بعد ابتعادي عن أهلي أصبحت حالتي النفسية سيئة.
2022-10-24 03:22:03 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم.
عمري ١٩سنة، قبل عام ابتعدت عن أهلي بسبب الدراسة، وكانت حالتي النفسية سيئة قليلاً، كان من حولي في مجال الدراسة سيئين، وكان لدي كوابيس سيئة جدًا، حاولت التقرب من الله كثيرًا، ودعوت في رمضان، وكنت أشعر أن الله غير راضٍ عني، مع أني ملتزم، ولكن قبل أكثر من شهرين، شُخصت بالتهاب في المعدة، آلمني كثيرًا، وبعدها بقليل ازدادت حالتي النفسية سوءًا، مع أني كنت في عطلة مع أهلي، ولم يحدث أي شيء سيء.
أتمنى كل يوم أن لا أعيش؛ لأني لم أعد أرى الحياة جميلة، أشعر دومًا أن الله غير راضٍ عني، ولكني أدعوه كل يوم أني لم أعد أحتمل أكثر، ولم يعد يهمني أي شيء من الدنيا.
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ Esma حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
نشكركم لتواصلكم معنا وثقتكم بموقعنا.
يؤسفنا ما مررتم به من أحداث مؤلمة متتالية، بدءًا من أصدقاء الدراسة السيئين، مرورًا بالتهاب المعدة، ولكن لا علاقة لهذه الأمور بالاستنتاج الذي خرجت به وهو أن "الله غير راضٍ عني"!
فهذا أمر غيبي لا يعلمه أحد، ووجود المصائب والابتلاءات ليست دليلاً-بالضرورة- على أن الله يكره أصحابها، بل قد تكون على العكس من ذلك، فقد قال الله تعالى: (وَلَنَبۡلُوَنَّكُم بِشَیۡء مِّنَ ٱلۡخَوۡفِ وَٱلۡجُوعِ وَنَقۡص مِّنَ ٱلۡأَمۡوَ ٰلِ وَٱلۡأَنفُسِ وَٱلثَّمَرَ ٰتِۗ وَبَشِّرِ ٱلصَّـٰبِرِینَ ٱلَّذِینَ إِذَاۤ أَصَـٰبَتۡهُم مُّصِیبَة قَالُوۤا۟ إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّاۤ إِلَیۡهِ رَ ٰجِعُونَ أُو۟لَـٰۤىِٕكَ عَلَیۡهِمۡ صَلَوَ ٰت مِّن رَّبِّهِمۡ وَرَحۡمَة وَأُو۟لَـٰۤىِٕكَ هُمُ ٱلۡمُهۡتَدُونَ ﴾ [البقرة ١٥٣-١٥٧].
فهؤلاء الذين ابتلاهم الله تعالى في الآية الكريمة هم مؤمنون، وقابلوا الابتلاء بالتسليم والرضى وقول: "إنا لله وإنا إليه راجعون" وعَنْ مُصْعَبِ بْنِ سَعْدٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَيُّ النَّاسِ أَشَدُّ بَلَاءً قَالَ: (الأَنْبِيَاءُ ثُمَّ الأَمْثَلُ فَالأَمْثَلُ، فَيُبْتَلَى الرَّجُلُ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَإِنْ كَانَ دِينُهُ صُلْبًا اشْتَدَّ بَلَاؤُهُ، وَإِنْ كَانَ فِي دِينِهِ رِقَّةٌ ابْتُلِيَ عَلَى حَسَبِ دِينِهِ، فَمَا يَبْرَحُ البَلَاءُ بِالعَبْدِ حَتَّى يَتْرُكَهُ يَمْشِي عَلَى الأَرْضِ مَا عَلَيْهِ خَطِيئَةٌ) رواه الترمذي.
وهكذا نرى أن الابتلاء يقع أساسًا على الأنبياء والصالحين تمحيصًا لهم وتهذيبًا لنفوسهم وإصلاحًا لقلوبهم، وتهيئة لحمل واجب الرسالة السماوية، فهل يمكن أن يقال بعد ذلك بأن من ابتلاه الله تعالى فهو غير راضٍ عنه.
إذن فأول خطوة هي أن تتخلصي من هذه الفكرة السلبية (الله غير رضٍ عني) وتستبدليها بالفكرة الإيجابية، (إن الله تعالى يحبني)، وقد سرنا أنك لجأت إلى الله تعالى في شهر رمضان، وندعوك لمواصلة هذا اللجوء في غير رمضان بالإقبال على الطاعة، والدعاء، وقراءة القرآن، والتزام أذكار الصباح والمساء، والتي ستكون أحد أسباب تفريج همك إن شاء الله.
كما ندعوك للمحافظة على هذا الدعاء: فعن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه- قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (ما أصاب أحدًا قطُّ همٌّ ولا حزنٌ فقال: اللهم إني عبدك، ابن عبدك، ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدلٌ فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسمٍ هو لك، سميتَ به نفسَك، أو علَّمتَه أحدًا من خلقك، أو أنزلتَه في كتابك، أو استأثرتَ به في علم الغيب عندك؛ أن تجعل القرآنَ ربيع قلبي، ونور صدري، وجلاء حزني، وذهاب همِّي؛ إلا أذهب اللهُ همَّه وحُزنَه، وأبدله مكانه فرحًا، قال: فقيل: يا رسول الله، ألا نتعلَّمها؟ فقال: بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلَّمها). أخرجه الإمام أحمد وغيره.
أما الدعاء بأن ينهي الله حياتك، فهو نوع من اليأس والقنوط، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: (لا يتمنينّ أحدكم الموت لضُر أصابه، فإن كان لابدّ فاعلاً فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيراً لي) متفق عليه، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (خيركم من طال عمره وحسن عمله)، وأنت لا تزالين في بداية حياتك، وتحتاجين لمزيد من الصبر، ومعرفة ما ينفعك وما يضرك في بحر الحياة الواسع.
بخصوص ألم المعدة يلزمك الذهاب لطبيب الباطنية للفحص والتشخيص، فإذا لم تكن هناك بكتيريا أو أسباب صحية، فقد يكون هذا الألم بسبب الضغط النفسي الحاصل معك، وبمجرد التخفيف من هذا الضغط النفسي سوف يخف معه ألم المعدة أيضًا.
نسأل الله أن ييسر أمرك، وأن يشرح صدرك، وأن يهديك سواء السبيل.