أخشى من أن أكون عاقة بأبي، فماذا أفعل معه؟
2022-09-13 04:10:43 | إسلام ويب
السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
أرجوكم ساعدوني، أبي منذ كنت أنا وأختي صغاراً كان يغضب لسبب أشياء تافهة ويبقى مدى العام أو أكثر لا يتحدث معنا، مع أننا كنا صغاراً، شخصيته صعبة في التعامل، مع العلم أنه يعيش في مدينة أخرى للعمل، هو من أراد أن يبتعد عنا منذ البداية، والآن عندما كبرنا أصبح طيباً معنا ويعطينا كل ما نطلب وينفق علينا، ولكن رغم ذلك لم يكن تعاملي معه مثل تعاملي مع أمي، فقد كنت أتحدث معه وأمزح، وكل طلب يطلبه أنفذه، ولكن أصبح قلبي بارداً، فمثلاً لا أستطيع الجلوس معه طويلاً مثل أمي، فأنا غير مرتاحة، فهو يفعل مشاكل من أبسط الأشياء مع ذلك أكلمه مرة في الأسبوع وتكون المكالمة باردة، وهو في الغالب انزعج من هذا البرود، فغضب وأصبح لا يكلمنا مرة أخرى، خفت كثيراً وقتها من العقوق وأصبحت ألوم نفسي، فذهبت واعتذرت وعانقته وبكيت فسامحني، ولكنه عاد كما كان من قبل بارداً لا يتحدث معي كثيراً، على الأغلب هو حزين من الأمر، مع أنه وفر لنا كل ما نستحقه، ولكن ماذا أفعل؟ لم أستطع! فعلت كل ما أستطيع، تعبت والموضوع أرهقني.
أرجوكم أريحوني، ماذا أفعل؟ وهل أنا عاقة؟
الإجابــة:
بسم الله الرحمن الرحيم
الأخت الفاضلة/ سارة حفظها الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:
مرحبا بك -بنتنا الفاضلة- في الموقع، ونشكر لك المشاعر النبيلة التي حملتك للكتابة إلينا، والتواصل في هذا الموضوع الهام، ونسأل الله أن يرزقك بر والديك وأن يلهمك السداد والرشاد هو ولي ذلك والقادر عليه.
لا يخفى عليك أن بر الوالدين من الطاعات العظيمة، بل ربطها العظيم سبحانه وتعالى بعبادته (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا)، (وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ وَبِٱلْوَٰلِدَيْنِ إِحْسَٰنًا ۚ)، حتى قال ابن عباس: لا يقبل الله عبادة من لا يطيع والديه، وأنت تشكرين على حسن التعامل والرغبة في التواصل مع الوالد، وأرجو أن تفعلي كل ما يرضيه؛ لأن هذا مطلب شرعي، وبر الوالدين عبادة لله تبارك وتعالى والعبادة لله تحتاج إلى فقه، أما إذا قام الإنسان بما عليه وأدى الذي يستطيع أن يفعله فلن يضره بعد ذلك إذا لم يرضَ الوالد أو ترضَ الوالدة.
والعزاء بعد آيات البر لمن أدى ما عليه في قوله تعالى: (رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِمَا فِى نُفُوسِكُمْ ۚ إِن تَكُونُواْ صَٰلِحِينَ فَإِنَّهُۥ كَانَ لِلْأَوَّٰبِينَ غَفُورًا)، ومع ذلك فنحن ندعوك إلى بذل المحاولات والسعي في إرضائه وإرضاء الوالدة، ولا تحاولي تذكر ما كان في الصغر، طالما أن الوالد عاد وأصبح يهتم بكم، وأعتقد أنه حتى في البداية نحن لا نملك إلا أن نصبر أمام قسوة الوالد أو الوالدة، بل ينبغي أن نتذكر أن الصبر عليهم هو نوع من برهم، وإذا لم يصبر الإنسان على والديه فعلى من يكون الصبر.
ومن المهم أن تدركي أن الأب أيضاً له حقوق، فإذا كنت تعاملين الوالدة معاملة جيدة وتحسنين إليها فهذا مطلوب وهي المقدمة في البر، لكن أيضاً في نفس الوقت ينبغي أن نعطي الوالد حقه من الاهتمام والرعاية والسعي في كل ما يرضيه، والسلف اهتموا بهذا الجانب، حتى إن بعضهم إذا جاء بثوب يهتم باللون الذي يحبه الوالد أو اللون الذي تحبه الوالدة، حتى في مثل هذه الأمور البسيطة.
نحن سعداء جداً بفكرة الاستشارة وسعداء بهذا الحرص على البر، ولذلك ندعوك إلى الاستمرار في إرضاء الوالد، فإن رضي فهذا ما نتمنى، وإن بذلت ما عليك ومع ذلك الوالد أصبح بارداً أو لم يرضَ الرضا التام فأجرك عند الله ثابت؛ لأن الله يقول: (لا يكلف الله نفساً إلا وسعها)، زادك الله براً وحرصاً وخيراً.