وساوس وانتقاص للذات بسبب التنمر.. ساعدوني
2023-05-28 01:01:27 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري 17 سنةً، أعاني دائمًا من الأفكار الكثيرة، فقد عانيت في صغري من التنمر، ومن الظلم، ومن طفولة صعبة، بها الكثير من المشاكل ولا زلت، ولم يكن لدي أصدقاء، حتى وصلت للمرحلة الثانوية، كنت أفعل المعاصي وأنا في سن المراهقة، لكن شاء الله لي الهداية، وأصبحت ملتزمةً جداً، أسأل الله الثبات، ومن هنا بدأت الكارثة، فقد كنت أتصور أنني عندما أتقرب إلى الله ستتحسن أحوالي، ولكن للأسف بدأت تنتابني الوساوس، فقد أصبحت أنسى هل قمت بالوضوء أم لا؟ وبالتالي إعادته 5 مرات على الأقل، وأصبحت أفكر كثيراً، حتى علمت أن ما أنا مصابة به هو الوسواس القهري، بعدها أصبحت أركز مع نفسي حتى أصبحت صحتي جيدة.
والآن أصبحت أتخيل مواقف وأشخاصاً أتكلم معهم، حتى وأنا في دورة المياه -أجلكم الله-، كما أصبحت أفضل العزلة على أن أكون برفقة أحد، فأصبحت بذلك وحيدةً تماماً.
دائماً ما أقوم بمحاولات لأن أكون بخير، وأن أعيش سن الشباب، ولكن أجدني لا أتطور، ويمضي الوقت وأنا أؤنب نفسي، ثم أعيد المحاولة مرةً أخرى!
في طفولتي كنت من الأوائل دائمًا، لكن دائمًا أشعر بالفشل والإحباط، والآن أنا في مرحلة الشهادة الثانوية، ويجب أن أدرس، ولكن لا أستطيع! أريد أن أجتهد، أريد أن أكون دكتورة مخ وأعصاب، لكن كيف؟ أنا لا أدرس!
أريد أن أشعر بأنوثتي، أريد أن أشعر بأني جميلة، ولكن التبرج حرام!
ماذا عن الموسيقى؟ فأنا أحب البيانو، وقد كنت في طفولتي بارعة في العزف، كما أحب سماع الموسيقى الهادئة، ولكنها حرام، وباب من أبواب الشيطان، فحرمت نفسي منها؛ فأنا أحب الله.
أنا أشعر بأني أعطي كل شيء لله، ولكني لست بخير بسبب الأفكار في رأسي، وشعور الضعف والإحباط، وخلو حياتي من الإنجاز، فما الحل؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نورهان حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نرحب بك -بنيتي- عبر الشبكة الإسلامية، ونشكر لك تواصلك معنا بهذا السؤال، وأحمد الله تعالى لك على هدايتك وعلى التزامك -حفظك الله-، ونسأل الله الثبات لنا جميعاً.
نعم -بنيتي- إن للتنمر أضراراً متعددةً، حيث إنه يؤثر في حياتنا الاجتماعية كما حصل معك، من عدم وجود أصدقاء، والشعور بالظلم والتفكير المفرط، إلا أنك الآن أيضاً تصفين حالة من الوسواس القهري الذي يأتي بشكل الشك بالوضوء، أو تكبيرة الإحرام، أو غيرهما.
ولعلك كما اطلعت وقرأت أن الوسواس القهري منتشر بين الناس، وإن كانوا يجدون حرجاً في الحديث عنه، كاستهزاء الآخرين بهم، وأريد أن أؤكد لك هنا أن الوسواس القهري المتعلق بالعبادة والصلاة ليس دليلاً على ضعف الإيمان، بل على العكس إنما يصيب الوسواس القهري الإنسان بما هو عزيز عليه، فلا شك أن عبادتك ووضوءك وصلاتك كلها عزيزة عليك، لذلك أتى الابتلاء في هذا.
نعم -بنيتي- إن الاقتراب من الله تعالى يعطينا الراحة والطمأنينة، كما قال تعالى: "ألا بذكر الله تطمئن القلوب"، إلا أن هذا لا يمنع من الابتلاءات المختلفة، والتي تأتي بأشكال متنوعة؛ هذا من جانب، أما من جانب آخر فما ذكرت من موضوع تخيل أشخاص ومواقف، وتفضيل العزلة، فما أظنها إلا مرحلة عابرة -بإذن الله- بسبب ما تشعرين به في هذه المرحلة من السلبية وضعف الإنجاز، والإحباط، إلا أنك -بإذن الله تعالى- ستتجاوزين هذا.
كما سرني أنك في هذا العمر -في السابعة عشر من العمر- وأنك تحبين أن تعودي كما كنت مجتهدةً، -وبإذن الله- سيحصل هذا عندما تتجاوزين هذه المرحلة التي أنت فيها.
نصيحتي لك هنا، أولاً: إذا كنت ما زلت تعانين من الأفكار الوسواسية القهرية المتعلقة بالوضوء والصلاة وغيرهما، واستمر الانزعاج فأنصحك بمراجعة طبيب نفسي يصف لك أحد الأدوية المضادة للوسواس القهري، وفي مصر الكثير من الزملاء الكرام في هذا التخصص.
الأمر الثاني بنيتي: يخطئ البعض أحياناً عندما يشددون على أنفسهم فيحرمونها من كل ما يمكن أن يمتع الإنسان في هذه الحياة من المباحات، والرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: روحوا القلوب ساعة فساعة. أو كما قال صل الله عليه وسلم، فابحثي بنيتي عن الهوايات الحلال المفيدة لتريح نفسك من عناء وتحديات الحياة التي نعيشها في هذا العصر.
أخيراً: أدعو الله تعالى لك أن يشرح صدرك، وييسر أمرك، ويعطيك الهمة والعزيمة لتعودي كما كنت مجتهدة متفوقة بإذن الله سبحانه وتعالى.
وفقك الله لما يحب ويرضى.
__________________________________________________
انتهت إجابة الدكتور/ مأمون مبيض
وتليها إجابة الشيخ/ أحمد سعيد الفودعي
مرحبا بك -ابنتنا الكريمة- في استشارات إسلام ويب..
نسأل الله تعالى أن يصرف عنك كل سوء وشر ومكروه.
وقد أفادك الأخ الفاضل الدكتور/ مأمون بما ينفعك من التوجيهات التربوية، وأنا أحاول أن أزيد ما ينفعك في الجانب الشرعي، فأقول:
أولاً: -أيتها البنت العزيزة- الوساوس بلاء قد يصاب به الإنسان، ولكن الله تعالى شرع لنا من الأحكام والآداب ما لو اتبعناه فإنها ستندفع به -بإذن الله تعالى-، وأهم هذه الآداب والأحكام هي:
- التجاهل لهذه الوساوس، والإعراض عنها تماماً، بحيث لا تعبئي بها ولا تهتمي بها، فإذا حصل منك هذا، وصبرت على هذا السلوك، فإنها ستزول عنك -بإذن الله-.
وأنت قد لمست بنفسك أنك في أحيان كثيرة تتحسنين بشكل ملحوظ، فأكثري إذاً من ذكر الله سبحانه وتعالى؛ فإن ذكر الله حصن حصين من الشيطان وألاعيبه، وتجاهلي هذه الوساوس، وستزول عنك -بإذن الله-.
- أما ما ذكرت من أنك تريدين الاستمتاع ببعض الأمور، ولكنها محرمة: فاعلمي -أيتها البنت الكريمة- أن ربنا سبحانه وتعالى جميل يحب الجمال، وأباح لنا كل ما هو جميل، ولم يحرم علينا شيئاً إلا لأن ذلك الشيء ضار مفسد، وإذا كانت فيه منافع فستكون منافعه قليلةً جداً بجانب مفاسده، وعلمُنا بهذه الحقيقة يجعلنا نعيش حالة رضاً تام عندما نلتزم بالأحكام الشرعية.
فالله تعالى إنما جعل الشرع وشرعه من أجل مصالحنا، فكل ما نتوهم أنه جميل وأنه مفيد ولكننا نجد الشرع حرمه، فهذا مجرد وهم لا حقيقة له، فالله تعالى إنما ينهى عن القبائح، وقد وصف الله تعالى نبيه في الكتب المتقدمة بأنه يحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث، فالله تعالى لا يحل إلا الطيب، ولا يحرم إلا الخبيث، فالتبرج حرام؛ لأنه مشتمل على مفاسد كثيرة جداً، سواء على المرأة المتبرجة، أو على من حولها من المجتمع، وإظهار الجمال، وإبداء الزينة لها مجالها النافع، وهو إظهار هذا الجمال وهذه الزينة للزوج الذي بالتحبب إليه تحصل السعادة، وتبنى الأسرة، وتستقيم الحياة، والتجمل أمام النساء أيضاً مما يبيحه الشرع، وأيضاً بضوابط لا تتجاوز حدودها.
فإذاً: حينما حرم الله تعالى التبرج إنما حرمه لما فيه من المضار والمفاسد، وكذلك الموسيقى، وإن كان فيها شيء من الطرب واللذة للأسماع، ولكن ما تحمله من مفاسد على القلب، وصرف النفس عما هو أنفع لها من قراءة كلام الله تعالى، وتدبره، ونحو ذلك.
وأيضاً لما فيه من تحفيز النفس، ودعوتها نحو الشهوات، وإثارة الغرائز، وكل ذلك وأضعافه من المفاسد المشتملة عليه آلات العزف قد تغيب عن بعض الناس التي من أجلها حرم الله سبحانه وتعالى هذا الشيء الذي يراه بعض الناس جميلاً ولذيذاً، فكوني مطمئنةً إلى حسن تدبير الله سبحانه وتعالى، وأن كل ما يفعله لحكمة بالغة، ومع هذه الحكمة البالغة هو سبحانه وتعالى أرحم بنا من أنفسنا، فلا يحرم علينا ما فيه منفعتنا وصلاحنا.
أسأل الله سبحانه وتعالى أن يوفقك لكل خير، ويأخذ بيدك إليه.