أشعر بالغيرة من زملائي لسعادتهم وراحتهم، فكيف أتغلب على ذلك؟
2022-12-26 23:57:31 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
لدي سؤال غريب وأتمنى لو وجدت حله، أنا ما زلت طالبة ولدي مشاكل كثيرة في حياتي، لكن المشكلة الأهم هي أنني أغار بشدة من زملائي ومن الطلاب الذين يبتسمون ويملكون المال والملابس، وأرى البهجة والسرور عليهم، بخلافي فأنا أملك الكثير من المشاكل، وليس لدي شخصية جيدة، وأحاول دائمًا أن أبدو قوية لكنني بالواقع ضعيفة للغاية.
بشكل عام أنا لا أشتكي فقط من شخصيتي السيئة، إنما أيضاً من عدم قربي من الله تعالى، لدي شخصية كسولة ومتناقضة، ربما أكون على علم بما سيحدث لي غداً من عذاب، لكنني لا أفعل ما يُطلب مني، وأحيانًا تراودني أفكار ملحدة وغبية كلما فكرت بالأمر ويصبح أسوأ.
أرجو الحل والإجابة على سؤالي.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ نور حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
أهلاً بك -أختنا الكريمة- في موقعك إسلام ويب، وإنا نسأل الله أن يبارك فيك، وأن يحفظك، وأن يقدر لك الخير حيث كان، وأن يرضيك به، وبخصوص ما تفضلت به فاعلمي -أيتها المباركة- ما يلي:
أولاً: الإنسان دائماً يبصر مشاكله، ويرى ظواهر الناس البادية أمامه فيظن أنهم في عافية من البلاء، وهذا وهم، فالابتلاء سنة جارية يبتلى الله عز وجل الناس جميعاً ليعلم الصادق صدقه والكاذب كذبه، قال الله تعالى: ﴿وَلَنَبۡلُوَنَّكُمۡ حَتَّىٰ نَعۡلَمَ ٱلۡمُجَٰهِدِينَ مِنكُمۡ وَٱلصَّٰبِرِينَ وَنَبۡلُوَاْ أَخۡبَارَكُمۡ)، فالجميع -أختنا- مبتلى، ومادة الابتلاء مذكورة في القرآن: (ولنبلونكم بشيء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين * الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون * أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون)، فالزعم -أختنا- بأن أحداً ناج من البلاء وهم، وعدم معرفتنا بأنواع الابتلاءات التي وقعت للغير لا يعني أنها غير موجودة.
ثانياً: الابتلاء -أختنا- ليس دليل نقمة، ولكنه عند الصبر دليل عافية، ولا أدل على ذلك من أن أكثر الناس بلاء وأشدهم هم الأنبياء صفوة خلق الله تعالى، ثم يليهم من سار على دربهم من أهل الصلاح والتقى، وهذا لعلة أوضحها النبي -صلى الله عليه وسلم- حين سئل: (يا رسولَ اللهِ أيُّ الناسِ أشدُّ بلاءً؟ قال: الأنبياءُ، ثم الصالحون، ثم الأمثلُ فالأمثلُ، يُبتلى الرجلُ على حسبِ دِينِه، فإن كان في دِينِه صلابةٌ، زِيدَ في بلائِه، وإن كان في دِينِه رِقَّةٌ، خُفِّفَ عنه ولا يزالُ البلاءُ بالمؤمنِ حتى يمشي على الأرضِ وليس عليه خطيئةٌ).
ثالثاً: الابتلاء أحياناً كثيرة ينسي الإنسان بعض نعم الله عليه، والتي هي أمنية غيره، فأمنية الأعمى أن يبصر الوجوه ولو يوماً، ولو عرض عليه كل ابتلاءاتك وأن يرد إليه البصر لطار سعادة، وأمنية مريضة السرطان التي لا شفاء لمرضها أن تعيش صحيحة ولو يوماً بلا ألم، وأمنية مريض الكلى الذي يغسل كليته عبر أجهزة معقدة تستهلك وقته كله إلا قليلاً، هذا كذلك أقصى أمانيه أن يعيش فترة بلا ألم ولا تعب ولا ذهاب إلى المستشفى، وربما نحن في عافية من بعض هذه الأمور أو من كلها، ولكنا لا نبصر تلك النعم، ولو أبصرناها حقاً لحمدنا الله على ما نحن فيه، وزيارة واحدة إلى المستشفيات -عافاك الله- تخبرك عن العافية التي أنعم الله بها عليك.
رابعاً: عدم استحضار هذه المعانى، مع توقع خلو الناس من البلاء، ورؤية الابتسامة والسعادة في وجوه من حولك، مع ووسوسة الشيطان لك عن سبب ما أنت فيه، ولماذا؟ مع تضخيمه للبلاء الواقع عليك، وعدم استحضار من هم أشد منك ابتلاء، هو الذي أوقعك فيما أنت فيه -أختنا الكريمة-، وجعل الغيرة في كل من حولك قائمة، وأصابك الزهد في التغيير لأنك قد توهمت أنه لا بلاء أكثر مما أنت فيه، ولن يكون أسوء من واقعك، وهذا كله وهم -أختنا الكريمة-.
خامساً: إننا ندعوك للتغلب على ما أنت فيه بثلاثة أمور:
1- القراءة في باب القضاء والقدر وحكمته من أي كتاب في العقيدة، أو سماع تلك المادة من أي عالم ثقة.
2-استحضار من هم أشد منك ابتلاء، والنظر إليهم وحمد الله تعالى على ما أنعم به عليك من نعم أخرى هي أمنيات عند الآخرين.
3-استحضار الأجر عند الصبر على كل بلاء يقع، والإيمان بأن من وراء كل بلاء حكمة.
بهذا النظم -أختنا الكريمة- ستخف هذه الحالة رويداً رويداً، وكلما اقتربت من الله عز وجل، وكلما خلوت بالله، وكلما ذكرت الله، وكلما التمست الرضا من الله، وجدت الحياة أرحب وأجمل، ونعمت بحياتك، وصبرت على البلاء، وقاومت ما يمكن تغييره، وبهذا تتقدمين كل يوم خطوة.
نسأل الله أن يسعدك، وأن يبارك فيك، وأن يتقبلك في الصالحات والله الموفق.