يُرضيك به.